تعليم بريس :
لقد ألف الناس أن يصنفوا المؤسسات التربوية، بين المؤسسات في قمة النجاح، وأخرى على حافة الفشل، وبقية تقع على متصل النجاح- فشل، ويتم تقييم أداء المؤسسات التربية بحسب معيار تختلف من شخص لآخر، أو من مجموعة من الناس لأخرى : فهناك من يعتمد معيار الموارد البشرية، فيعتبر العدد المتعاظم من الناجحين، والكفاءات العالية للعاملين الفاعلين مؤشرا على النجاح. وهناك من يعتمد معيار الموارد المادية، فيعتبر النجاح في توفر المصادر المادية والوسائل التعليمية، والفضاءات المدرسية، وهناك من يعتمد معيار الانضباط والإحساس بالمسؤولية، فيعتبر النجاح في وجود سلطة تسهر على تطبيق التشريعات والقوانين التنظيمية، وتضمن أجرأة المناشير والمذكرات.
لكن، ومهما اختلفت المعايير وتعددت التصورات، فإن النجاح في الإدارة التربوية يبقى الأمل المنشود لكل المنظومات التربوية، على اعتبار أن نجاح الإدارة التربوية هو نجاح للمجتمع برمته. فلا مجتمع راق دون مدرسة ناجحة، ولا مدرسة ناجحة دون إدارة تربوية حكيمة.
ومن هذا المنطلق باتت المجتمعات اليوم أكثر تنافسا مع ذاتها ومع غيرها في بناء المؤسسات التربوية وتطويرها مستفيدة من النظريات الحديثة في الإدارة بشكل عام والإدارة التربوية بشكل خاص، هذه النظريات التي تختزل الأسس والمبادئ التي تحدد ماهية المؤسسة التربوية، وطبيعة عملها، وكيفية إدارتها وتقييم فعاليتها.
1-الإدارة التربوية :
1-1-مفهوم الإدارة :
يمكن تناول مفهوم الإدارة من جانبين : الإدارة كعلم والإدارة كممارسة؛ الإدارة كعلم هو ذلك الفرع من العلوم الاجتماعية الذي يفسر ويحلل ويتنبأ بالظواهر الإدارية، والسلوك الإنساني الذي يجري في التنظيمات المختلفة لتحقيق أهداف معينة.
أما الإدارة كممارسة، فهي الاستخدام المعقلن والفعال للموارد البشرية والمادية والمالية، والمعلومات والأفكار والوقت من خلال المهام الإدارية –التخطيط، التنظيم، التوجيه والرقابة- بغرض تحقيق الأهداف.
ويقصد بالموارد البشرية، الأشخاص الذين يشتغلون داخل المنظمة، والموارد المادية هي كل ما تتوفر عليه المنظمة من مباني وأجهزة وآلات…، والموارد المالية هي المبالغ المالية أو الميزانية المرصودة لتسيير الأعمال الجارية أو الاستثمارات. أما المعلومات والأفكار فيقصد بها الأرقام والحقائق والنصوص والقوانين التنظيمية. والوقت هو الزمن المتاح لإنجاز الأعمال المسطرة.
ويصف الدكتور محمد سليم العوا الإدارة بأنها فطرة، وأن الإنسان يمارسها في حياته بشكل أو بآخر، تخطيطا وتنظيما وتنفيذا و مراجعة وتقويما، كما أنه يتحمل تبعاتها ونتائجها.
هكذا تبدو الإدارة ذلك العمل الذي يتوخى الفاعلية والكفاءة في الأداء داخل المنظمة، من خلال الاستثمار المعقلن للموارد وحسن الاستفادة منها.
وهذا بالطبع لن يتأتى إلا من خلال أطر ذات كفاءة عالية ومهارات فكرية وفنية وإنسانية.
2-1-مفهوم الإدارة التربوية :
عندما نتناول موضوع الإدارة في ميدان التربية والتعليم، نجد أنفسنا أمام ثلاثة مفاهيم شاع استخدامها، وهي”الإدارة التربوية”، “الإدارة التعليمية”، و”الإدارة المدرسية”. إن المفهومين الأول والثاني يعنيان شيئا واحدا، والخلط بينهما إنما جاء نتيجة الترجمة عن المصطلح الأجنبي Education، الذي يترجمه البعض إلى مصطلح التربية في حين يترجمه البعض الآخر إلى مصطلح ” التعليم”. أما المفهوم الثالث – “الإدارة المدرسية”، فيبدو أنه أكثر خصوصية، بحيث يحيل إلى الإدارة التي تشرف على مؤسسة تربوية، فيما يحيل المصطلحان السابقان على الإدارة التربوية في تراتبيتها بدء من الوزارة الوصية وانتهاء بالمؤسسة التربوية مرورا بالأكاديميات والنيابات بمصالحها وأقسامها…
ورغبة في مسايرة الاتجاهات التربوية الحديثة التي تفضل كلمة “تربية ” على كلمة “تعليم”- على اعتبار أن التربية أعم وأشمل- فإننا- إن شاء الله-في هذا الكتاب سنستخدم مصطلح الإدارة التربوية وإن كنا سنقتصر على الحلقة الأخيرة في هذه التراتبية، ونعني “الإدارة المدرسية”.
يعرف الزبيدي الإدارة التربوية بأنها ” مجموعة من العمليات التنفيذية والفنية التي يتم تنفيذها عن طريق العمل الإنساني الجماعي التعاوني بقصد توفير المناخ الفكري والنفسي والمادي الذي يساعد على حفز الهمم وبعث الرغبة في العمل النشط المنظم، فرديا كان أم جماعيا، من أجل حل المشكلات وتدليل الصعاب حتى تتحقق أهداف المدرسة التربوية والإجتماعية كما ينشدها المجتمع”.
ويعرفها العمايرة بأنها “: حصيلة العمليات التي يتم بواسطتها وضع الإمكانيات البشرية والمادية في خدمة أهداف عمل من الأعمال، والإدارة تؤدي وظيفتها من خلال التأثير في سلوك الأفراد”.
كما تعرف الإدارة التربوية على أنها ” الجهود المنسقة التي يقوم بها فريق من العاملين في الحقل التعليمي، إداريين وفنيين، بغية تحقيق الأهداف التربوية داخل المدرسة تحقيقا يتماشى مع ما تهدف إليه الدولة من تربية أبنائها، تربية صحيحة وعلى أسس سليمة”.
من خلال هذه التعريفات تبدو أهمية الإدارة التربوية كضامن لتنظيم وتوجيه وقيادة الأعمال والأفراد الذين يكونون القاعدة العملية للمؤسسة، بغية تحقيق هدف أو مجموعة أهداف مسطرة ومنسجمة مع الغايات الكبرى للبلاد.
2- التنظيمات :
1–2-مفهوم التنظيم :
يعرفه ” دارين بلنكت” و” ريموند أتنر” في كتابهما “مقدمة الإدارة” على أنه ” دمج الموارد البشرية والمادية من خلال هيكل رسمي يبين المهام والسلطات”
ويعني التنظيم الإداري ” هيكلة النشاط الخاص بالجهاز الإداري، سواء أكان جهازا عاما أو خاصا إلى عدة قطاعات وإدارات وأقسام بهدف القيام بذلك النشاط بسهولة ويسر وترتيب ومن تم تحقيق الأهداف التي يطمح الجهاز الإداري في الوصول إليها”.
والتنظيم في النظام التعليمي يعد وسيلة لمدير المدرسة لتفعيل مصادر المؤسسة كافة، فمن خلال التنظيم يمكن أن ينسق المدير بين العاملين معه ويوظف مختلف الإمكانات المتوفرة بحيث تتوجه نحو تحقيق أهداف العملية التعليمية التعلمية. ولكي يطور المدير تنظيما إداريا فاعلا عليه أن يدرك وبعمق الوظائف المطلوب القيام بها، وأن يتفهم طموحات أعضاء هيئة التدريس والجسم الطلابي وما يتمتعون به من كفايات وخصائص.
2-2-نظريات التنظيم :
1–2-2- النظرية الكلاسيكية :
ظهرت هذه النظرية في مطلع القرن العشرين، سميت بالكلاسيكية، ليس لقدمها أو تخلفها، وإنما لنمط التفكير الذي قامت على أساسه. لقد ركزت هذه النظرية في مجملها على العمل معبرة أن الفرد آلة وليس من المتغيرات التي لها أثرها في السلوك التنظيمي، وعلى التكيف والتأقلم مع العمل الذي يزاوله، وهذا ما حدا بالبعض من أمثال SIMON أن يطلقوا على هذه النظرية ” نموذج الآلة”.
ولعل من أبرز رواد هذه النظرية F.W.Taylor و H.Fayol .اشتهر F.W.Taylor بكتابه ” Scientific Management“، ” التدريب العلمي” والذي يقترح من خلاله تحديد الأقصى من الدقة في تنظيم المهمات، وانتقاء الأفراد الأكثر كفاءة وتقسيم العمل بعد التخطيط له ثم التنفيذ، وبهذا تريد ” التايلورية” الوصول إلى نتائج مذهلة بالقضاء على الفردانية والعشوائية والتلقائية في العمل، وتأسيس نظام أجور على النجاح أو الفشل في الوصول إلى المعيار المطلوب من العمل المنجز.
وإذا كان F.W.Taylor قد اشتهر بما يعرف ” بالتنظيم العلمي للعمل” فإن H.Fayol اقترن اسمه ب “التنظيم الإداري للشغل”. لقد اعتبرH.Fayol أن مدراء عصره لهم تكوينا تقنيا لكن تنقصهم مبادئ التدبير، لذلك كان شغله الشاغل الارتقاء بمبادئ التنظيم العلمي للعمل والتي يمكن تلخيصها كالتالي : – تخصصية المهام، معيارية أو تقنين العمليات، توحيد الإجراءات، وحدة التحكم، مركزية اتخاذ القرار، التنظيم بالشعب والأجنحة، تحديد جدول المراقبة والإشراف.
ورغم الانتشار الكبير لهذه المدرسة ومساهمتها في تنمية علوم التنظيم والتدبير فإنها تلقت انتقادات كبيرة من الاتجاهات التي لحقتها خصت بالتحديد ابتزاز الأجور، والعقوبات، وتجريد العامل من إنسانيته بحيث لا ينظر إليه كشخصي بل كامتداد للآلة.
2-2-2- نظرية العلاقات الإنسانية :
تميزت الثلاثينيات من هذا القرن بتقنية وأنسنة الأسس العلمية والإدارية للشغل، لقد ظهرت وتشكلت الحركة السلوكية كبديل للنظرية الكلاسيكية المصنفة ببساطتها وفشل تطبيقها لسلوك الأفراد والجماعات، وأسهمت في دراسة التنظيم، مستفيدة من العلوم السلوكية بطريقة متكاملة، وبذلك برهنت على أن مبادئ المدرسة الكلاسيكية وأعمدتها التنظيمية تتأثر بأفعال وسلوك الأفراد داخل التنظيم، بالإضافة إلى اهتمامها بالتنظيم غير الرسمي (النقابة، الصداقات، علاقات العمل…) وأظهرت مدى تأثير هذا الأخير على البناء الرسمي للتنظيم، وقد استفادت هذه المدرسة من أبحاث كل من Kurt Lewin وجماعة Howthorne حيث كانت نظرية المجال في ذاتها أحد العوامل التي وجهت البحوث في علم النفس نحو تفسير سلوك الفرد والجماعة.
ومن رواد هذه المدرسة E.MAYO الذي قام بدراسة حول تأثير الشروط الفيزيائية (إنارة، حرارة، مواقع عمل…) على معدلات الإنتاج . وتهدف هذه الدراسة إلى أخذ الإنسان بعين الإعتبار داخل المقاولة وملاحظة اختلاف الإنتاجية التي يعرفها هذا المصنع حيث يخيم التنظيم التايلوري ، وقد استخلص في نهاية هذه التجربة أن ارتفاع الإنتاجية وجد تفسيره في علاقات الثقة بين الإدارة والعمال. فالرضا في العمل يأتي أساسا من الشكل الإجتماعي للجماعة، ومن هذا فالشروط الفيزيائية للعمل تأتي في الدرجة الثانية.
