المقاربة التشاركية و الحياة المدرسية، أية علاقة ؟
المقاربة التشاركية و الحياة المدرسية، أية علاقة ؟
بقلم صلاح الدين زكاري
مقدمة:
اعتبارا لمكانة منظومة التربية و التكوين و البحث العلمي في تحقيق المشروع المجتمعي للبلاد، و توخيا للرقي بجودة التدخلات ذات الصلة بالمجال التربوي على كافة الأصعدة، فقد مرت عمليات إصلاح النظام التعليمي بالمغرب عبر مجموعة من المحطات أهمها:
* الميثاق الوطني للتربية و التكوين ابتداء من سنة 1999؛
* المخطط الاستعجالي 2009 / 2012؛
* الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015 / 2030؛
* اختتمت بتنزيل القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية و التكوين و الصادر في 9 غشت 2019، دون إغفال الإشارة إلى العديد من المراسيم و الدلائل و المقررات و المذكرات كإحدى الآليات التنظيمية و التقنية لأجرأة مختلف التدخلات.
و من هذا المنطلق، نعتبر أن التمكن من المرتكزات و الأسس التشريعية و التربوية غير كاف؛ إلا إذا تم إعمال و توظيف مجموعة من المقاربات في الحياة المدرسية عبر مختلف أنشطتها سواء الصفية أو المندمجة، أما المقاربات فهي متعددة و متنوعة، و من بينها نذكر على سبيل المثال لا الحصر:
// المقاربة التشاركية // مقاربة الإنصاف و النوع // مقاربة الملاءمة // المقاربة النسقية // المقاربة الحقوقية // مقاربة التدبير بالنتائج.
و بناء عليه، يبقى تدبيرها نظريا و تطبيقيا في الشأن التربوي الغرض المأمول في أفق تحقيق الأهداف المتوخاة. لكن لن يسمح المقام بالحديث عن كافة المقاربات، لهذا سنقتصر على مقاربة واحدة؛ هي المقاربة التشاركية، وسيتم تقسيم الموضوع إلى محورين:
المحور الأول: الحياة المدرسية و المقاربة التشاركية
المحور الثاني: المقاربة التشاركية: الشروط و الانتظارات.
المحور الأول: الحياة المدرسية و المقاربة التشاركية
تعتمد الحياة المدرسية على فلسفة التشارك، و يعني هذا؛ ضرورة إشراك الكثير من الفاعلين؛ سواء من داخل المؤسسة التعليمية (التلاميذ و التلميذات، المدرسون و المدرسات، ثم رجال و نساء الإدارة)، أما من خارجها فهناك (المفتشون التربويون، أولياء أمور التلاميذ، الجماعات الترابية، فعاليات المجتمع المدني، و السلطة المحلية، ثم الشركاء). و من هنا، يمكن تصنيف الشراكة إلى نوعين:
* شراكة داخلية و * شراكة خارجية، علاوة على ذلك، تتخذ القرارات بشكل تشاركي جماعي بغية الوصول إلى نتائج مثمرة و هادفة.
فماهي إذن تمظهرات التشاركية من داخل المؤسسة التعليمية؟
تتجلى بعض هذه التمظهرات من خلال الآتي ذكره:
· تكريس منهجية التدبير التشاركي للمؤسسة بحيث يتم إشراك المدرسات و المدرسين، و المتعلمات و المتعلمين في بلورة رؤية جماعية للارتقاء بجودة الخدمات التي تقدمها المؤسسة.
· الإحساس بالأمان و الارتياح من خلال تقاسم المهام و الأدوار و المسؤوليات، و ذلك انطلاقا من التفعيل العملي للتدبير التشاركي، و منه، تفويض بعض الاختصاصات بغرض التخفيف من الأعباء.
· محاولة تطوير قدرات الفاعلين الذاتية، و الأجرأة الفعلية للمقاربة التشاركية بغية تجاوز حالة الفتور الصورية؛ التي تعاني منها جل الاجتماعات الرسمية و غير الرسمية بالمؤسسات التعليمية.
المحور الثاني: المقاربة التشاركية: الشروط و الانتظارات
1. الشروط :
على مستوى الدستور:
v تفعيل الحق في الحصول على المعلومة المنصوص عليه في الفصل 27 من دستور 2011، و منه، أجرأة و تنزيل القانون 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة و الصادر بتاريخ 22 فبراير 2018. ( في هذا الشأن هناك دليل حول القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات صادر عن وزارة إصلاح الإدارة و الوظيفة العمومية، السنة 2018).
v تكريس مبادئ من قبيل الحكامة الجيدة (تصدير الدستور، الفصل الأول، و الباب الثاني عشر من الدستور المعنون: (الحكامة الجيدة – مبادئ عامة) .
v إرساء مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة (الفصل 1 من الدستور).
v ترسيخ التلازم بين حقوق و واجبات المواطنة (تصدير الدستور).
على مستوى القانون و المراسيم و الدلائل و المقررات و المذكرات:
v أجرأة و تنزيل القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية و التكوين و البحث العلمي.
v اعتماد المقاربة التشاركية و التدبير المتمحور حول النتائج عند تشخيص وضعية المؤسسة و تحديد الأولويات.
v تفادي إهدار الزمن المدرسي، بمعنى آخر تحديد جدولة زمنية لمختلف مراحل مشروع المؤسسة.
v توزيع الأدوار فيما يخص إنجاز المشروع بين مختلف الفاعلين التربويين و الشركاء.
2. الانتظارات:
v إرساء أسس الحكامة التربوية الجيدة و سياسة القرب.
v توظيف فعلي للمقاربة التشاركية و التدبير بالنتائج.
v تكريس منهجية التدبير الجماعي للمؤسسة (إشراك الفاعلين التربويين بالمؤسسة، بما فيهم المتعلمون و المتعلمات).
v جعل المدرسة فضاء مفعما بالحياة عبر مختلف الأنشطة المدرسية.
v الارتقاء بجودة تدبير المؤسسة إداريا و تربويا.
v تفعيل مجالات الحياة المدرسية لتجاوز مختلف الاختلالات أو الإكرهات في أفق تحقيق الانتظارات و التطلعات.
خاتمة:
إن مجالات الحياة المدرسية تقتضي من المدبر الفعال؛ إعمال مجموعة من المبادئ و المرتكزات و وفق آليات دستورية و قانونية دون إغفال استحضار سمات القائد المبادر و الملهم و غيرها من الخصائص و المميزات؛ التي إن توفرت تساعد على تذليل الصعاب، و بالتالي التفعيل الأمثل للمشاريع التربوية و وفق رؤية استشرافية تتساوق مع التوجهات العامة للبلاد، و يتوخى من خلالها كافة المتدخلين و الشركاء إضفاء الحس الوطني أو بعبارة أخرى تكريس متلازمة الحق و الواجب في مختلف التدخلات هذا من جهة أولى، و من جهة ثانية استحضار البعد النفعي أي المنفعة العامة لما يخدم الصالح العام، و لن يتأتى ذلك إلا في ظل توافر إرادة مجتمعية، و توحيد الرؤى حول ما نصبو إليه من المدرسة المغربية.
إرسال تعليق