إضاءات حول إدماج بعد التوجيه في مشروع المؤسسة ومقترحات إجرائية
بقلم محمد الدريسي - مفتش منسق جهوي للتوجيه
يعتبر مشروع المؤسسة آلية أساسية لقيادة المؤسسة التعليمية، وإطارا منهجيا لتنزيل الإجراءات والتدابير الإصلاحية في علاقتها بواقع الحياة المدرسية والممارسة التربوية؛ كما أن ترسيخ العمل بمشروع المؤسسة يساهم في إرساء ثقافة التخطيط والتدبير المبني على النتائج لدى جميع الفاعلين التربويين، مما يعطي معنى أكبر لتقييم الأداء وربط المسؤولية بالمحاسبة.
إن المدرسة المغربية في حاجة ـ أكثر من أي وقت مضى ـ لإستنبات ثقافة التخطيط والعمل بالمشروع في حقل من الممارسات التربوية والتدبيرية يتسم في كثير من الأحيان بالارتجالية والتلقائية وضعف التتبع والتقويم، وهي ممارسات تلقى صداها ـ أولا ـ لدى التلميذ، وتشكل لديه نهجا للتعامل مع الحياة الدراسية وربما للتعامل مع الحياة الشخصية والعامة.
من هنا تتضح أهمية إدماج بعد التوجيه المدرسي والمهني في مشروع المؤسسة، باعتباره بعدا يجسد العمل بمقاربة المشروع ويشكل تمفصلا مستعرضا بين ممارسات الفاعلين في المدرسة ومخرجاتها؛ فإدماج هذا البعد سيمكن من التركيز على التلميذ باعتباره الفاعل الأول في مساره الدراسي والمسؤول عن بناء مشروع شخصي يؤهله للاندماج السوسيومهني مستقبلا، مما يستدعي إعادة النظر في أدوار الأستاذ بصفته مدرسا ومربيا ومواكبا لهذا التلميذ من أجل إكسابه المعارف والمهارات والكفايات الكفيلة بتحقيق مشروعه الشخصي، وإعادة النظر في الممارسات الصفية بالشكل الذي يجعلها تتفاعل مع عناصر هذا المشروع؛ كما يتيح هذا البعد مجالا لمختلف المتدخلين من أطر التوجيه وأطر الإدارة وغيرهم من أجل تتبع أوضاع التلاميذ وإعداد الخطط والتدخلات لمساعدتهم على تجاوز الصعوبات التي يواجهونها سواء دراسيا أو اجتماعيا أو صحيا أو نفسيا؛ ويتيح كذلك مساحة للتشارك مع الفاعلين المجتمعيين والاقتصاديين، بما يساهم في انفتاح المدرسة على محيطها وملاءمة التعلمات والأنشطة المدرسية لمتلطبات الحياة المهنية والاجتماعية.
وقد يتساءل العديد من أعضاء فرق القيادة المهتمة ببلورة مشاريع المؤسسات عن السبل الإجرائية الممكنة لإدماج بعد التوجيه المدرسي والمهني ارتباطا بتنزيل التدابير الإصلاحية التي تعرفها المنظومة...؛ وهنا لابد أولا من توحيد التمثل للمفهوم كمدخل أساسي للخوض في الجوانب المنهجية الإجرائية، فنحن نتحدث عن التوجيه المدرسي والمهني ـ في هذا السياق ـ كمفهوم شامل يتجاوز العمل التقني التخصصي ويتجاوز الإعلام حول الشعب والتكوينات والآفاق، إلى العمل التربوي المندمج والمتضافر الذي يساهم فيه جميع المتدخلين والفاعلين في المدرسة كل من موقعه، والذي يهدف في النهاية إلى تمكين التلميذ من النجاح في مساره الدراسي والتكويني، وتيسير اندماج في المجتمع بما يحقق به ذاته ويجعله إنسانا ناجحا في حياته المهنية والاجتماعية، وبما يعود بالنفع على أسرته ووطنه؛
إذن نحن لسنا بصدد إجراءات أو قرارات ظرفية تقنية أو إدارية، وإنما بصدد سيرورة منتظمة تنصهر فيها الممارسات الصفية بأنشطة الحياة المدرسية وبتدخلات أطر التوجيه وأطر الإدارة وشركاء المؤسسة.