لقد اهتمت هذه المدرسة بالفرد وسلوكه في التنظيم، وتوصلت إلى أنه لا يمكن تقييم سلوك الفرد كوحدة منعزلة، ولكن كعضو في جماعة يتعرض لضغوطها وتأثيرها. فسلوك الفرد أو الجماعة في التنظيم الرسمي قد يختلف تماما عن سلوكهم الحقيقي، ومن هنا انصب اهتمام أنصار هذه المدرسة على التنظيمات غير الرسمية كالصداقات بين أعضاء التنظيم وتأثيرها على القيادة.
2.2.3- نظرية النظم :
تأتي نظرية النظم في إطار الاتجاهات الحديثة التي تقوم على أساس النظريات السابقة سواء التقليدية أو السلوكية، وإذا كانت النظريات السالفتان قد ركزتا على أحد متغيرات التنظيم (العمل – المكان) وتعاملت مع التنظيم كنظام مغلق، فإن نظرية النظم ترى في التنظيم نظام مفتوح يتفاعل مع البيئة المحيطة به وذلك ضمانا لاستمرار يته.
لقد نقلت نظرية النظم منهج التحليل إلى مستوى أعلى مما كان عليه في النظرية الكلاسيكية والنظرية السلوكية، فالنظم البشرية تحتوي على عدد كبير من المتغيرات المرتبطة ببعضها، وبالتالي فإن دراسة أي تنظيم لابد وان تكون من منطق النظم بمعنى تحليل المتغيرات وتأثيراتها المتبادلة.
وتقوم هذه النظرية على أجزاء يتكون منها النظام لها علاقة وثيقة ببعضها البعض وهذه الأجزاء هي:
– الفرد (قائدا أو منفذا) وبصفة أساسية التركيب السيكولوجي الذي يحضر معه في المنظمة. لذا فإن حوافز الفرد واتجاهاته نحو الآخر من أهم الأمور التي تعالجها النظرية،
– التنظيم غير الرسمي، وبصفة خاصة أنواع العلاقات بين المجموعات وأنماط تفاعلها مع بعضها.
– تكنولوجيا العمل ومتطلباتها الرسمية، فالآلات والعمليات يجب تصميمها وفق التركيب الفيزيولوجي والسيكولوجي للبشر.
تعتبر نظرية النظم من أهم وأدق نظريات التنظيم، فهي لم تركز على متغير واحد على حساب المتغير الآخر، بل انصب اهتمامها على التنظيمين الرسمي وغير الرسمي، وعلى التكنولوجيا والآلات…
3- النظرية في الإدارة التربوية:
3.1 – مفهوم النظرية :
النظرية Theory هي ” تصور أو فرض أشبه بالمبدأ له قيمة التعريف على نحوما، يتسم بالعمومية وينتظم علما أو عدة علوم، ويقدم منهجا للبحث والتفسير،ويربط النتائج بالمبادئ” الحنفي 2000، ص 88.
كما يعرفها BUSH 1986 بأنها “مجموعة من الفروض التي يمكن من خلالها التوصل إلى مبادئ تفسر طبيعة الإدارة وهي تفسر ما هو كائن، وليس التأمل فيما ينبغي أن يكون، ويمكن أن ينظر إلى النظرية على أنها مبادئ عامة تقوم بتوجيه العمل بدقة ووضوح، وبهذا فالنظرية الجيدة هي التي يمكن أن تشق منها الفروض”.
3.2 – مفهوم النظرية الإدارية :
عرفها كيتزل بأنها : “معالجة للسلوك الاجتماعي في إطار منظم”.
وعرفها مول بأنها: “حل المشاكل باستخدام الأساليب العملية بالاعتماد على المعقولية في تجديد قيمة العمل ليس بالنسبة لتحقيق أهداف التربية فقط، وإنما بالنسبة لرد فعل الأفراد ذوي العلاقة”.
كما عرفها سيرجفاني بأنها : “توضيح وتوقع وتنبؤ وتحليل ظاهرة التنظيم الإداري والسلوك الإنساني مع ارتباطها المتعلق بتحقيق أهداف المؤسسة”.
أما المفهوم الحديث للنظرية في الإدارة التربوية فيعتبرها عملية تركز على أصول علمية، وتستمد ممارستها من نماذج نظرية تساعد على فهم وتفسير ظاهرة السلوك الإداري حيث أصبحت النظرية الإدارية هي المدخل إلى علم الإدارة وجوهر السلوك الإداري.
وتتم عملية بناء النظرية الإدارية على مرحلتين كبيرتين :
– المرحلة الوصفية، وتتم خلالها عمليات الملاحظة والتجميع والتصنيف القائم على الشواهد.
– المرحلة المعيارية، وهي مرحلة الاستنتاجات، حيث توضع النظرية، ويتم التحقق من صحتها.
3.3- نماذج من النظريات الإدارية المعاصرة :
لقد ظهرت العديد من النظريات الإدارية- بمحاسنها ومساوئها- محاولة فهم وتفسير السلوك الإنساني في ارتباطه بالإدارة. وفيما يلي النظريات الأكثر انتشارا في العالم اليوم، وقد جيء بها كشواهد على بساطة بناء النظرية وكنماذج للمحاكاة ولدعم الاتجاه الإداري القائل :”كل إجراء يتخذه المدير يستند إلى نظرية وكل خطة يعدها المدير تستند إلى نظرية”، والنظريات هي :
3.3.1- نظرية x (النمط الإداري السلطوي) :
في الستينات من القرن الماضي اقترح عالم نفس الاجتماع الأمريكي Douglas Megregor نظريته المشهورة Y– X وذلك في كتابه المعروف” الجانب الإنساني في المؤسسة”. وتلخص هذه النظرية بعض جوانب الإنسان وأنماط القيادة.
فنظرية X تحيل على القيادة المتسلطة المهتمة بالإنتاج ولا تعير العلاقات الإنسانية إي اهتمام، ومن أبرزم مسلمات هذه النظرية أن:
– الإنسان العادي يكره العمل ويسعى إلى تجنبه؛
– معظم الناس يجب أن يكرهوا على العمل لتحقيق أهداف المؤسسة بالتلويح بالعقاب؛
– الإنسان العادي هو إنسان غير طموح شكل عام، ينشد الأمن، ويفضل أن يكون منقادا على أن يتحمل المسؤولية.
3.3.2- نظرية Y (النمط الإداري التشاركي)
تحيل نظرية Y على القيادة الديمقراطية التي تهتم بالعلاقات الإنسانية، وبإشراك المرؤوسين في اتخاذ القرارات. ومن إبرز مبادئ هذه النظرية :
– الالتزام بتحقيق الأهداف يتوقف على المكافآت المرتبطة بالإنجاز؛
– الناس عادة يتقبلون المسؤولية، وغالبا ما يطلبون تحملها؛
– القدرة على الخلق والإبداع في التسيير والتدبير شيء مشترك بين الناس.
– في المؤسسات الإنتاجية الطاقة العقلية للإنسان العادي مستغلة بشكل جزئي.
وهكذا يخلص M.Douglas إلى أن الإداري الناجح هو الذي يهتم بالعلاقات الإنسانية، وباحتياجات العاملين ومشاعرهم، واشتراكاهم في اتخاذ القرارات، والثقة في قدراتهم، وتحفيزهم ماديا ومعنويا حتى يصلوا إلى حالة الرضا التي تجعلهم يحققون أفضل النتائج.
3.3.3- نظرية Z : النمط الإداري الياباني.
في الثمانيات اقترح بروفيسور الإدارة الأمريكي William Ouchi نظريته المعروفة بالنظرية Z وذلك في كتابه المعروف ” النظريةZ كيف يمكن للإدارة الأمريكية أن تقابل تحديات الإدارة اليابانية”. وتجمع هذه النظرية ما بين مزايا النظرية Y، وما لدى اليابانيين من أولويات في مجال إدارة المؤسسات حيث تعطي العاملين هامشا ضخما من الحرية، وتمنحهم درجة عظيمة من الثقة، وتفترض أن العاملين لديهم ولاء قوي للمؤسسة، ورغبة جامحة للعمل الفريقي داخل المؤسسة، ومن أبرز مبادئ نظرية Z نذكر أنها :
– تعول كثيرا على اتجاهات ومسؤوليات العاملين،
– ترى أن إدارة المطبخ يمكن أن تتم قبل إتقان عملية الطبخ.
3.3.4 – نظرية الطوارئ :
تؤكد هذه النظرية على مجموعة من الأسس نذكر منها :
– عند اتخاذ القرار كل شيء يجب أن يكون في الحسبان.
– لا تتساوى جميع طرق التنظيم والإدارة والفاعلية في ظرف معين،
– يجب أن يبنى الاختيار لتصميم التنظيم ولنمط الإدارة على أساس التحليل الدقيق والاحتمالات المهمة في الظرف المعين.
– اعتماد منحى “يتوقف الأمر على ما قد يستجد”.
– وحيث أن الإدارة هي العمل مع من خلال الأفراد والمجموعات لتحقيق أهداف المنظمة، فإن الإحتمال المرغوب فيه هو ذلك الذي يدفع المرؤوسين إلى إتباع سلوك أكثر إنتاجا وفاعلية. (عطوي 2001).
3.3.5 – نظرية النظم :
لقد شاع استعمال هذه النظرية في العلوم البيولوجية والطبيعية، وكذلك في علم الإدارة التعليمية. وتقوم هذه النظرية على أساس أن أي تنظيم اجتماعيا كان أو بيولوجيا أو علميا، يجب أن ينظر إليه من خلال مدخلاته وعملياته ومخرجاته، فالأنظمة التربوية، مثلا، تتألف من عناصر متداخلة متصلة مباشرة وغير مباشرة وتشمل : أفراد النظام، جماعاته الرسمية، وغير الرسمية، الاتجاهات السائدة فيه، دافع النظام والعاملين فيه، طريقة بنائه الرسمي، التفاعلات التي تحدث بين تركيبات ومراكزها… ونظرية النظم تطرح أسلوبا في التعامل ينطلق عبر الوحدات والأقسام وكل النظم الفرعية المكونة للنظام وكذلك عبر النظم المصاحبة له.
نظرية الفوضى :
تنطلق هذه النظرية من فرضية أن أحداث الحياة تجري بصورة عشوائية أو فوضوية، وبالتالي فإن الأحداث في التنظيمات أو المؤسسات تجري بنفس العشوائية والفوضوية، ونادرا ما يمكن ضبها وعليه فإن هذه النظرية تدعو للمزيد من الطاقة والاجتهاد لضمان الاستقرار والتماسك داخل التنظيم.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من النظريات الأخرى التي حاولت تحليل العملية الإدارية كنظرية تنصيف الحاجات الماسة، ونظرية البعدين في القيادة، ونظرية الدور، ونظرية القيادة … وكلها ساهمت في ملامسة أبعاد السلوك الإنساني في الإدارة بشكل عام، والإدارة التربوية بشكل خاص.
4- أنواع القيادات الإدارية :
من المؤكد أن القيادة الإدارية لا تقوم في فراغ، بل لابد من تواجد مرؤوسين أو أتباع تحت إمرة القائد، يتبنون أفكاره ورؤاه، وينفذون خططه مؤتمرين بأوامره وبالتالي يصبحوا هم صانعوا هذه القيادة، فتفاعلهم معه واستجابتهم إليه أمر ضروري حتى تتجسد القيادة على أرض الواقع، فالقائد هو مركز العملية الإدارية وأتباعه يطوفون حوله، يحققون له السلطة والنفوذ والتأثير.
ويمكن أن نفهم مدلولات القيادة الإدارية من خلال ثلاث اتجاهات :
4.1- القيادة القائمة على السلطة الرسمية : (القيادة الدكتاتورية)
من أهم مميزات هذا الاتجاه ربطه بين السلطة والقيادة، وجعلها في قبضة واحدة ،وتعد السلطة القوة المحركة لدور القائد وسبيله في فرض إرادته ومكانته واحترامه بين أتباعه، وفي غالب الأحيان يتم الخضوع لمثل هذه القيادات تحت طائلة الخوف من العقاب والمساءلة، إلا أن العيب الظاهر في هذا الاتجاه يتجلى في أن شخصية المدير لا تؤثر في المرؤوسين إلا بمقدار ما تفرضه سلطته المستمدة من وظيفته، فضلا على أن هذا السلوك يقتل روح الإبداع والمبادرة والحماس عند الأفراد، وتنتفي فيه أساليب الحوار والمشاركة المثمرة.
