الحوادث المدرسية والمسؤولية التقصيرية للأطر التربوية في التشريع المغربي
الحوادث المدرسية والمسؤولية التقصيرية للأطر التربوية في التشريع
المغربي.
في ظل تزايد المخاطر المحدقة بالوسط المدرسي، يظل موضوع مسؤولية رجال التعليم
عن الحوادث المدرسية ذو راهنية كبيرة. ويعتقد البعض أن واجب الرعاية والحراسة
هما العمود الفقري لمهام رجل التعليم داخل المؤسسة التعليمية بالإضافة إلى مهمة
التدريس. وأن اي إخلال بهذا الواجب سماه المشرع خطأ ينتج عنه ما يسمى
بالمسؤولية المدنية والتي تنقسم بدورها إلى مسؤلية تقصيرية ومسؤولية عقدية. فهل
مسؤلية الأستاذ عن الحوادث المدرسية موجودة في مركب لا يعرف شاطئه؟ أم هناك
تأطير قانوني لهذه المسؤولية ؟
واذا كان كذلك فما هي شروط قيام المسؤولية التقصيرية في حق الأستاذ أو
الأستاذة عن الحوادث المدرسية ؟ وماهي آثار قيام هذه المسؤولية ؟
قبل الإجابة على كل هذه الأسئلة لابأس من إعطاء بعض الأمثلة لحالات التقصير في
القيام بالواجب المهني التي يمكن أن تترتب عنها المسؤلية التقصيرية للأستاذ أو
الأستاذة .
-أولا :أمثلة لحالات التقصير في القيام بالواجب المهني.
1-إحضار واستعمال كل ما من شأنه إلحاق الأذى كالآلات الحادة بالوسط المدرسي من
طرف المتعلمين والمتعلمات
2-ترك المتعلمين دون حراسة
3-تغيير جداول الحصص دون إخبار المتدخلين المعنيين
4-السماح لأي متعلم مريض مرضا معديا بمتابعة الدراسة قبل إحضاره لشهادة طبية
من مصلحة الصحة المدرسية المختصة تثبت شفاءه.
5-السماح بممارسة الألعاب العنيفة داخل المؤسسة.
السكوت عن السلوكات المشينة داخلة المؤسسة…..
-ثانيا : الإطار القانوني لمسؤولية الأستاذ عن الحوادث المدرسية.
نظم المشرع المغربي المسؤولية التقصيرية في المواد من 77 إلى 106 من قانون
الالتزامات والعقود.
فحسب المادة 77من قانون الالتزامات والعقود “كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة
واختيار ومن غير أن يسمح به القانون فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير، ألزم
مرتكبه بتعويض هذا الضرر اذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حدوث الضرر”
.
كما يمكن أن تترتب المسؤلية التقصيرية عن فعل الغير طبقا لمقتضيات الفصل 85
مكرر من قانون الالتزامات والعقود المغربي ، الذي ينص على” يسأل المعلمون
وموظفو إدارة الشبيبة والرياضة عن الضرر الحاصل من الأطفال والشبان خلال الوقت
الذي يوجدون فيه تحت رقابتهم. والخطأ وعدم الحيطة أو الإهمال الذي يحتج بها
عليهم، باعتباره السبب في حصول الفعل الضار، يلزم المدعي إثباته وفقا للقواعد
القانونية العامة”.
فحسب هذه المادة فمسؤولية رجال التعليم تتطلب وجود التلميذ تحت رقابة المعلم
وكون الخطأ قد ارتكب من طرف التلميذ أثناء هذه الفترة. ومسؤولية رجال التعليم
هنا مبنية على خطإ واجب الإثبات وبالتالي فإنه يتعين على المتضرر إثبات كون
الخطأ ناتج عن إهمال الأستاذ وعدم الحيطة. أي تقصيره في القيام بواجب الرعاية
والحراسة.
-ثالثا :شروط قيام المسؤلية التقصيرية في حق المدرس
كماهو واضح من المواد السابقة يشترط لقيام المسؤولية التقصيرية للأطر التربوية
توافر ثلاث شروط أساسية، وهي الخطأ، والضرر، والعلاقة السببية بين الخطأ
والضرر.
أي لابد من أن يكون هناك خطأ قد ارتكبه الأستاذ، كتغيير جداول الحصص دون إخبار
المتدخلين المعنيين ،أو السماح بممارسة الألعاب العنيفة داخل المؤسسة ،أوترك
التلاميذ دون حراسة…وينتج عن هذا الخطأ ضرر للغير سواء كان ضررا ماديا أو
معنويا. وأن يكون هذا الخطأ هو السبب في حدوث الضرر دون تدخل للعوامل الخارجية
فيه ،كالقوة القاهرة أو الحادث الفجائي.. غير أن هذا الخطأ واجب الإثبات، اي
لابد للمتضرر من إثبات وقوع الخطأ من جانب الأستاذ.
-رابعا: آثار قيام قيام المسؤولية التقصيرية في حق المدرس .
اذا تحققت شروط المسؤولية التقصيرية كما أشرنا إليها سابقا فإن المتضرر يكون
له الحق في التعويض عن الضرر الذي لحق به، فهل الأستاذ هو الذي يتحمل تعويض هذا
الضرر؟
حسب مقتضيات الفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أن (الدولة
والبلديات مسؤولة عن الأضرار الناتجة عن مباشرة تسيير إدارتها وعن الأخطاء
المصلحية لمستخدميها)
وحسب الفصل 80 من نفس القانون فالدولة غير مسؤولة عن الأضرار الناتجة عن تدليس
مستخدميها ومستخدمي البلديات أو الأخطاء الجسيمة الواقعة منهم في أداء
وظائفهم.
فحسب مقتضيات الفصل 79 من ق.ل.ع
فالمشرع المغربي أقر بالمسؤولية المدنية للدولة عن الحوادث المدرسية وبالتالي
هي التي تتحمل مسؤولية تعويض الطرف المتضرر، ما لم يثبت تدليس الأستاذ أو
ارتكابه لخطأ جسيم ، في هذا الحالة للدولة الحق في الرجوع إليه لاستخلاص مبلغ
التعويض.
غير أنه في القطاع الخاص فالتعويض يخضع لأحكام قانون حوادث الشغل والأمراض
المهنية، ويتضح ذلك من الفصل 24 من النظام الأساسي للتعليم الحر الذي يفرض على
المسؤولين عن المؤسسات التعليمية الحرة التأمين على مسؤوليتهم وذلك لتغطية
الأضرار الناتجة عن مؤسستهم.
ختاما أتمنى أن يكون الموضوع قد نال إعجابكم، ولا تبخلوا علينا بتعليقاتكم
لإغناء الموضوع.
0 تعليقات