هنا يتوقف المشوار...كلمات مؤثرة لرجل تعليم متقاعد تلهب الفايسبوك
بكثير من التأثر والمشاعر الإنسانية النبيلة تفاعل عدد من رواد مواقع التواصل الإجتماعي وخصوصا فايسبوك مع تدوينة للأستاذ نور الدين النبهاني أستاذ التعليم الإبتدائي بمدرسة فرعية ولاد ايكو م/م النخيلة جاء فيها:
بقلم الأستاذ نور الدين النبهاني - أطال الله في عمره
المشوار ( آنطلق في 1979 وينتهي 2019)
.....هنا يتوقف المشوار ...و أنا أقدم آخر حصة في آخر مادة بالقسم السادس.. أنظر الى ساعتي .. آنتبهت..إنها الدقيقة الاخيرة من حصتي ومن مشواري ..أعلنْتُ عَنْ نهاية آخر درس في مسيرتي المهنية ...
أمسح السبورة عن آخرها.. أخلع وِزْرَتي في صمْت ثم أطْويها بِهُدوء مُصْغِيا لدقات قلبي وأنا أحيي تلاميذتي جميعا..وأبلغهم مُبتسما أنهم آخر فوج يتتلمذ على يدي. وهنا.. في هذا المكان وفي هذه اللحظة يتوقف المشوار.. وقفوا أحتراما إما لمكانة العلم أو لرهبة المشهد و بين تصفيق منهم و دعوات...آنتابني شعوركنت قد آعتدت عليه مع نهاية كل سنة و توديع فوج تلك السنة لكن هذه المرة كان شعورا غريبا و إحساسا مبهما وكأنّ الزمن يتوقف مع توقف مساري .. قرأت في عيون الحاضرين الدهشة وعلى وجوههم الاستغراب كما رأيت جدران قسمي تبتسم حزينة وهي تودعني بعد عِشْرَة طويلة دامت أكثر من عشرين سنة.. أحسست بالوحشة شعرت بالدوار وأنا أنظر حولي.. الى كل ركن من أركان المؤسسة ..الذي عشت فيها و عشت منها أكثرمن ربع قرن.. مخلفا في كل زاوية من زواياها جزءا من ذاكرتي و فصلا من حياتي وقطعة من قلبي و كثيرا من تفاصيل مشاعري..
حين آلتحقت بفرعية أولاد ايكو سنة 1990 بعد بناء أوّل قسم بها ..كنت شابا تجاوز الثلاثين ببضع سنين.. يافعا وأعزب .. اليوم بعد أكثرمن ربع قرن يتوقف المشوارلأخرج منها زوجا وأبا و شيخا من شيوخ التربية..واصلنا المشوارمعا.. طوال هذه السنين.. شاركتني أفراحي و أحزاني.. يوم كنت عريسا.. ويوم أصبحت أبا.. وحين كنت أنسج علاقات مع أحبتي .. وأنا أودع زملاء انتقلوا أوالى جوارربهم رحلوا.. معا لسنين عِدّة ونحن نفترق في العطلة و نلتقي بعدها..كما رافقتها وهي قسم واحدٌ ووَحيدٌ إلى قِسميْن فثلاثة أقسام ثم مَنّ الله عليها بسور حَوْلها وهاقد أصبحت لها حديقة مُبهجة و أشجار زيتون ..و تتباهى في كل مرّة بحُلّة جديدة ..مزركشة و زاهية..
هنا يتوقف المشوار..ويتوقف معه الدور الذي كنت ألعبه طوال هذه السنين وهو دور الأب الثاني لكل متعلم بقسمي ..فأوزع بينهم بالتساوي الحنان و الاهتمام و التوجيهات الأبوية..
هنا يتوقف المشوار..ويتوقف معه الدور الذي كنت ألعبه طوال هذه السنين وهو دور الفلاح الذي يغرس البذور الطيبة من الوعظ و الارشاد و الكلمة الطيبة التي كانت تنساب عطرا في أرجاء القسم فتستنشقها تلك النفوس الطاهرة و البريئة من المتعلمين..
هنا يتوقف المشوار.. ويتوقف معه الدور الذي كنت ألعبه و هودورالبوصلة في توجيه النصح داخل القسم وأثناء الحراسة في فترة الاستراحة..