4.2- القيادة القائمة على العلاقات الإنسانية: (القيادة الديمقراطية)
تقوم القيادة الإدارية في هذا الاتجاه على قوة شخصية المدير وما يملكه من صفات وملكات ينفذ بها إلى قلوب أتباعه وأرواحهم، فيقبلون به قائدا عن قناعة، إنها قيادة غير قائمة على السلطة الرسمية، بل نابعة من قوة الشخصية، ومدى تأثيرها في الآخرين، فيكون هذا الاتجاه أكثر انسجاما وأوفر إبداعا وتحقيقا للنجاح كما أن العمل سينتقل من مجرد وظائف ومسؤوليات روتينية إلى فريق متماسك ومتكامل ومتناسق متوحد الأفكار والأهداف وهذا ما تسعى إليه كل قيادة ناجحة.
4.3- القيادة القائمة على الوظيفة : ( القيادة الآلية).
يعتبر هذا الاتجاه أخف ضررا من الاتجاه الأول، لكنه لا يرقى إلى مستوى القيادة في الاتجاه الثاني. فهو اتجاه يربط بين ممارسة القيادة وانجاز الوظائف تماشيا مع التعليمات والتوجيهات الرسمية، فالقائد يحرص على تحقيق الأهداف وفق المساطر الرسمية و حسب ما يمليه التسلسل الهرمي للوظائف،مما يحول المؤسسة إلى آلة متحركة بأسلوب دقيق ورتيب يقوم فيها القائد بدور الموجه والمنسق والرقيب وصاحب القرارات فيما يكتفي الأتباع بالتنفيذ الممكنن، فلا يتحسسون قيمتهم ولا قيمة ما ينجزون كأفراد لهم قدرات وطموحات وأهداف سامية، لأن الجميع، وبكل بساطة، يعمل بمقدار ما تمليه عليه وظيفته.
5- مواصفات القيادة الناجحة :
يرى الدكتور فاضل الصفارأن القيادات الناجحة تقوم على توافر جملة من المواصفات الشخصية للقائد. ويقصد بالصفات الشخصية مجموعة الخصائص الفكرية والنفسية والجسدية التي تمكنه من ممارسة مهامه بكفاءة ونجاح. ويمكن تلخيص هذه الخصائص فيما يلي :
– البنية الجسدية السليمة التي تؤهله للقدرة على الانتظام في عمله، ومراعاة واحترام المواعيد بالدقة اللازمة، وقوة التحمل والعمل لساعات طويلة.
– المظهر الشخصي الذي يليق بمكانة القائد، وبدوره كمشرف. فالمظهر اللائق يوحي بالثقة في النفس وفي المركز، ويمنح الهبة والاحترام، فكم من قائد أصبح محط سخرية واستهزاء بسبب إهماله لمظهره الشخصي.
إن النظافة والاعتناء بالهندام أصبحتا من المعايير المهمة في انتقاء القيادات.
– النضج الانفعالي الذي يساعد القائد على السيطرة على نفسه، وحفظ توازنها في حالة الرضا أو الغضب. ففي حالة التعرض للمواقف الصعبة، يتعين على القيادي الإمساك بزمام الأمور، وإعطاء المثل في ضبط النفس ومواجهة الأمور بثبات. كما آن القيادي الناجح لا يظهر التحيز أو التحامل على البعض انجرارا وراء أحكام مسبقة أو حماس زائد.
– الذكاء والتركيز، وهما خاصيتان تضيفان على القائد القوة والحنكة في اتخاذ القرارات. فالذهن الوقاد والذاكرة القوية يساعدان على الاستذكار واستنباط الحلول المناسبة في المواقف المختلفة، بخلاف كثرة النسيان أو الغفلة والبلادة وضعف التركيز تجعل القائد غير قادر على التدبير والتأثير، وتجعل المتعاملين معه ناقمين عليه متذمرين من أدائه محتقرين لشخصه.
– القدرة على الإقناع، ولا تتم إلا من خلال النظر الثاقب للأمور والانتباه المتواصل والمركز على العمل والعاملين، بالإضافة إلى اللباقة في التعامل والكلام والرقي الثقافي والفكري والاجتماعي. فلكي ينجح القائد في إقناع أتباعه بالانخراط الفعال في العمل، لابد أن ينجح في نقل المعلومات إليهم والتحاور معهم وعرض الأفكار والأهداف والخطط بأسلوب حضاري ولبق.
– المبادرة الشجاعة: قد يتصف المدير بقوة التفكير والبصيرة واللباقة في الإقناع وقد يكون ذا مستوى عال من الذكاء والتركيز، إلا أن نجاحه يبقى رهينا بمبادراته وشجاعته في اتخاذ القرارات اللازمة في الوقت المناسب، وبالسرعة اللازمة والحزم اللازم في التنفيذ.
– الصفات الإنسانية: إن الاهتمام برغبات العاملين وطموحاتهم المختلفة والعمل على إنصاف الجميع، وخلق روح التضامن والتكافل الاجتماعي، والرعاية والعطف والشعور بمشكلات الأفراد والجماعات، وتقديم العون، وتأمين الحلول بحب ووئام، كلها سلوكات تضفي على شخصية المدير القدسية والطهر، وتجعله في نظر العاملين معه مثالا للقيم الإنسانية النبيلة . كما أن صدقه وإخلاصه، وأمانته تجعله واحدا متوحدا أمام الجميع في حضوره وغيابه، فكرا وحديثا ومواقفا، إذا أصاب يفرح له الجميع وإذا أخطأ لا يؤاخذ على خطئه، لأنه صادق وعادل ونواياه حسنة.
– القدرة على حل المشكلات : إن الكثير من الحلول لا تخضع للقواعد العلمية، ولا للقدرات بل تحتاج إلى خبرات متراكمة تمكن المدير من القدرة على التشخيص، والتحليل للفعل ورد الفعل البشري اتجاه مواقف مختلفة. فلكل فرد طريقة للتعامل معه. فالغاضب يحتاج إلى تهدئته، والكسول لا بد من دفعه وتحفيزه، والمحبط في حاجة لبدرة أمل والمغرور في حاجة لتعديل وهكذا.
– كما أن المدير الناجح يقطع الطريق عن كل المحسوبيات والزبونيات والمنسوبيات في تقويم الآخرين وإعطاء كل ذي حق حقه، متبعا سلوكيات موحدة مع الجميع وفقا لمعايير الأداء والكفاءة.
6- معاير انتقاء القيادات :
تختلف معايير اختيار القيادات الإدارية باختلاف في النظم الإدارية السائدة.
فالأنظمة الديمقراطية مثلا تعتمد مقاييس مفتوحة وواضحة ومرنة في الغالب، في حين أن الأنظمة الشمولية الديكتاتورية تعتمد مقاييس مغلقة ومستبدة . وقد مرت طرق ومعايير انتقاء القادة بمراحل مختلفة من التطور، حتى وصلت إلى مناهج جديدة أكثر إبداعا وعلمية، وتعتمد بشكل كبير على الكفاءات والخبرات والتخصصات بالإضافة إلى القدرات الذاتية للمترشح.
وعلى العموم يمكن التمييز بين طريقتين رئيسيتين لاختيار القائد :
6.1- الطريقة القديمة والتقليدية :
لقد كانت هذه الطريقة حتى وقت قريب هي الغالبة، وتتميز بما يسمى ب”التنصيب الفوقي” أي أن أصحاب النفوذ والقرار يتحكموناأ في التعيينات، ولهم كل الصلاحيات في تنصيب من يريدون، فكانت المقاييس التي يراعونها لا تخرج على الولاء الحزبي أو الأسري والمحسوبية، مما كان يقطع الطريق عن الكفاءات.
ولعل الأحوال الكارتية التي وصلت إليها الأوضاع الإدارية خير شاهد على أن هذه الطريقة لا تخلو من عيوب، وبالتالي لا تشجع على تبنيها أو القبول بها في وفتنا الحاضر، حيث تطور مستوى الوعي البشري، وأصبحت الكفاءة هي المعيار الأساسي، عملا بمبدأ الديمقراطية، وحقوق الإنسان، واحتراما لمبدأ تكافؤ الفرص.
6.2– الانتخاب :
وتمثل هذه الطريقة أسلوبا منفتحا يترك المجال رحبا أمام كل الكفاءات لترشيح نفسها لشغل المناصب القيادية المطلوبة، وتاريخيا، كان الإغريق يختارون حكامهم وقادة الجيش، وأعضاء المجالس النيابية عن طريق الانتخاب.
ومن محاسن هذه الطريقة أنها تفتح باب التنافس أمام الكفاءات مما يضمن وجود قياديين ذوي خبرة، ويتصفون بالنزاهة والإخلاص، “إذ بالإخلاص ترفع الأعمال، وبالإخلاص يتفاضل العمال”.
المحور الثاني:مظاهر الإصلاح في الإدارة التربوية تقديم :
مما لا شك فيه أن متطلبات دينامية النمو والتطور المسارع تستدعي بين الفينة والأخرى عملية التدخل الإصلاحي للإدارة التربوية. فالمستجدات المتدفقة، والأدوار الجديدة للمؤسسة التربوية كلها عوامل ألقت بظلالها على هذه الإدارة، وفرضت عليها الانسياق وفق الصيرورة الطبيعية للتطور، من خلال تصحيح مسارها وتحيين آلياتها. وفي هذا الإطار يمكن اعتبار توجهات الميثاق الوطني للتربية والتكوين وما تلاه من منتديات للإصلاح، أحد أوجه هذا المسار التصحيحي.
وإذا كان مفهوم الإصلاح أو التصحيح يحيل على وجود وضع مأزوم فإنه يحق لنا أن نتساءل عن مظاهر هذه الأزمة في إدارتنا التربوية وعن ماهية الاختلالات والعوائق التي تحد من فعاليتها، لعلنا،ونحن نضع تشخيصا للداء نهتدي إلى طرق العلاج.
1- الواقع والمنطلقات :
لقد ظلت إدارتنا التربوية حبيسة الإرث الثقيل “للنظام الباتريمونيالي التقليدي” بتعبير ماكس فيبر، والذي يقوم على شخصنة السلطة، وتقديس الرؤساء، والطاعة العمياء للأوامر، بما يشبه علاقة الشيخ بالمريد كما صورها الباحث المغربي عبد الله حمودي. وقد ساهم هذا النوع من العلاقات في الإدارة عامة والإدارة التربوية خاصة في إرساء الزبونية والمحسوبية، وأضعف روح المسؤولية، وعطل آليات المراقبة والمحاسبة والضبط، فكان أن تنامت شتى أنواع الانحرافات في التسيير والتدبير سواء على المستوى المركزي، أو الجهوي أو المحلي، وأصبحنا نسمع عن موظفين أشباح، واختلاسات مالية، وسرقات في المطاعم المدرسية، والدا خليات، وأصبحت التكليفات والتعيينات تحكمها معايير القبلية والأسرية والحزبية، بل تحكمها سلوكيات أشد حساسية كالرشاوى والهدايا والولائم…
وهكذا تبث بالملموس أن الجهاز الإداري التربوي يعيش أزمة حقيقية على مستوى التسيير.
أما على مستوى الإدارة المدرسية، فنجد المدير ينزع إلى التقيد بحرفية النصوص والمذكرات والمناشير دون أدنى اجتهاد في التعامل مع مقتضياتها، والرجوع دائما إلى الجهات العليا في كل صغيرة و كبيرة، عاجزا عن اتخاذ أي قرار قبل التوصل بالتعليمات الفوقية.
أما مسألة انفتاح المؤسسة التربوية على محيطها، فهي شعار ليس إلا ما دامت آليات هذا الانفتاح لا زالت معطلة، وشروط الاندماج منعدمة. فمن جهة تجد المدير لا يؤمن بالعمل التشاركي ولا بنجاحاته، ويجد ضالته في الانغلاق وروتينية الانشغالات المكتبية، ومن جهة أخرى تبدو المدرسة بعيدة عن صفتها الاجتماعية – الإنسانية، غير مضيافة ولا ذات جاذبية أو جديرة بالاحترام، فكان أن هجرها شركاؤها، ورفضتها بيئتها، فتعرضت إلى شتى أنواع التخريب والتشويه.