المسألة الأخرى التي ينبغي إثارتها، هي أن الأمر لا يتعلق بالمؤسسات الثانوية فحسب، بل يمتد إلى المدارس الابتدائي، أخذا بعين الاعتبار توجهات الرؤية الاستراتيجية والبرنامج الملتزم به أمام جلالة الملك في هذا الشأن، والتي تؤكد على مقاربة التوجيه المبكر منذ السنة الخامسة ابتدائي.
وبناء عليه، وبعد توحيد التصور في الموضوع، يكون فريق القيادة مدعوا للتفكير الجماعي وبانسجام مع المنهجية المعتمدة، في الإمكانيات والفرص المتاحة لإدماج بعد التوجيه المدرسي والمهني في مشروع المؤسسة، والتي تختلف حسب خصوصيات المؤسسة وحاجياتها وإكراهاتها؛ وفي جميع الأحول ينبغي أن تبقى الإجراءات المقترحة ضمن الخيط الناظم والإطار العام المتفق عليه من حيث المفهوم والأدوار والأهداف والمخرجات.
وإسهاما في توضيح الصورة أكثر من الناحية الإجرائية، وترصيدا لممارسات جيدة ومبادرات نوعية في عدد من المؤسسات، نقدم في الجدول المرفق مقترحات إجرائية كأرضية للإستئناس بها من طرف فرق القيادة عند مدارستها لهذا الموضوع.
وكما سبقت الإشارة، فهذه مجرد أرضية أولية يمكن لفرق القيادة الانطلاق منها لصياغة إجراءات وأنشطة تستجيب لحاجيات المؤسسة وتلائم إمكانياتها المتاحة؛ مع التأكيد على ضرورة اعتماد مؤشرات واضحة وقابلة للقياس لكل إجراء أو نشاط تم إقراره، في أفق تقييم تنفيذ إجراءات المشروع مرحليا (عند نهاية الموسم) وإدخال التعديلات المطلوبة كلما استلزم الأمر ذلك.
محمد الدريسي
مفتش منسق جهوي للتوجيه
إن المدرسة المغربية في حاجة ـ أكثر من أي وقت مضى ـ لإستنبات ثقافة التخطيط والعمل بالمشروع في حقل من الممارسات التربوية والتدبيرية يتسم في كثير من الأحيان بالارتجالية والتلقائية وضعف التتبع والتقويم، وهي ممارسات تلقى صداها ـ أولا ـ لدى التلميذ، وتشكل لديه نهجا للتعامل مع الحياة الدراسية وربما للتعامل مع الحياة الشخصية والعامة.
من هنا تتضح أهمية إدماج بعد التوجيه المدرسي والمهني في مشروع المؤسسة، باعتباره بعدا يجسد العمل بمقاربة المشروع ويشكل تمفصلا مستعرضا بين ممارسات الفاعلين في المدرسة ومخرجاتها؛ فإدماج هذا البعد سيمكن من التركيز على التلميذ باعتباره الفاعل الأول في مساره الدراسي والمسؤول عن بناء مشروع شخصي يؤهله للاندماج السوسيومهني مستقبلا، مما يستدعي إعادة النظر في أدوار الأستاذ بصفته مدرسا ومربيا ومواكبا لهذا التلميذ من أجل إكسابه المعارف والمهارات والكفايات الكفيلة بتحقيق مشروعه الشخصي، وإعادة النظر في الممارسات الصفية بالشكل الذي يجعلها تتفاعل مع عناصر هذا المشروع؛ كما يتيح هذا البعد مجالا لمختلف المتدخلين من أطر التوجيه وأطر الإدارة وغيرهم من أجل تتبع أوضاع التلاميذ وإعداد الخطط والتدخلات لمساعدتهم على تجاوز الصعوبات التي يواجهونها سواء دراسيا أو اجتماعيا أو صحيا أو نفسيا؛ ويتيح كذلك مساحة للتشارك مع الفاعلين المجتمعيين والاقتصاديين، بما يساهم في انفتاح المدرسة على محيطها وملاءمة التعلمات والأنشطة المدرسية لمتلطبات الحياة المهنية والاجتماعية.
