التعليم عن بعد بين الإيجابيات والسلبيات
التعليم عن بعد بين السلبيات والإيجابيات
حفيظ الصوفي
لا شك أن العالم يعيش ظروفا استثنائية بسبب انتشار فيروس كورونا، الشيء الذي دفع الحكومات عبر مختلف الدول إلى اتخاذ مجموعة من التدابير والقرارات الاستثنائية لمواجهة تداعيات انتشار هذا الوباء، الذي فرض نفسه على الجميع، دون أن يفرق بين الدول العظمى وغيرها من الدول.
والمغرب كغيره من دول العالم، كان سباقا إلى فرض مجموعة من الإجراءات الاحترازية للحد من خطر انتشار الجائحة وتداعياتها على الشعب المغربي، حتى إن مجموعة من القادة اقتدوا بنهجه وأشادوا بملكه محمد السادس نصره الله، الذي ضحى بالاقتصاد من أجل صحة المغاربة.
ومن أهم القرارات التي اتخذها المغرب، توقيف الدراسية الحضورية في شهر مارس المنصرم، وتعويضها بالدراسة عن بُعد، فما هي سلبيات التعليم عن بُعد؟ وما هي إيجابياته؟
كما هو معلوم بالضرورة، فإن أي قرار مفاجئ قد تكون له سلبيات وقد تكون له إيجابيات، لأن القرارات الارتجالية تُتخذ في التو واللحظة دون تخطيط مُسبق.
ولكن لا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي في ظل الوضع الاستثنائي الذي تمر به البلاد، لأن التعليم شيء ضروري ولا يمكن التوقف عن الدراسة بشكل نهائي، إذ لابد من طرح البديل، وهو التعليم عن بُعد بما له وما عليه.
من سلبيات التعليم عن بُعد:
بما أن قرار التعليم عن بُعد اتُخذ بشكل ارتجالي، فأكيد ستكون له سلبيات، لأنه خطوة غير مدروسة، بل فرضتها الظروف الاستثنائية الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، ومن تلك السلبيات:
- عدم جاهزية الأسر والتلاميذ والأساتذة للعمل بالطريقة الجديدة، لأن القرار اتُخذ بشكل مفاجئ، ولم يكن أحد مستعدا نفسيا ومعنويا للدراسة عن بُعد.
- الجهل من طرف الكثيرين باستخدام الأجهزة الإلكترونية للتواصل عن بُعد، فهناك العديد من التلاميذ والأساتذة لا يعرفون كيفية استعمال التطبيقات على الأجهزة الإلكترونية للتواصل عن بُعد.
- عدم توفر البعض على الأجهزة المناسبة للتواصل عن بُعد حتى وإن كان يجيد استخدامها، فهناك من الفقراء من لا يستطيع أن يوفر لأبنائه الهواتف الذكية المناسبة، وخاصة إذا تعدد الأبناء.
- عدم توفر البنيات التحتية الكافية لتمكين الجميع من التعلم عن بُعد، كانعدام الكهرباء وشبكة الإنترنيت في بعض القرى والبوادي.
- اعتبار التلاميذ غير المجدين التعليم عن بُعد مجرد ضياع للوقت، ولم يأخذوا الأمر على محمل الجد، بل منهم من اعتبره مجرد قيد لمنعهم من الخروج إلى الشارع، وخاصة بعدما علموا أنهم لن يُمتحنوا في ما تم تدريسه عن بُعد، بل سيُختبرون فقط فيما تمت دراسته أثناء التعليم الحضوري.
- بالنسبة للتعليم الابتدائي يكاد التعليم عن بُعد يكون مستحيلا، لأن التلاميذ ما زالوا صغارا ولا يمكنهم فهم بعض المواد عن طريق التعليم عن بُعد.
- الاقتصار على الجانب النظري فقط، أما الجوانب التطبيقية فيكاد يكون مستحيلا التطرق إليها وإجراؤها عن بُعد.
- استحالة إجراء الاختبارات والفروض عن بُعد لانعدام تكافؤ الفرص بين المتعلمين.
- الإرهاق الذهني والبدني بسبب التعامل مع الأجهزة الإلكترونية، مما يؤثر على الظهر والرقبة والعينين، وخاصة إذا استمر الوضع لبضع ساعات.
- التعليم عن بُعد سبب مشاكل لبعض الأسر التي تعمل خارج البيت، حيث إنها لم تجد من يعتني بالأبناء ولا من يراقبهم أثناء التعليم عن بُعد ويحثهم عليه.
- التعليم عن بُعد تسبب في مشاكل كثيرة بين الأسر والمؤسسات التعليمية، لأن مجموعة من الأسر رفضت الأداء بدعوى أن أبناءها لم يستفيدوا من التعليم عن بُعد، أو بدعوى أن الاتفاق كان حول التعليم الحضوري وليس عن بُعد.
- التعليم عن بُعد كان سببا في عطالة مجموعة من الموظفين عن العمل وخاصة بمؤسسات التعليم الخصوصي، مما خلق جدلا كبيرا بين هؤلاء الموظفين وأرباب العمل.
هذه مجموعة من سلبيات التعليم عن بعد وربما هناك غيرها، فما هي إيجابياته؟
من إيجابيات التعليم عن بعد:
- أنه حد من انتشار الفيروس، وساهم في سلامة التلاميذ والأساتذة والمواطنين بصفة عامة، دون الانقطاع عن الدراسة.
- أنه عوض التعليم الحضوري بطريقة أو بأخرى، بغض النظر عن السلبيات، إذ لا يمكن أن نوقف الدراسة بشكل نهائي، بل علينا أن نتأقلم مع الظروف الاستثنائية بشيء استثنائي.
- أنه نبهنا إلى ضرورة الاستعداد، وإعداد العدة تفاديا لأي طارئ قد يطرأ مستقبلا، ولذلك علينا أن نكون جاهزين ونخطط للمستقبل ونعزز إمكانياتنا، وخاصة في مجال الإعلاميات.
- أنه كان في صالح التلاميذ المجدين، لأنهم وجدوا الفرصة مناسبة لطرح كل تساؤلاتهم على الأساتذة ما دام الباب مفتوحا لذلك عن طريق التواصل عن بُعد، على عكس التعليم الحضوري الذي يكون وقته مقيدا بانتهاء الحصة.
- أنه كان في صالح الأسر الميسورة التي توفر لأبنائها جميع الإمكانيات للتعليم عن بُعد من هواتف وحواسيب وغيرها.
- أنه كان في صالح تلاميذ الإعدادي فما فوق، لأن أغلبهم يعرف كيف يتعامل مع الأجهزة الإلكترونية وخاصة لمن لديه الرغبة في الدراسة، على عكس تلاميذ الابتدائي.
- أنه وفر الوقت، وخاصة الوقت الذي نقضيه في وسائل النقل والتنقل من المنزل إلى المدرسة ومن المدرسة إلى المنزل.
- أنه علم بعض التلاميذ الاعتماد على أنفسهم دون الحاجة إلى مراقبتهم من طرف الأستاذ.
فهذه مجموعة من إيجابيات التعليم عن بُعد، وبالمقارنة بين السلبيات والإيجابيات نجد أن السلبيات أكثر من الإيجابيات.
وعليه فإننا نطرح أكثر من تساؤل حول كيفية التعامل مع الدخول المدرسي المقبل، في ظل الظروف الصحية الخطيرة التي يمر بها المغرب جراء انتشار فيروس كورونا.
0 تعليقات