وفيما يخص مقاييس انتقاء أطر الإدارة التربوية، فلا زالت تسيل كثيرا من المداد، على اعتبار أن اختيارات مديري، وإداري المؤسسات التربوية من بين مدرسين قضوا مدة معينة في مجال التدريس، ليس معيارا كافيا، إذ أنه في رأي الباحث مارسيل بلانت “أشبه بالمكافأة”، في حين “لا مجال للمكافآت في التنظيمات الإدارية المعقلنة بل الاعتبار كل الاعتبار لمبدأ الكفاءة والصلاحية”.مارسيل بلانت-“إدارة مؤسسة تعليمية“–1994.
لقد أثبتت التجارب أن مهمة التدريس المحدودة في الزمان والمكان، ومع مجموعة محدودة من المتعلمين، لا تعطي المشروعية ولا الضمانات الكافية لقيادة مؤسسة تربوية بكل مكوناتها المعقدة والمتشعبة. إن للإدارة عالمها الخاص الذي يتطلب كفاءات إضافية وعلاقات جديدة مع المحيط والتلاميذ والمدرسين وكل الفاعلين من داخل المؤسسة وخارجها.
كما أن الإدارة التربوية لا زالت تعترضها جملة من الاكراهات نذكر منها :
– ضعف الطاقم المساعد على إنجاز مهام الإدارة التربوية،
– تشعب وتداخل المسؤوليات والمهام المطلوب انجازها والتي تتطلب مؤهلات خاصة،
– ضعف التحفيز والتشجيع بالنظر إلى المجهودات المبذولة،
– ضعف تأهيل المؤسسات وتزويدها بالوسائل الكافية والتكنولوجبا الحديثة،
نقص في التكوين الأساسي والمستمر في مجال التدبير التربوي والإداري والمالي.
2 –الإطار المؤسساتي للإدارة العمومية :
ارتباطا بالمكانة المتميزة للإدارة التربوية كمكون أساسي داخل النسق التربوي، واعتبارا لدورها الهام والحساس في ترجمة مقتضيات الإصلاح على أرض الواقع ، بادرت السلطات المكلفة بالتربية والتكوين إلى إصدار مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية انطلاقا من سنة 2002 قصد الرفع من الوضع الاعتباري للإدارة التربوية وللمؤسسات التعليمية.
وتتمثل أهم المراسيم والقرارات والمذكرات المنظمة للإدارة التربوية فيما يلي :
– مرسوم رقم 376-02-2 بتاريخ 8 ذي الحجة 1423 (17 يوليوز 2007) بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية و التعليم العمومي.ومن بين ما تضمنه هذا المرسوم تحديد أطر الإدارة التربوية في كل مؤسسة للتربية و التعليم العمومي،والمهام المسندة لكل إطار.
– مرسوم رقم 8582-02-2بتاريخ 8 ذي الحجة 1423(10فبراير2003).وقد حدد هذا المرسوم المبالغ المالية السنوية المخولة لأطر الإدارة التربوية المكلفين بتسيير مؤسسات التربية والتعليم العمومي؛
– قرار رقم 04-764 الصادر بتاريخ 29 صفر 1425 ( 20 أبريل 2006)، ويحدد كيفيات وضع لوائح الأهلية لشغل مهام الإدارة التربوية بمؤسسات التربية والتعليم العمومي؛
– قرار رقم 05-1849 بتاريخ 2 رجب 1426 ( 8 غشت 2005)، ويحدد شروط وكيفيات تنظيم التكوين الخاص لفائدة أطر الإدارة التربوية. بحيث تحددت بمقتضى هذا القرار شروط إقرار المسؤول الإداري في منصبه منها تكوينات نظرية وميدانية وتتبع من طرف لجان إقليمية مختصة.
– مقرر وزاري بتاريخ 13 أكتوبر 2005، ويحدد كيفيات تنظيم المقابلة لانتقاء المديرين ومديري الدراسات بمؤسسات التربية والتعليم العمومي؛
– مذكرة رقم 143 بتاريخ 20 أكتوبر 2006، وتحدد شروط وكيفيات تنظيم التكوين الخاص لفائدة الأطر المكلفة بمهام الإدارة التربوية للموسم الدراسي 2007-2006
– مذكرة رقم 17 بتاريخ 2 مارس 2006، وتحدد شروط وكيفيات تنظيم التكوين الخاص لفائدة الأطر المكلفة بمهام الإدارة التربوية.
– مشروع قرار لمراجعة القرار 04-764 بتحديد كيفيات وضع لوائح الأهلية لشغل مهام الإدارة التربوية، ويهدف هذا القرار المعروض على مسطرة المصادقة، إلى توسيع قاعدة الترشيح لشغل منصب الإدارة التربوية، من خلال فتح المجال أمام أطر أخرى ظلا مقصية بمقتضى القرار السابق، مثل المستشارين في التوجيه والتخطيط، والمفتشين الملحقين التربويين، وملحقي الاقتصاد والإدارة.
– مشروع مرسوم بتعديل المرسوم رقم 858-02-2 بشان التعويضات المخولة لأطر الإدارة التربوية، وذلك قصد الرفع من قيمة هذه التعويضات.
3- سياقات الارتقاء بالإدارة التربوية :
يندرج قرار تنظيم منتديات الإصلاح لسنة 2007 حول موضوع ” الارتقاء بالإدارة التربوية” بشكل عام ضمن اعتبارات ذات أبعاد متصلة بسياق التوجه الإنمائي والحكامي والذي يهدف إلى تثمين “قواعد مغرب قوي حداثي وديمقراطي” وذلك من خلال :
– دعم المسار الديمقراطي وتوسيع مجالات حقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية، وترسيخ قيم المواطنة ومحاربة مظاهر الفساد؛
– تعزيز آليات اللامركزية واللاتركيز سعيا لإرساء سياسة القرب في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وممارسة الديمقراطية المحلية والجهوية؛
– ترجمة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى برامج ومشاريع تنموية قابلة للانجاز؛
– اعتماد النهج التشاركي الإنمائي بين مختلف فعاليات المجتمع المغربي وتعزيز التعاون المثمر مع كافة المتدخلين؛
– استعمال برامج مد الوسط القروي بالكهرباء والماء الصالح للشرب، وفك العزلة عن مناطقه الجبلية والنائية؛
– تعزيز التجهيزات والمشاريع العمرانية المتمثلة في خلق مدن جديدة، وإعادة هيكلة النسيج الشبه الحضري.
كما يندرج قرار تنظيم هذه المنتديات في سياق تطور النظام التربوي وما تراكم من منجزات خلال السنوات السبع الأولى من العشرية الوطنية للتربية والتكوين.
3.1- رهانات الإدارة التربوية :
ولعل السياقان العام والخاص يضعان الإدارة التربوية أمام رهانات حاسمة على درب استكمال إصلاح المنظومة التربوية ونذكر منها :
– تثبيت مكتسبات الإصلاح وإثمارها؛
– استكمال الإصلاح ضمن مناخ من التعبئة والانخراط الفعلي والجماعي؛
– مواصلة استقطاب الفئات غير الممدرسة لتلج المدرسة وتتوفر لها المساواة في فرص التعلم والتأهيل للحياة العملية المنتجة؛
– المواءمة بين الحاجيات والإمكانات بترشيد استعمال الوسائل المتاحة؛
– الرفع من المردودية الداخلية للنظام التربوي ومحاربة جميع أشكال الهدر؛
– تثبيت شروط وظروف الارتقاء بجودة التعليم على صعيد مؤسسات التربية والتعليم؛
– تثبيت آليات التأطير وتقويم الأداء التربوي وتقييم مدارك التلاميذ على صعيد مؤسسات التربية والتعليم؛
– استثمار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تحديث الإدارة التربوية، وفي تأهيل التلاميذ.
4– خطة الارتقاء بالإدارة التربوية :
لقد وضعت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، خطة للارتقاء بالإدارة التربوية سعيا وراء كسب رهانات مسار الإصلاح التربوي الشامل الذي تعبأت له كل الفعاليات، واعتبرته الدولة المغربية قضيتها الثانية بعد قضية استكمال الوحدة الترابية. وقد اتضح بجلاء للقائمين على الشأن التربوي، أن تنصب الجهود في المرحلة الراهنة، على المحاور التالية :
– تحسين الوضع القائم؛
– تأهل وتأهيل الإدارة التربوية؛
– تثمين الإدارة التربوية؛
– إرساء وأعمال ” مشروع المؤسسة” و”الأحواض المدرسية”؛
– دعم سياسة اللامركزية و اللاتمركز.
4.1– تحسين الوضع القائم :
من أجل دعم الإدارة التربوية، اتخذت السلطات التربوية مجموعة من الإجراءات نذكر منها :
– دعم هيئة التأطير الإداري، وذلك من خلال تعزيزها بعدد إضافي يصل إلى 2652 إطارا خلال الفترة ما بين 2000 إلى 2006، وقد هم الدعم، على وجه الخصوص مؤسسات التربية والتعليم بالوسط القروي.
– تحديث الإدارة التربوية عن طريق استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات : ويستهدف هذا البرنامج تعميم تكنولوجيا المعلومات والاتصال وربط كافة مؤسسات التربية والتعليم العمومي (8604 مؤسسة) بشبكة الانترنيت في أفق السنة الدراسية 2009/2008.
وتهدف هذه العملية إلى تحديث أساليب انجاز الخدمات والمهام التعليمية ضمن شروط تخفف من أعباء هيئة الإدارة ، فضلا عن تحسين جودة الخدمات المقدمة للتلاميذ و تأهيل الموارد البشرية الإدارية و التربوية الفاعلة بالمؤسسة.
– إقرار تعويضات لصالح هيئة الإدارة التربوية: تم ابتداء من فاتح شتنبر 2002 إقرار تعويضات لصالح أطر الإدارة التربوية المكلفين بتسيير مؤسسات التربية والتعليم العمومي، وتهم التعويضات عن الأعباء والتعويضات عن السكن في حالة عدم توفر سكن وظيفي.
– إحداث مجالس التدبير كآلية جديدة للتأطير التربوي والإداري على مستوى المؤسسات التربوية. وقد تم إحداث مجالس التدبير بموجب المرسوم رقم 376-02-2 الصادر بتاريخ 17 يوليوز 2007 بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي وذلك استجابة لتوجهات الميثاق الوطني للتربية والتكوين في مجال التسيير والتدبير، وتجسيدا لنهج اللامركزية واللاتركيز من خلال تولي هذه المجالس مهام تطبيق السياسة التربوية على مستوى المؤسسات جنبا إلى جنب مع الإدارة التربوية مما ساهم في توسيع دائرة التشاور وإبداء الرأي وإشراك جميع الفاعلين في تدبير شؤون المؤسسة التعليمية.
– إقرار مسطرة جديدة لإسناد المناصب الإدارية، ومسطرة جديدة للإقرار في المنصب بالإضافة إلى توسيع قاعدة الترشيح لإسناد مناصب الإدارة التربوية.
4.2– تأهل وتأهيل الإدارة التربوية :
يقتضي الارتقاء بجودة الإدارة التربوية تأهلها الذاتي والجماعي، من خلال استيعابها للدور الجديد، والمهام والمسؤوليات والاضطلاع بها بفاعلية ونجاعة .
وهكذا تكمن المهمة المركزية للإدارة التربوية، بمقتضى الميثاق الوطني للتربية والتكوين، في: “التحلي بموقف، اتجاه المتعلمين، قوامه التفهم والإرشاد والمساعدة على التقوية التدرجية لسيرورتهم الفكرية والعلمية، وتنشئتهم على الاندماج الاجتماعي واستيعاب القيم الدينية والوطنية والاجتماعية,” و”جعل المعلمين في قلب الاهتمام والتفكير والفعل خلال العملية التربوية مع جعل مصلحتهم فوق كل اعتبار ومعاملتهم على قدم المساواة.” الميثاق الوطني
أما فيما يخص الواجبات المركزية، فإن الميثاق الوطني قد حددها فيما يلي :
– العناية بالمؤسسات من كل الجوانب،
– الاهتمام بمشاكل المتعلمين ومشاكل المدرسين والعمل على إيجاد حلول لها؛
– تتبع أداء الجميع وتقويمه.