وقد يتساءل العديد من أعضاء فرق القيادة المهتمة ببلورة مشاريع المؤسسات عن السبل الإجرائية الممكنة لإدماج بعد التوجيه المدرسي والمهني ارتباطا بتنزيل التدابير الإصلاحية التي تعرفها المنظومة...؛ وهنا لابد أولا من توحيد التمثل للمفهوم كمدخل أساسي للخوض في الجوانب المنهجية الإجرائية، فنحن نتحدث عن التوجيه المدرسي والمهني ـ في هذا السياق ـ كمفهوم شامل يتجاوز العمل التقني التخصصي ويتجاوز الإعلام حول الشعب والتكوينات والآفاق، إلى العمل التربوي المندمج والمتضافر الذي يساهم فيه جميع المتدخلين والفاعلين في المدرسة كل من موقعه، والذي يهدف في النهاية إلى تمكين التلميذ من النجاح في مساره الدراسي والتكويني، وتيسير اندماج في المجتمع بما يحقق به ذاته ويجعله إنسانا ناجحا في حياته المهنية والاجتماعية، وبما يعود بالنفع على أسرته ووطنه؛
إذن نحن لسنا بصدد إجراءات أو قرارات ظرفية تقنية أو إدارية، وإنما بصدد سيرورة منتظمة تنصهر فيها الممارسات الصفية بأنشطة الحياة المدرسية وبتدخلات أطر التوجيه وأطر الإدارة وشركاء المؤسسة.
المسألة الأخرى التي ينبغي إثارتها، هي أن الأمر لا يتعلق بالمؤسسات الثانوية فحسب، بل يمتد إلى المدارس الابتدائي، أخذا بعين الاعتبار توجهات الرؤية الاستراتيجية والبرنامج الملتزم به أمام جلالة الملك في هذا الشأن، والتي تؤكد على مقاربة التوجيه المبكر منذ السنة الخامسة ابتدائي.
وبناء عليه، وبعد توحيد التصور في الموضوع، يكون فريق القيادة مدعوا للتفكير الجماعي وبانسجام مع المنهجية المعتمدة، في الإمكانيات والفرص المتاحة لإدماج بعد التوجيه المدرسي والمهني في مشروع المؤسسة، والتي تختلف حسب خصوصيات المؤسسة وحاجياتها وإكراهاتها؛ وفي جميع الأحول ينبغي أن تبقى الإجراءات المقترحة ضمن الخيط الناظم والإطار العام المتفق عليه من حيث المفهوم والأدوار والأهداف والمخرجات.
وإسهاما في توضيح الصورة أكثر من الناحية الإجرائية، وترصيدا لممارسات جيدة ومبادرات نوعية في عدد من المؤسسات، نقدم في الجدول المرفق مقترحات إجرائية كأرضية للإستئناس بها من طرف فرق القيادة عند مدارستها لهذا الموضوع.
وكما سبقت الإشارة، فهذه مجرد أرضية أولية يمكن لفرق القيادة الانطلاق منها لصياغة إجراءات وأنشطة تستجيب لحاجيات المؤسسة وتلائم إمكانياتها المتاحة؛ مع التأكيد على ضرورة اعتماد مؤشرات واضحة وقابلة للقياس لكل إجراء أو نشاط تم إقراره، في أفق تقييم تنفيذ إجراءات المشروع مرحليا (عند نهاية الموسم) وإدخال التعديلات المطلوبة كلما استلزم الأمر ذلك.
مقترحات إجرائية لإدماج بعد التوجيه في مشروع المؤسسة
1- بالنسبة للسلك
الابتدائي:
المحور
|
الإجراءات
|
المتدخلون
|
تتبع أوضاع المتعلمين (دراسيا واجتماعيا وصحيا ونفسيا)
|
تعبئة واستثمار شبكة لتشخيص الأوضاع الاجتماعية والصحية والنفسية لفائدة
التلاميذ الجدد (البحث الاجتماعي...)