هنا يتوقف المشوار.. و يتوقف معه الدور الذي كنت ألعبه مع صغاري وهو دور المنارة التي تنير لهم الدروب و المسالك اثناء القراءة والكتابة والفهم قصد بنائهم ليكونوا رجال الغد ومواطنين صالحين . .
هنا يتوقف المشوار..ويتوقف معه دورالمايسترو الذي كنت ألعبه أمام المتعلمين وهم في صفوف متراسة في نظام بديع بفضاء المؤسسة يوم السبت مساء و يوم الاثنين صباحا ونحن نردد جميعا النشيد الوطني أمام العلم بصوت واحد كرجل واحد..
ولأنّ المشوار هنا توقّف ...وقفت أودع التلاميذ فردا فردا أثناء خروجهم ..أغلقت باب القسم وأنا أحمل بيدي محفظتي وتحت ابطي وزرتي.. لكني تركت جزءا مني مقيما في القسم وعالقا به.. جزءا من ذاكرتي.. وذكرياتي.. وسنين حياتي....
أمسح السبورة عن آخرها.. أخلع وِزْرَتي في صمْت ثم أطْويها بِهُدوء مُصْغِيا لدقات قلبي وأنا أحيي تلاميذتي جميعا..وأبلغهم مُبتسما أنهم آخر فوج يتتلمذ على يدي. وهنا.. في هذا المكان وفي هذه اللحظة يتوقف المشوار.. وقفوا أحتراما إما لمكانة العلم أو لرهبة المشهد و بين تصفيق منهم و دعوات...آنتابني شعوركنت قد آعتدت عليه مع نهاية كل سنة و توديع فوج تلك السنة لكن هذه المرة كان شعورا غريبا و إحساسا مبهما وكأنّ الزمن يتوقف مع توقف مساري .. قرأت في عيون الحاضرين الدهشة وعلى وجوههم الاستغراب كما رأيت جدران قسمي تبتسم حزينة وهي تودعني بعد عِشْرَة طويلة دامت أكثر من عشرين سنة.. أحسست بالوحشة شعرت بالدوار وأنا أنظر حولي.. الى كل ركن من أركان المؤسسة ..الذي عشت فيها و عشت منها أكثرمن ربع قرن.. مخلفا في كل زاوية من زواياها جزءا من ذاكرتي و فصلا من حياتي وقطعة من قلبي و كثيرا من تفاصيل مشاعري..
حين آلتحقت بفرعية أولاد ايكو سنة 1990 بعد بناء أوّل قسم بها ..كنت شابا تجاوز الثلاثين ببضع سنين.. يافعا وأعزب .. اليوم بعد أكثرمن ربع قرن يتوقف المشوارلأخرج منها زوجا وأبا و شيخا من شيوخ التربية..واصلنا المشوارمعا.. طوال هذه السنين.. شاركتني أفراحي و أحزاني.. يوم كنت عريسا.. ويوم أصبحت أبا.. وحين كنت أنسج علاقات مع أحبتي .. وأنا أودع زملاء انتقلوا أوالى جوارربهم رحلوا.. معا لسنين عِدّة ونحن نفترق في العطلة و نلتقي بعدها..كما رافقتها وهي قسم واحدٌ ووَحيدٌ إلى قِسميْن فثلاثة أقسام ثم مَنّ الله عليها بسور حَوْلها وهاقد أصبحت لها حديقة مُبهجة و أشجار زيتون ..و تتباهى في كل مرّة بحُلّة جديدة ..مزركشة و زاهية..
هنا يتوقف المشوار..ويتوقف معه الدور الذي كنت ألعبه طوال هذه السنين وهو دور الأب الثاني لكل متعلم بقسمي ..فأوزع بينهم بالتساوي الحنان و الاهتمام و التوجيهات الأبوية..
هنا يتوقف المشوار..ويتوقف معه الدور الذي كنت ألعبه طوال هذه السنين وهو دور الفلاح الذي يغرس البذور الطيبة من الوعظ و الارشاد و الكلمة الطيبة التي كانت تنساب عطرا في أرجاء القسم فتستنشقها تلك النفوس الطاهرة و البريئة من المتعلمين..
هنا يتوقف المشوار.. ويتوقف معه الدور الذي كنت ألعبه و هودورالبوصلة في توجيه النصح داخل القسم وأثناء الحراسة في فترة الاستراحة..