– الحوار والتشاور مع المدرسين والآباء والأمهات وأولياء التلاميذ وشركاء المؤسسة.
كما أنه في ظل التحولات التي يعرفها نظام التربية، فقد أصبح من الأولويات تأهل الإدارة التربوية للاضطلاع بمهام حيوية ومصيرية في تمتين المكتسبات واستكمال الإصلاح، ومن أهم هذه المهام الحيوية :
– ترسيخ ثقافة أداء الواجب والمطالبة بالحقوق؛
– الارتقاء بأوضاع المؤسسة التعليمية إلى مستويات تكفل شروط التعليم الجيد؛
– التدبير الأمثل للوسائل الموضوعية رهن إشارة المؤسسة المادية منها والمالية والبشرية؛
– الحيلولة دون مختلف أشكال التبذير في الزمن وفي استغلال الحجرات والتجهيزات وفي استهلاك الماء والكهرباء؛
– إعداد وإعمال بنيات تربوية ذات مردودية مثلى؛
– المساهمة الفعلية في الحد من الهذر المدرسي بكافة أشكاله وخصوصا الانقطاع عن الدراسة والعمل على أن يكون الفصل عن الدراسة أمرا استثنائيا؛
– الإسهام في جعل المؤسسة فضاء للإبداع والتنافس لدعم تنشئة التلاميذ وترسيخ قيم المواطنة لديهم.
وبالمقابل فإن تأهل الإدارة التربوية واستعدادها على المستوى الفردي والجماعي للاضطلاع بمهامها وواجباتها، يستدعي تأهيلها وذلك بمدها بمختلف الوسائل الداعمة لممارسة اختصاصاتها.
وهكذا فإن السلطات المركزية والجهوية والإقليمية لقطاع التربية الوطنية، مطالبة بـ :
– مد المؤسسات التربوية بالاعتمادات الضرورية لتسييرها؛
– دعم الإدارة التربوية بموارد بشرية إضافية؛
– توفير التكوين الأساسي والمستمر لفائدة هيئة الإدارة التربوية؛
– إعطاء استقلالية أكبر لمؤسسات التربية والتعليم العمومي في مجال التدبير المالي؛
– تحديث تدبير مؤسسات التربية والتعليم العمومي من خلال إدخال تكنولوجيا الإعلاميات والاتصالات، مع دعمها بالأطر التقنية؛
يبدو إذن بالنظر للدور الحيوي المنوط بالإدارة التربوية، أن المقاربة الشمولية للسلطات التربوية تروم إرساء إدارة ذات مواصفات احترافية ومهنية، من حيث الشروط النظامية والبعد التكويني، لذلك ينصب التفكير حاليا حول إمكانية إحداث مؤسسة خاصة بتكوين أطر هيئة الإدارة التربوية.
4.3– تثمين الإدارة التربوية :
نظرا للدور الحيوي المنوط بالإدارة كحلقة مهمة في النسق التربوي، واعتبارا لتعدد مهامها وتشعب مسؤولياتها، وصعوبة ظروف الاضطلاع بها، فإن خطة الارتقاء بالإدارة التربوية تضمنت مجموعة من المبادرات التي تهدف إلى تثمين الدور الذي تقوم به الإدارة التربوية، وهكذا ارتكز اهتمام السلطات التربوية المركزية على تحفيز الموارد البشرية والارتقاء بظروف عملها من خلال مجموعة من التدابير نذكر منها :
– توفير الشروط اللازمة لضمان استقرار هيئة الإدارة التربوية في مهامها والاهتمام بظروفها الاجتماعية التي قد تحول دون هذا الاستقرار؛
– تدليل الصعوبات المرتبطة بالسكنيات الوظيفية بالحيلولة دون عدم احترام حرمة السكن الوظيفي المخصص لأطر الإدارة التربوية؛
– الرفع من تعويضات الإدارة التربوية ( المديرون، النظار، رؤساء الأشغال، الحراس العامون) لتتناسب مع الأعباء؛
– تخويل امتيازات مادية ومعنوية للمديرين يتناسب مع حجم ونوع المؤسسة وموقعها؛
– تخصيص تعويضات للتنقل للمديرين وخاصة بالبوادي؛
– مراعاة وضعية أطر الإدارة التربوية بخصوص الترقية الداخلية والامتحانات المهنية.
بالإضافة إلى ذلك فإن الوزارة أقرت بعض مشاريع النصوص التنظيمية المندرجة، في إطار تفعيل وأجرأة التدابير السالفة الذكر، ونذكر منها مشروع مرسوم يقضي بمراجعة مضامين المادة 10 من المرسوم رقم 376-02-2 المشار إليه سابقا، وذلك من خلال إسناد مهمة تسيير فرع المدرسة الابتدائية التي يتجاوز عدد أقسامه ثلاثة إلى أستاذ التعليم الابتدائي من بين العاملين في الفرع، دون إعفائه من تقديم حصته الأسبوعية كاملة في التدريس. وبموازاة مع هذا المشروع، هناك مشروع إحداث تعويض عن الأعباء الإدارية لفائدة أستاذ التعليم الابتدائي المكلف بتسيير الفرع، حددت مقاديره في 6000 درهم. كما أن هناك مشروع مرسوم يقضي برفع المقادير السنوية عن الأعباء الإدارية بمؤسسات التربية والتعليم العمومي، ومشروع قرار يقضي بمراجعة قرار وزير التربية الوطنية والشباب رقم 04-764 الصادر في 20 ابريل 2004، بتجديد كيفية وضع لوائح الأهلية لشغل مهام الإدارة التربوية بمؤسسات التربية والتعليم العمومي، وذلك ليفسح المجال أمام فئات أخرى كانت محرومة من الترشح لشغل مناصب الإدارية التربوية كالمستشارين في التوجيه والتخطيط، والمفتشون وملحقو الإدارة والاقتصاد والملحقون التربويون.
4.5– إرساء وإعمال مشروع المؤسسة :
يعتبر مشروع المؤسسة الإطار المجسد للأنشطة التي تهدف إلى تفعيل الحياة المدرسية، وكما يعتبر المرآة التي تعكس نتائج مهام ومسؤوليات وأداء الإدارة التربوية في سعيها إلى الارتقاء بجودة الخدمات التي تقدمها المؤسسة. وعلى هذا الأساس فقد أولته الوزارة أهمية خاصة من خلال وضع برنامج متكامل لإرساء ” مشروع المؤسسة” على صعيد مؤسسات التربية والتعليم العمومي خلال الفترة ما بين 2006و 2009.
وبموازاة مع ذلك سيتم انجاز العمليات التالية:
– تكوين مجموعة من الأطر لتوفير القدرات المؤهلة لتأطير عملية إعداد مشروع المؤسسة؛
– تكوين 1200 مجلسا في مجال إعداد مشروع المؤسسة؛
– وضع وإعمال مشروع المؤسسة على صعيد 1200 مؤسسة للتربية والتعليم العمومي؛
– تعميم مشروع المؤسسة على باقي مؤسسات التربية والتعليم العمومي؛
4.6– إرساء وإعمال مشروع الحوض المدرسي :
يقصد بالحوض المدرسي مجموعة من المؤسسات التعليمية الابتدائية التي تشكل روافد لثانوية إعدادية وقد استحدث الحوض المدرسي في إطار مشاريع التعاون الثنائي توخيا لمقاربة قضايا والتكوين على صعيد المؤسسات التعليمية المكونة له.
وقد تم إدراج عملية إرساء وإعمال مشروع الحوض المدرسي ضمن خطة الارتقاء بالإدارة التربوية انطلاقا من الدور الذي يلعبه كإطار وظيفي لتنمية التمدرس ودعم تحسين الجودة وتعزيز الترابط بين الثانويات الإعدادية والروافد، وكمجال جغرافي وتربوي لبلورة مختلف الأنشطة والتدابير الرامية إلى دعم جهود الإصلاح في إطار من التعاون والتشاور والتنسيق، في أفق أن يصبح من الممكن تفويض الاعتمادات للثانوية الإعدادية لتغطية حاجيات المؤسسات المكونة للحوض المدرسي، مع إمكانية التتبع المادي والمحاسباتي للعمليات التي تندرج في هذا الإطار.
4.7– دعم اللامركزية واللاتمركز في التسيير والتدبير :
لقد أقر الميثاق الوطني للتربية والتكوين في دعامته الخامسة عشر، نهج سياسة اللامركزية واللاتركيز في قطاع التربية والتكوين كاختيار استراتيجي وحاسم في عملية الإصلاح. وقد جاء ذلك تطبيقا لمقتضيات الدستور والقوانين المنظمة للجهات والجماعات المحلية من جهة، و “اعتبارا لضرورة ملاءمة التربية والتكوين للحاجات والظروف الجهوية والمحلية ، ومن أجل التسهيل والترشيد السريع لمساطر تدبير العدد المتزايد من التجهيزات الأساسية، والعدد المتعاظم للمتعلمين والمؤطرين في قطاع التربية والتكوين”.الميثاق الوطني: المادة 144.
وهكذا فإن إعادة هيكلة الإدارة على أساس اللامركزية واللاتمركز سوف يساهم في النقل التدريجي للسلط والاختصاصات من المركز إلى الأكاديميات الجهوية والنيابات الإقليمية وشبكات التربية والتكوين وكذا على صعيد كل مؤسسة، مما سيساهم في اتخاذ القرارات والبث بالفعالية والسرعة المطلوبتين في العديد من القضايا ذات البعد الإصلاحي، كما أنه سيساهم في ” إطلاق المبادرات البناء، وضبط المسؤوليات في جميع أرجاء البلاد لحل المشكلات العملية للقطاع في عين المكان، بأقرب ما يمكن من المؤسسات التعليمية والتكوينية،” نفس المرجع أعلاه.
فعلى صعيد الجهة، تمت إعادة هيكلة نظام الأكاديميات لتصبح سلطة جهوية للتربية والتكوين لا متمركزة ولا ممركزة ومزودة بالموارد البشرية والمادية اللازمة للقيام بأدوارها وممارسة اختصاصاتها.
وعلى صعيد الإقليم، فقد أصبحت المصالح الإقليمية للتربية والتكوين تعمل تحت إشراف هيئة إقليمية للتربية والتكوين تشكل عل غرار الهيئة الجديدة للأكاديميات الجهوية.
وعلى الصعيد المحلي، سيتم إنشاء شبكات محلية للتربية والتكوين يشرف عليها مكتب للتسيير مكلف من مديري المدارس والمؤسسات المرتبطة ضمن نفس الشبكة، وممثلين عن المدرسين وآباء التلاميذ وعن الهيئات المهنية المحلية. وستقوم هذه الشبكات بتدبير القطاع جزئيا على الصعيد المحلي كالإشراف على إعداد البرامج الدراسية وتنفيذها، وتنسيق انتقالات التلاميذ والمدرسين بين المؤسسات المنضوية تحت نفس الشبكة.
أما على صعيد المؤسسات التربوية فإن الميثاق الوطني أوكل تسيير كل مؤسسة للتربية والتكوين إلى مدير ومجلس للتدبير يمثل فيه المدرسون وآباء وأولياء التلاميذ وشركاء المدرسة في مجالات الدعم المادي أو التقني أو الثقافي ويساعد هذا النهج على إرساء النمط الديمقراطية التشاركي للإدارة التربوية، وذلك من خلال توسيع دائرة المشاركة واتخاذ القرار، مما سيساهم دون شك في تقليص هامش الخطأ، ويرفع من الأداء والمردودية، ويسهل المراقبة والمتابعة.
المحور الثالث: -الإدارة التربوية : المهام والأدوار والوظائف :1- تركيبة الإدارة التربوية :
انطلاقا من مضامين هذه النصوص تتحدد أطر الإدارة التربوية كالتالي :
– بالنسبة للمدرسة الابتدائية، هناك المدير.