|
· إدارة المؤسسة
· الأساتذة
· خلية اليقظة
|
اعتماد آلية لرصد حالات التلاميذ ذوي الأوضاع الخاصة
|
||
وضع خطة مؤسساتية لمواكبة التلاميذ ذوي الأوضاع الخاصة
|
· المجلس التربوي
· مجلس القسم
· خلية الإنصات
|
|
إعداد المتعلمين لما بعد السلك الابتدائي
|
الإعلام حول الاختيارات المتاحة للتلاميذ بعد السنة السادسة ابتدائي (
التعليم العام، المسارات المهنية ، التكوين المهني)
|
· مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه
· إدارة المؤسسة
|
استحضار التناوب اللغوي عبر إدماج المصطلحات باللغة الفرنسية في تدريس
المواد العلمية (الرياضيات، النشاط العلمي)
|
· الأساتذة
· المفتش التربوي
|
|
الانفتاح على المحيط السوسيومهني
|
استقبال مهنيين في حصص دراسية
أو في أنشطة الحياة المدرسية
|
· مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه
· إدارة المؤسسة
· الأساتذة
· المفتشون
· الأندية التربوية
|
اعتماد "سياقات مهنية" لتدريس بعض المضامين الدراسية (تدبير
استكشاف المهن)
|
||
إحداث نادي " استكشاف المهن"
|
· إدارة المؤسسة
· الأساتذة المشرفون على الأندية
· التلاميذ
|
|
تنظيم زيارات لمقاولات أو مؤسسات اجتماعية واقتصادية
|
مقترحات إجرائية لإدماج بعد التوجيه في مشروع المؤسسة
2- بالنسبة للمؤسسات
الإعدادية والتأهيلية:
المحور
|
الإجراءات
|
المتدخلون
|
تتبع أوضاع المتعلمين (دراسيا واجتماعيا وصحيا ونفسيا)
|
تعبئة واستثمار شبكة لتشخيص الأوضاع الاجتماعية والصحية والنفسية لفائدة
التلاميذ الجدد
|
· الحارس العام
· الإطار في التوجيه
· بعض الأساتذة
|
اعتماد آلية لرصد حالات التلاميذ ذوي الأوضاع الخاصة
|
· الحارس العام
· الأساتذة
· الإطار في التوجيه
· خلية اليقظة
|
|
وضع خطة مؤسساتية لمواكبة التلاميذ ذوي الأوضاع الخاصة
|
· المجلس التربوي
· مجلس القسم
· خلية الإنصات
|
|
وضع خطة مؤسساتية لمواكبة التلاميذ في تعلم المواد العلمية باللغة
الفرنسية
|
· إدارة المؤسسة
· الأساتذة
· المفتشون المعنيون
|
|
مواكبة المتعلمين في بناء مشاريعهم الشخصية
|
اعتماد أدوات لمأسسة العمل بالمشروع الشخصي (كراسة/ استمارة/ ملف...)
|
· التلميذ
· الإطار في التوجيه
· الحارس العام
· الأستاذ
|
وضع برنامج لتأطير ومواكبة التلاميذ في بناء مشاريعهم الشخصي
|
· الإطار في التوجيه
· أساتذة
· أطر وخبرات ...
|
|
اعتماد جدول ملاحظات الأساتذة بشأن رغبات التوجيه وإعادة التوجيه
|
· الإطار في التوجيه
· الحارس العام
· الأستاذ
|
|
استثمار الأدوات المعتمدة في المواكبة
|
· المجلس التربوي
· مجالس الأقسام
· لجن الاختيار الأولي
·
الإطار في التوجيه
· الحارس العام
|
|
الانفتاح على المحيط السوسيومهني
|
استقبال مهنيين في حصص دراسية
أو في أنشطة الحياة المدرسية
|
· الأساتذة المعنيون
· المفتشون المعنيون
· الإطار في التوجيه
· الحارس العام
|
اعتماد "سياقات مهنية" لتدريس بعض المضامين الدراسية
|
||
إحداث نادي " التوجيه والمهن"
|
· التلاميذ
· الأساتذة المشرفون على الأندية
· الإطار في التوجيه
|
|
تنظيم زيارات لمقاولات أو مؤسسات اجتماعية واقتصادية
|
مفتش منسق جهوي للتوجيه
إرسال تعليق