هنا يتوقف المشوار.. و يتوقف معه الدور الذي كنت ألعبه مع صغاري وهو دور المنارة التي تنير لهم الدروب و المسالك اثناء القراءة والكتابة والفهم قصد بنائهم ليكونوا رجال الغد ومواطنين صالحين . .
هنا يتوقف المشوار..ويتوقف معه دورالمايسترو الذي كنت ألعبه أمام المتعلمين وهم في صفوف متراسة في نظام بديع بفضاء المؤسسة يوم السبت مساء و يوم الاثنين صباحا ونحن نردد جميعا النشيد الوطني أمام العلم بصوت واحد كرجل واحد..
ولأنّ المشوار هنا توقّف ...وقفت أودع التلاميذ فردا فردا أثناء خروجهم ..أغلقت باب القسم وأنا أحمل بيدي محفظتي وتحت ابطي وزرتي.. لكني تركت جزءا مني مقيما في القسم وعالقا به.. جزءا من ذاكرتي.. وذكرياتي.. وسنين حياتي....
وقفت بفضاء المؤسسة هنيهة. استنشقت نسيمها.. تأملت جوانبها وقد كانت لي حُضْنا يَضُمّني و بيتا ثانيا يسكن ثنايا روحي وحتى لا أستعرض شريط ذكرياتي معها..غادرْتُها مُسرعا.. تركْتُها خلفي و لمْ التفت.. وتساءلت مع نفسي: كيف أتركها خلفي و أُقْبِلُ على الحياة وقد كانتْ جُزءا من حياتي ؟؟..بل كيف تُقْبِلُ عَلَيَّ الحياة ولم أكن للعهدِ وفيا؟؟..
تذكرت أنّ هذا آخر لقاء.. ولأنه آخر لقاء التفتْتُ إليها..مُودعا بيدي و روحي و جوارحي ..مصبرا نفسي.. قائلا هذه هي الحياة ومِنْ سُنَنِها بعد كل لقاء فِراق و لكل بداية نهاية .. ثم تذكرْتُ قرار الإحالة على التقاعد الذي كنتُ تسلمْتُه من السيد المدير(والذي لا زال في جيبي) حيث جاء فيه ابتداء من 31-08-2019 يُحال المعني بالأمر على التقاعد لحد السن ويُحْذَف من أطر وزارة التربية الوطنية فآنطلقْتُ مُودّعا وِزْرَتي.. قِسْمِي.. مِهْنَتِي..مُهِمَّتِي.. وأسرتي التعليمية التي عِشْتُ في كَنَفِها أربعين سنة آنطلاقا من سنة 1979.
أغلقْتُ هذا الباب لأدخل من باب جديد الى عالم جديد.. عالم أجهل عنه الكثير ولا أعرف عنه شيئا.. عالم المتقاعدين ..وكل ما أعرفه أني سأتحرر من التزامات الوظيفة.. هذه الوظيفة التي وهبتْني لقب أستاذ..مربي أجيال..وجعلتني أفتخربه مدى الحياة..وأنا مزاول و أنا متقاعد..
تذكرت أنّ هذا آخر لقاء.. ولأنه آخر لقاء التفتْتُ إليها..مُودعا بيدي و روحي و جوارحي ..مصبرا نفسي.. قائلا هذه هي الحياة ومِنْ سُنَنِها بعد كل لقاء فِراق و لكل بداية نهاية .. ثم تذكرْتُ قرار الإحالة على التقاعد الذي كنتُ تسلمْتُه من السيد المدير(والذي لا زال في جيبي) حيث جاء فيه ابتداء من 31-08-2019 يُحال المعني بالأمر على التقاعد لحد السن ويُحْذَف من أطر وزارة التربية الوطنية فآنطلقْتُ مُودّعا وِزْرَتي.. قِسْمِي.. مِهْنَتِي..مُهِمَّتِي.. وأسرتي التعليمية التي عِشْتُ في كَنَفِها أربعين سنة آنطلاقا من سنة 1979.
أغلقْتُ هذا الباب لأدخل من باب جديد الى عالم جديد.. عالم أجهل عنه الكثير ولا أعرف عنه شيئا.. عالم المتقاعدين ..وكل ما أعرفه أني سأتحرر من التزامات الوظيفة.. هذه الوظيفة التي وهبتْني لقب أستاذ..مربي أجيال..وجعلتني أفتخربه مدى الحياة..وأنا مزاول و أنا متقاعد..
إرسال تعليق