– بالنسبة للثانوية الإعدادية، هناك المدير، حارس أو حراس عامون للخارجية، حارس عام الداخلية في حالة توافر المؤسسة على أقسام داخلية أو مطاعم مدرسية.
– بالنسبة للثانوية التأهيلية، هناك المدير، الناظر،مدير الدراسة في حالة توافر المؤسسة على أقسام تحضيرية لولوج المعاهد والمدارس العليا أو أقسام لتحضير شهادة التقني العالي، رئيس الأشغال بالنسبة للمؤسسات التقنية، حارس أو حراس عازمون للخارجية، حارس عام للداخلية في حالة توافر المؤسسة على أقسام داخلية أو مطاعم مدرسية.
2- مهام الإدارة التربوية :
طبقا للمرسوم رقم 376-02-2 الصادر بتاريخ 6 جمادى الأولى 1423 ( 17 يوليوز 2002) بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي، تتحدد مهام أعضاء الإدارةالتربوية كما يلي:
المدير :
يقوم مدير المؤسسة بما يلي :
– الإشراف على التدبير التربوي والإداري والمالي للمؤسسة ومراقبة العاملين بها في إطار احترام النصوص التشريعية والتنظيمية والمذكرات والمناشير المصلحية الجاري بها العمل؛
– رئاسة مجالس المؤسسة المنصوص عليها في المرسوم المذكور أعلاه، واتخاذ التدابير اللازمة لتطبيق مقرراتها؛
– العمل على ضمان حسن سير الدراسة والنظام في المؤسسة وتوفير شروط الصحة والسلامة للأشخاص والممتلكات؛
– اقتراح توفير وسائل العمل الضرورية لتدبير شؤون المؤسسة على الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين المعنية؛
– إعداد برامج العمل السنوي الخاص بأنشطة المؤسسة والعمل على تنفيذه بعد دراسته من قبل مجلس التدبير وعرضه على مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين المعنية قصد المصادقة عليه؛
– إبرام اتفاقيات الشراكة وعرضها قبل الشروع في تنفيذها، على موافقة مدير الأكاديميات المعنية؛
– تمثيل المؤسسة محليا إزاء السلطات العمومية والهيئات المنتخبة؛
– وضع تقرير عام سنوي حول نشاط وسير المؤسسة وعرضه على مجلس التدبير.
مدير الدراسة :
يقوم مدير الدراسة بالأقسام التحضيرية لولوج المعاهد والمدارس العليا أو بأقسام تحضير شهادة التقني العالي تحت إشراف مدير المؤسسة بما يلي:
– تتبع وتنسيق أعمال الموظفين القائمين بمهام العمل التربوي الخاص بالأقسام التحضيرية،
– السهر على تنفيذ البرامج والمناهج والأنشطة التربوية المختلفة المتعلقة بالأقسام التحضيرية،
– تنظيم وتتبع ومراقبة مختلف عمليات التقويم والامتحانات،
– الإشراف على تنظيم التداريب الخاصة بتلامذة الأقسام التحضيرية،
– المساهمة في توجيه وإرشاد التلاميذ لولوج الأقسام التحضيرية.
الناظر :
– تتبع أعمال الموظفين القائمين بمهام العمل التربوي وتنسيقها؛
– السهر على تنظيم العمل التربوي ووضع جداول الحصص الدراسية؛
– تتبع تنفيذ المناهج والأنشطة التربوية المختلفة؛
– انجاز الأعمال التمهيدية لأشغال المجلس التربوي وتطبيق مقرراته؛
– العمل على تنفيذ جميع الإجراءات التطبيقية لانجاز العمل التربوية؛
– المشاركة في تنظيم مختلف عمليات التقويم والامتحانات ومراقبتها؛
رئيس الأشغال :
يقوم رئيس الأشغال بما يلي :
– المشاركة في برمجة مختلف أنشطة وحصص مواد التعليم التقني؛
– المساهمة في تنظيم مختلف عمليات التقويم والامتحانات وتتبعا ومراقبتها؛
– التنسيق بين فروع التعليم التقني النظري والتطبيقي؛
– وضع برمجة سنوية لأنشطة التعليم التقني اعتمادا على مقررات المجالس التعليمية للشعب الفنية وتحديد خطة تطبيقها والسهر على تنفيذها؛
– تنظيم مختلف أجنحة المشاغل والمختبرات وترتيب المعدات والمواد الأولية المستعملة بها وترشيد استغلالها والعمل على صيانتها؛
– تنظيم التداريب والزيارات الميدانية لتلاميذ وأساتذة شعب التعليم التقني؛
– العمل على ربط علاقات مع القطاعات السوسيو- اقتصادية لفائدة شعب التعليم التقني؛
– اقتراح اقتناء وتجديد المعدات الخاصة بالتعليم التقني.
الحارس العام للخارجية :
يقوم الحارس العام للخارجية بما يلي :
– تتبع أوضاع التلاميذ التربوية والتعليمية والسيكولوجية والاجتماعية والصحية؛
– ضبط ملفات التلاميذ وتتبعها وانجاز الوثائق المتعلقة بتمدرسهم؛
– مراقبة تدوين نتائج التلاميذ بالملفات المدرسية من لدن المدرسين، وانجاز الأعمال الإدارية التكميلية المتعلقة بها؛
– تلقي التقارير بخصوص، انضباط التلاميذ وعرض غير المنضبطين منهم على مجالس الأقسام عند الاقتضاء؛
– تنسيق أعمال المكلفين بمهام الحراسة التربوية العاملين تحت إشرافه وتأطيرهم ومراقبتهم؛
– المشاركة في تنظيم مختلف عمليات التقويم والامتحانات وتتبعها ومراقبتها؛
– إعداد تقارير دورية حول مواظبة وسلوك التلاميذ وعرضها على مجالس الأقسام.
الحارس العام للداخلية :
يتولى الحارس العام للداخلية مسؤولية المحافظة على النظام والانضباط في القسم الداخلي للمؤسسة والسهر على راحة التلاميذ وضمان استقامتهم ونظافة محيطهم، كما يقوم بمراقبة نشاطهم التربوية، كما يقوم، علاوة على ذلك، بتنشيط الثقافية والرياضية والفنية للتلاميذ الداخلين وتقديم المشورة لهم في هذا المجال.
3 – الأدوار الجديدة لمدير المؤسسة التربوية :
انطلاقا من المهام التي حددها المشرع لمدير المؤسسة التربوية، وانسجاما مع المسار التحديثي للإدارة التربوية، أصبحت للمدير أدوار جديدة تؤسس للتصور الجديد للإدارة المدرسية في علاقتها بالفاعلين التربويين من جهة وبمحيطها السوسيو اقتصادي من جهة ثانية، وهكذا أصبح من بين أدوار المدير دور المدبر، ودور المرشد التربوي، ودور المنشط الاجتماعي.
1-3- المدير كمدبر :
يعتبر مدير المؤسسة التربوية مسؤولا عن التدبير الإداري والمادي والمالي.
ففيما يتعلق بالشق الإداري يعتبر المدير الممثل الرسمي للإدارة المركزية إزاء السلطات المحلية والهيئات المنتخبة، والمتحدث باسم المؤسسة. كما يعتبر صلة وصل بين المدرسة والهيئات الإدارية العليا ( الوزارة، الأكاديمية، النيابة…) فهو الذي يتكلف بتلقي المراسلات، والمذكرات ويتحمل مسؤولية تبليغها وتطبيق فحواها.
ومن جهة أخرى، يسهر المدير على مراقبة تنفيذ مقتضيات التشريع المدرسي وضمان استعمال الوسائل والأدوات والمراجع التعليمية والخزانة المدرسية، والإشراف على الموظفين والأعوان والقيام بعمليات التسجيل والإحصاء والتراسل الإداري والتوثيق والتنظيم. كما يدخل ضمن اختصاصات المدير الإدارية، تنظيم الامتحانات وتدبير أعمال الحراسة والتصحيح والكتابة، ورئاسة مجالس المؤسسة، وانجاز التقارير الدورية، ومراقبة الوثائق التربوية، ومنح النقط الإدارية، وإبداء الرأي والملاحظة فيما يتعلق بالترسيم والترقية.
وفيما يتعلق بالشق المادي، يعتبر المدير المسؤول عن تتبع حركية المواد والأدوات والتجهيزات المدرسية، والوسائل التعليمية، والسهر على سلامتها من التلف والضياع، والحفاظ على جودتها وصيانتها وإصلاحها وترشيد استعمالها واستغلالها، والتخلص من التجهيزات المتلاشية والغير القابلة للإصلاح، والتي تتراكم بجنبات البنايات مشكلة خطرا على سلامة وأمن التلاميذ، ومشوهة لجمالية فضاء المؤسسة.
أما الشق المالي ، فيقصد به الإشراف على عملتي الاستخلاص والصرف. وهكذا يصبح المدير محاسبا إداريا يقوم بتدبير المداخيل والنفقات. فهو الذي يقوم بوضع لوائح للملزمين بأداء الحقوق الثابتة للمؤسسة، ويحصر المبالغ المستحقة، ثم يأمر باستخلاصها مثبتا ذلك في سجل المداخيل. وبالمقابل فهو المسؤول عن النفقات، بحيث يملك صلاحية تقدير ضرورة وأهمية المصاريف التي يعتزم إنفاقها.
وتشكل مداخيل المؤسسة المالية في الغالب من رسوم التسجيل، رسوم الداخليات، ورسوم التأمين المدرسي والرياضي، ورسوم الانخراط في التعاونيات المدرسية أو الجمعيات الرياضية المدرسية ورسوم إعارة الكتب بالإضافة إلى الاعتمادات التي ترصدها الأكاديميات الجهوية لتسيير مؤسسات التربية والتعليم العمومي.
وبالنظر إلى أهمية التدبير الإداري والمادي والمالي، يمكن الجزم بأن الإصلاح الحقيقي والجودة لمنشودة لا يمكن أن نراهن عليها إلا إذا كان الاهتمام منصبا على التفكير في سبل الارتقاء بأداء هيئة الإدارة التربوية على اعتبار أن نجاح المشاريع وتوفير الحاجيات رهين بمدى فعالية تدبير الموارد البشرية والمادية والمالية المتاحة.
2-3- المدير كمشرف تربوي :
بعد أن تحولت دفة التربية إلى الاهتمام بتكوين شخصية المتعلم وإعداده للاندماج في مجتمع متطور، تغيير أدوار المدير، وأصبحت الأعمال الإدارية، على أهميتها ليس إلا وسيلة لتحقيق هذه الغاية. وعلى هذا الأساس أصبح المدير ” مشرفا تربويا مقيما” يعهد إليه بالاطلاع على كل التفاصيل المتعلقة بسير العملية التعليمية- التعلمية. والتي تتصل بأمور المتعلمين وتحصيلهم وكفاءة المدرسين والمناهج والبرامج وطرق التدريس وأساليب التقويم ومن بين المسؤوليات التي تدخل في نطاق دور الإشراف التربوي للمدير نذكر ما يلي :
– السهر على تطبيق المناهج والبرامج واستعمالات الزمن،
– مراقبة أعمال ووثائق المدرسين وإغناؤها؛
– إرشاد المدرسين وتشجيعهم وتوفير الظروف لتكوينهم وتأهيلهم الذاتي؛
– تنشيط مجالس المؤسسة؛
– المساهمة في إعداد مشروع المؤسسة.
وإذا كان من الإنصاف أن نقر أنه من الصعب على مدير المؤسسة أن يكون ملما بجميع تفاصيل المواد الدراسية، ومن الصعب عليه تقديم العون لكل مدرس فيما يصادفه من معضلات ديداكتيكية وابستمولوجية متعلقة بهذه المادة أو تلك، فإننا بالمقابل نؤكد على أن دوره كمشرف تربوي يفرض عليه أن يطلع على كل تفاصيل العملية التعليمية لرصد الاختلالات والمعيقات، وطرحها على المشرفين التربويين المعنيين للتعامل معها والعمل على معالجتها.
وهكذا نخلص إلى أن دور المدير كمشرف تربوي أشبه ” بمايسترو يقود اوركسترا لا يمكنها أن تعزف سيمفونية متناسقة الألحان، إلا إذا كان يجيد التنسيق من جهة، وإذا كان يعرف إمكانيات المشتغلين تحت سلطته من جهة أخرى”. مارسيل بلانت-“إدارة مؤسسة تربوية” 1994.
كم يرى أحمد بنعايد أن دوره هذا يحتم عليه ” الإلمام بالمكونات الثلاث في العملية التعليمية، أي بنية المنهجية، المدرسين والتلاميذ”.
3-3- المدير كمنشط اجتماعي :
يقصد بالتنشيط ” ذلك الفعل الايجابي الذي يساهم في تحريك وتحرير الطاقات الذهنية والوجدانية والحركية، وفي تفتيت المواهب والقدرات المضمرة والظاهرة لدى الأفراد والجماعات قصد القيام بأنشطة ثقافية أو اجتماعية أو رياضية بشكل تلقائي وتطوعي”. ودور المدير كمنشط اجتماعي يجد مشروعيته وإلزاميته في كون المدرسة مؤسسة اجتماعية وتربوية صغرى داخل المجتمع الأكبر، وهي حسب دوركهايم ذات وظيفة سوسيولوجية وتربوية هامة، إذ تقوم بالتنشئة الاجتماعية والتربوية والرعاية لتكوين مواطن صالح.
كما ينسجم هذا الدور مع روح الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي أراد من المدرسة الجديدة أن تكون ” مفتوحة على محيطها بفضل نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع في قلب المدرسة، والخروج إليه منها بكل ما يعود بالنفع على الوطن، مما يتطلب نسج علاقات جديدة بين المدرسة وفضائها البيئي والمجتمعي والثقافي والاقتصادي” المادة 9 من الميثاق الوطني.
وفي هذا السياق، وبالرجوع إلى مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين، نرى أن انفتاح المؤسسة على محيطها رهين بتفعيل دور المدير في مجال الشراكة. ويتجلى هذا الدور في وضع مشاريع لتنمية وتحسين جودة التربية والتعليم بالمؤسسة والجماعة التي تنتمي إليه، وتعيين الشركاء المناسبين واضطلاعهم على المشاريع المنتقاة وإقناعهم بأهميتها، والتفاوض معهم بخصوص حجم ونوعية مساهمتهم في انجازها، وأخيرا تتبع تنفيذها ووضع آليات التقويم.
4-المؤسسة التربوية والشراكة :
تجسيدا لمطلب الانفتاح على المحيط، تحتاج المؤسسة التربوية إلى إبرام اتفاقيات الشراكة مع مختلف الفاعلين سواء من داخل البيئة المحلية أو من خارجها، وذلك لإعطاء هذا الانفتاح بعدا تنمويا يؤسس لعلاقات جديدة بين المدرسة والمجتمع، قائمة على مبدأ المنفعة المشتركة والانخراط التشاركي في تنمية المحيط تربويا واقتصاديا واجتماعيا.
1-4- مفهوم الشراكة :
الشراكة من أشكال التعاون تعقد بموجبه اتفاقيات بين طرفين أو أكثر، ويؤطرها إطار قانوني يحدد التزامات وتعهدات كل طرف بانجاز ما تم الاتفاق عليه. والشراكة تنبع من رغبة مشتركة في التعاون لتحقيق مصالح معينة تسعى إليها الأطراف المتعاقدة.
2-4- مزايا الشراكة :
لا يمكن ان يجادل أحد فيها يمكن للشراكة أن تدره من منافع على أطراف العلاقة التعاقدية وعلى المجتمع المعني بشكل عام. فهي من جهة تمكن الأطراف المتعاقدة من اقتسام المصاريف المرصودة لانجاز المشروع أو المشاريع المتفق بشأنها، مساهمة بذلك في تخفيض الكلفة. ومن جهة أخرى يعتبر رهان ربح الوقت دافعا قويا لانجاز اتفاقيات الشراكة، بحيث أن الشراكة تساهم في انجاز مشاريع كانت ستبقى حبيسة المناضد والرفوف لسنوات في انتظار توفر الإعتمادات المالية اللازمة. كما لا ننسى أنه كلما كانت المشاريع منجزة في إطار شراكة كلما زادت الإرادة في الحفاظ عليها وصيانتها،ولقد أثبتت التجربة أن المشاركة في انجاز المشاريع يولد الشعور بامتلاكها، ويحفز الهمم للمحافظة عليها.
3-4- الشراكة والمدرسة :
من بين مهام المدير التي حددتها المادة التاسعة من المرسوم 376-02-2 السالف الذكر هناك ” إبرام اتفاقيات الشراكة وعرضها قبل الشروع في تنفيذها على موافقة مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين المعنية” وعليه فإن المدير مطالب بالبحث عن آفاق للشراكة بين المؤسسة التي يديرها وجميع الفعاليات التي يمكنها إفادة المدرسة سواء في مجال التعبئة أو التمويل أو التجهيز أو التكوين أو التأطير … إلا أن هذه المهمة تستدعي مهارات في التواصل والتفاوض والتنشيط، وكفايات في التخطيط والتنظيم والتوجيه والمراقبة، وقدرة على إقامة علاقات اجتماعية وإنسانية، مما سيمكنه من ربط جسور الثقة مع فعاليات المحيط ودفعهم إلى المساهمة في الارتقاء بالخدمات التي تقدمها المدرسة سواء على المستوى التربوي أو الاجتماعي.
4-4- شركاء المدرسة :
“تيسيرا لتعميم تعليم جيد، وسعيا لتقريب المدرسة من روادها وإدماجها في محيطها المباشر”. ” فإن كل القوى الحية للبلاد حكومة وبرلمانا وجماعات محلية، وأحزاب سياسية ومنظمات نقابية ومهنية، وجميعات وإدارات ترابية، وعلماء ومثقفين وفنانين، وشركاء المعنيين كافة بقطاع التربية والتكوين، مدعوة لمواصلة الجهد الجماعي من أجل تحقيق أهداف إصلاح التربية والتكوين…” الميثاق الوطني للتريبية والتكوين – المادتين 29-23.
من خلال القراءة الأولى للمادة 23 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين يلاحظ أن إصلاح نظام التربية والتكوين يتطلب انخراط مجموعة من الفعاليات سواء من داخل الفلك المدرسي أو من خارجه. إلا أننا سنقتصر على بعض من هذه الفعاليات محاولين إبراز إسهاماتها ومجالات تدخلها.
1-4-4- جمعية الآباء :
جمعية آباء وأولياء التلاميذ إطار مقنن ومنظم يمثل آباء وأولياء التلاميذ بمؤسسة تربوية عمومية أو خاصة. وهي تخضع لقانون تأسيس الجمعيات، ويسيرها مكتب منتخب.
وتعتبر جمعية الآباء آلية من آليات التعبئة الاجتماعية من أجل تجديد المدرسة لما لها من أهمية وثقل داخل المحيط. فهي المترجمة لفلسفة الإصلاح والتجديد داخل أوساط الأسر، وهي الضامن لمساهمة الآباء والأمهات في دعم المدرسة، هذا الدعم الذي أصبح شرطا أساسيا لنجاح العملية التعليمية- التعلمية، على اعتبار أن ” التربية ليست وقفا على المدرسة وحدها، وأن الأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى التي تؤثر في تنشئة الأطفال وإعدادهم للتمدرس الناجح“. الميثاق الوطني للتربية والتكوين – المادة 16.
لذا يمكن اعتبار عملية تأسيس جمعية الآباء من أهم الخطوات على درب الانفتاح على المحيط. وعليه فإن المدير مطالب بالقيام بحملات تحسيسية داخل المجتمع المحلي من خلال الاتصال المباشر بالسكان لشرح فكرة الجمعية وأبعادها. وتعتبر عملية التحسيس بالغة الأهمية. فكلما كانت التعبئة مدروسة، والوسائل المستعملة في عملية الاستقطاب ناجحة، كلما كانت الاستجابة واسعة.
وإذا كان الميثاق الوطني للتربية والتكوين قد أعطى للجمعية ” صفة الشريك والمحاور ذي مصداقية ومردودية في تدبير المؤسسات التربوية وتقويمها والعناية بها”، فإنه بالمقابل اشترط في تأسيسها واجب نهج الشفافية والديمقراطية والجدية…” الميثاق الوطني- المادة 16.
وفيما يخص مجالات تدخل الجمعية، فقد نصت المادة 61 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين على ضرورة انخراط أباء وأولياء التلاميذ في كل الأنشطة الموجهة نحو الارتقاء بجودة وملاءمة الفضاء المدرسي، ومن قبيل الحفاظ على التجهيزات وصيانتها، وترميم ما يحتاج إلى ترميم، وتوفير المرافق الضرورية، كالمطاعم والمكتبات والقاعات المتعددة الوسائط، والمرافق الصحية، وربط المدرسة بخدمات الماء والكهرباء، وبناء وترميم الطرق والمسالك لتسهيل الولوج إليها.
كما أن هناك مجالات أخرى كثيرة تنشط فيها الجمعية دعما لجهود المدرسة، ونذكر منها :
– المشاركة في التعبئة للتمدرس، وذلك من خلال حملات تحسيسية لتوعية السكان بأهمية التمدرس، وخاصة تمدرس الفتاة الذي لازال لم يرق إلى المستوى المطلوب.
– المشاركة في التصدي لأسباب الهدر للرفع من نسبة الاحتفاظ، وذلك من خلال تقديم المساعدة للأسر وتحفيزها ماديا ومعنويا، وتتبع التغيبات والانقطاعات، واقتراح حلول للحد منها.
– المشاركة في تدبير الحياة المدرسية، وذلك من خلال وضع تصور مشروع المؤسسة، والمشاركة في اجتماعات مجالس المؤسسة، والمساهمة في تحديد الحاجيات من القاعات الدراسية والتجهيزات والبنيات التحتية…
– المشاركة في تحسين جودة التعلم، من خلال تتبع نتائج التلاميذ وتقويمها، وبرمجة الأنشطة الداعمة، وإنشاء الخزانة المدرسية، وتخصيص جوائز للمتفوقين…
– المشاركة في تنظيم الأنشطة الموازية والداعمة من خلال الاحتفاء بعيد المدرسة والمساهمة في أنشطته، وتنظيم مسابقات ثقافية وفنية ورياضية داخل المؤسسة وبين المؤسسات، وتنظيم رحلات لفائدة التلاميذ.
– المشاركة في دعم الأنشطة التربوية والاجتماعية من خلال توفير النقل المدرسي، ودعم التلاميذ المحتاجين، ودعم توسيع برنامج التربية غير النظامية ومحو الأمية، وتشجيع التعليم الأول، وإدماج هيئة التدريس في محيط المؤسسة. إنه بمثل هذه الأعمال ستتغير صورة المدرسة، فتبدو مضيافة وأكثر جاذبية مما سيفتح شهية الأطفال للتعلم، ويزيد من حماس الأطر التربوية لتقديم خدمات تربوية جيدة.
– تلك هي فلسفة الشراكة، فبالقدر الذي سينخرط الآباء والأمهات في دعم المدرسة بالقدر الذي سينعكس ذلك على فلذات أكبادهم وعلى محيطهم، وبالقدر الذي ستصبح فيه المدرسة أكثر عطاء، بالقدر الذي سينخرط الآباء والأمهات في دعمها.
لذا يتعين على مدير المؤسسة أن يقتنع ويقنع الآخرين حوله أن تأسيس جمعية الآباء ليس هدفا في حد ذاته، وإنما العبرة بتفعيلها وتحريك دواليبها. ويتطلب تفعيل دور الجمعية أولا تكوين أعضائها، ورفع قدراتهم التدبيرية، وذلك من خلال التأطير والتكوين في مجالات التدبير والتسيير،ومن خلال إطلاعهم على الإطار التشريعي للجمعية، والهياكل التنظيمية ومبادئ العمل الجمعوي، وحقوق وواجبات الجمعية اتجاه المؤسسة التربوية.
وعلى مستوى التنظيم، فإن تفعيل دور الجمعية، وضمان انخراطها في العمل الجاد والفعال يستلزم تنظيمها وهيكلتها، وذلك من خلال خلق لجان مختلفة حسب طبيعة المهام الموكولة إليها، مثل لجنة التعبئة والتحسيس، لجنة العلاقات مع المدرسة، لجنة الأنشطة الثقافية والرياضية، لجنة الدعم الاجتماعي …
2-4-4- الجماعة المحلية :
سعيا وراء كسب رهان تعميم التعليم والرفع من جودته، وتقريب المدرسة من روادها خصوصا في الأوساط القروية وشبه الحضرية، أكد الميثاق الوطني للتربية والتكوين على أهمية عقد شراكات بين المدرسة والجماعة المحلية تلتزم بموجبها هذه الأخيرة ” بتخصيص أمكنة ملائمة للتدريس والقيام بصيانتها، على أن تضطلع الدولة بتوفير التأطير والمعدات الضرورية” الميثاق الوطني- المادة 29.
وإذا كان الميثاق الوطني قد راهن على ” تبوئ التربية والتكوين، مكانة الصدارة، ضمن أولويات الشأن الجهوي والمحلي التي تعنى بها”، فإن ذلك لن يترجم على أرض الواقع إلا من خلال قيام الجماعات المحلية بواجبات الشراكة مع المدرسة، وإسهامها في دعم مخططاتها الرامية إلى تعميم تعليم جيد، وذلك من خلال :
– الدعم المادي والمالي للمؤسسات التربوية الموجودة داخل نفوذها،
– نقل المواد والتجهيزات إلى هذه المؤسسات،
– توفير اليد العاملة لأشغال البناء والترميم التي تحتاجها المؤسسات؛
– توفير الأجهزة والآلات الطبية للتلاميذ المحتاجين إليها؛
– توفير الأدوات المدرسية والمعينات الديداكتيكية؛
– توفير السكن للعاملين بالمدرسة؛
ومقابل ما عليها من واجبات اتجاه المدرسة، يكفل الميثاق الوطني للجماعات المحلية اتجاه الدولة ” حق التوجيه والتأطير وتفويض الاختصاصات اللامركزية واللامتمركزة وحق الدعم المادي بالقدر الذي ييسر قيامها بواجباتها على الوجه الأمثل” الميثاق الوطني للتربية والتكوين- المادة 15.
وتبقى الإشارة إلى أن إقناع الجماعة المحلية بجدوى العمل التشاركي رهين بمدى قدرة المدير على خلق تواصل جدي وفعال من خلال القيام بزيارات متكررة لطرح وتوضيح مشاكل المؤسسة، معتمدا في ذلك على اللباقة في الحديث والدبلوماسية في الإقناع، متجنبا إقحام الأمور السياسية ،كما يجب على المدير أن ينسج علاقات إنسانية مع أعضاء الجماعة، ويحرص على الحضور والمشاركة في نشاطات الجماعة، ودعوة الأعضاء لحضور التظاهرات التي تنظمها المدرسة، بالإضافة إلى تبادل الدعم لما فيه صالح المجتمع المحلي.
3-4-4- المنظمات غير الحكومية :
ينص الميثاق الوطني للتربية والتكوين في مادته 29 على ضرورة ” الاعتماد على المنظمات غير الحكومية ذات الخبرة التربوية، للإسهام في تعميم التعليم على أساس دفاتر تحملات دقيقة”.
والمنظمات غير الحكومية هيئات مستقلة أسست بغرض تقديم المساعدة للأفراد والجماعات والمؤسسات. وتأخذ هذه المساعدات شكل بناءات أو تجهيزات أو آليات أو تكوينات أو منح …
وعادة ما تقترح المؤسسات التربوية مشاريع على هذه المنظمات في إطار الشراكة وذلك قصد المساهمة في انجازها خاصة ما تعلق منها بتعميم التعليم، والرفع من جودته، وتشجيع تمدرس الفتاة القروية، وبناء دور الطالب والطالبة، والتربية غير النظامية ومحو الأمية، وتجهيز المؤسسات بالكتب والوسائط السمعية والبصرية… وتجدر الإشارة هنا إلى أن الشراكة مع المنظمات غير الحكومية يستدعي الجدية والنزاهة والشفافية من خلال متابعة سير المشاريع وإعداد تقارير واطلاع أعضاء المنظمة – الشريك على فحواها، بالإضافة إلى ضرورة الحفاظ على علاقة جيدة معهم.
4-4-4- جمعية قدماء التلاميذ :
غالبا ما يكون بعض قدماء التلاميذ والتلميذات في موقع يمكنهم من تقديم المساعدة للمؤسسة بشكل فعال، فقد يكون بينهم أطر عليا ومتوسطة، وقد يكون من بينهم فعاليات اقتصادية أو اجتماعية. لذلك يجب على المدير أن يكثف الجهود والاتصالات من أجل تأسيس هذه الجمعية إذا لم تكن موجودة، وتحسيسها بحاجات المؤسسة بهدف دفعها للمساهمة إما بكتب وأدوات مدرسية أو هبات مالية أو تجهيزات، أو المساهمة في أعمال البناء والترميم التي تحتاجها المدرسة.
ويعتمد المدير في إقناع وتحفيز أعضاء الجمعية على قدراته على تشخيص حالة المؤسسة واحتياجات المتعلمين والأطر، واقتراح مشاريع مدروسة، وتوضيح أهميتها دون محاولة فرضها.
5-4-4- الشخصيات المنحدرة من المنطقة :
إن أبناء المنطقة الذين أصبحوا شخصيات لهم نفوذ معنوي أو مادي في السياسة أو الاقتصاد أو الثقافة أو الرياضة أو الإدارة… غالبا ما يبقون مشدودين لمسقط رأسهم، وموقع حياتهم، فتجدهم مستعدين دائما للمساهمة في أي مبادرة من شأنها تنمية منطقتهم، وفي هذا أمثلة كثيرة. فالكثير من مشاريع التنمية عبر المملكة عرفت النور بفضل مساهمة الشخصيات من أبناء المنطقة، بل أن مدنا وقرى نمت وازدهرت بفضل أبنائها الذين رغم ما وصلوا إليه من مراتب لم ينسوا يوما قراهم ومداشرهم. وعليه فإن مدير المؤسسة مطالب بالانفتاح على هذه الشخصيات، واستدعائها في المناسبات والحفلات، واقتراحها للرئاسة الشرفية للتظاهرات التي تنظمها المؤسسة. وهذا من شأنه أن يحفز هذه الشخصيات للانخراط في تأهيل المؤسسة إيمانا منهم بأن المدرسة كانت ومازالت وستظل هي الموجه لدفة التنمية.
وهكذا نخلص إلى أن واقع النموذج التشاركي قد أصبح حقيقة مفروضة على المؤسسات التربوية، وأصبح المدير قياديا ومبادرا لا يبقى مكتوف الأيدي أما ما يعترضه من مشكلات بل يجتهد في البحث عن سبل تجاوزها من خلال طرق جميع الأبواب التي يمكنها أن تمد يد العون في إطار اتفاقيات شراكة، وإذا اكتفينا هنا بالإشارة إلى بعض الجهات، فهذا لا يعني أن يقتصر رؤساء المؤسسات عليها، بل يجتهدوا في الاتصال بكل الأطراف التي جاء ذكرها في المادة 23 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وذلك بغية ” مواصلة الجهد الجماعي من أجل تحقيق أهداف إصلاح التربية والتكوين، جاعلين المصلحة العليا للوطن في هذا الميدان الحيوي فوق كل اعتبار”. الميثاق الوطني للتربية والتكوين- المادة 23 .
5- الوظائف الرئيسية للإدارة العمومية:
من خلال كل هذه الأدوار التي يقوم بها المدير، والمسؤوليات الجمة التي يتحملها إنما يسعى إلى تدبير ناجع وفعال للموارد البشرية والمالية، وتنميتها وتنسيق استعمالها قصد تحقيق الأهداف المرسومة، والتدبير ينظر إلى المدرسة من زاوية الإنتاج والمردودية، وهي بالتالي وحدة إنتاجية يشكل المتعلمون مادتها الخام، والموارد البشرية والمادية وسائلها، وصناعة أشخاص متعلمين هدفها. ومن هذا المنطلق فتدبير المدرسة هو عملية شاملة لمجموعة من الوظائف الإدارية المرتبطة ببعضها البعض، فالنشاط الذي يمارسه رجل الإدارةيقوم على عدد من العمليات التي يمكن تجميعها في عناصر يتميز بعضها عن بعض من حيث طبيعتها وترتيبها الزمني. فالعمليات التي تسبق التنفيذ تشمل وظيفتين هما التخطيط والتنظيم، والعمليات التي تصاحب التنفيذ يمكن جمعها في وظيفة التوجيه، أما العمليات التي تلحق التنفيذ فإنها تتلخص في وظيفة الرقابة. وعلى ذلك القول أن وظائف الإدارة هي : التخطيط، التنظيم، التوجيه والرقابة.
التخطيط :
يعتبر التخطيط أساس سلامة العمل الإداري، وضمان حسن سيره، وجودة مردوديته. إن نجاح البرنامج والمشاريع رهين بتخطيط محكم، على اعتبار أن أي مشروع أو برنامج يحتاج إلى تفكير وقدرة على استشراف المستقبل مما يساعد على رسم السياسات ووضع الاستراتيجيات وتحديد الأهداف، وتقرير الإجراءات، وتقدير الإمكانيات البشرية والمادية … وهذه العمليات كلها هي ما يقصد به التخطيط.
ولكي يتمكن رجل الإدارة التربوية من الإناطة بمهامه بشكل فعال وناجح، عليه أن يقوم بالتخطيط لعمله على المدى القريب والمتوسط، دون أن يغفل إشراك الفاعلين التربويين وشركاء المؤسسة، والاستماع إلى آرائهم حول البرامج والمشاريع المزمع إنجازها، والتعرف على أهدافهم، لأن التعاون والتعاطف بإرادة ورضا لا يتحقق إلا إذا شعر الأفراد والجماعات أن في انجاز خطط المؤسسة وتحقيق أهدافها، تحقيقا لأهدافهم وإرضاء لطموحاتهم.
التنظيم :
إلى جانب وظيفة التخطيط، تعتبر وظيفة التنظيم مهمة جدا بالنسبة للمرحلة التي تسبق التنفيذ، ويشتمل التنظيم عمليات تقسيم العمل وتوزيع المهام والمسؤوليات بين الأفراد، وتصنيف العاملين حسب المواصفات والكفاءات والخبرات والتخصص، وتكوين لجان للمصاحبة تحظى بصلاحية التفكير والتخطيط فيما يخص المهام الموكولة إليها. ويبقى دور المدير في هذا كله دور الاستشارة والقيادة مما يضمن له تفرغا للإدارة الأهم،كما يضمن للعاملين معه احترام آرائهم وطموحاتهم.
إن التنظيم هو ذلك البنيان الذي تنتظم فيه كل شروط الإنجاز من موارد، وخطط، ومقدار تفويض السلطات من المستويات الإدارية الأعلى إلى المستويات الأدنى، وعلاقات… حيث يعمل الجميع وفق ظروف أعد لها بشكل يتناسق وينسجم مع الأهداف المراد تحقيقها.
التوجيه :
التوجيه مجموعة عمليات تلازم تنفيذ الأعمال بشكل مستمر. إذ لا يكفي أن نخطط وننظم لكي نطمئن على حسن سير الأعمال. فلا بد من توجيه المنفذين بما يضمن تحقيق الكفاية في عملهم. ولأجل ذلك تقوم القيادة، في ظل نظام محكم من الاتصالات العمودية والأفقية، بحفز الهمم وتذليل الصعوبات والعقبات، وتوفير جو من التفاؤل، وحل النزاعات التي قد تشكل عائقا أمام تقدم الإنجاز. وباختصار فإن وظيفة التوجيه تستدعي قيادة قادرة على خلق روح الفريق المتكامل المتحد الأهداف والطموحات.
الرقابة :
تعتبر وظيفة الرقابة أداة فاعلة وايجابية لتقويم الأشغال والانجازات والوقوف على مدى مطابقتها للخطط الموضوعة. وتشمل وظيفة الرقابة عمليات متابعة وتقييم المشاريع والبرامج مباشرة ومعاينة أو من خلال وسائط، وذلك من أجل الوقوف على ظروف سير العمل للإصلاح والتقويم والتطوير.
ويعود نجاح واستمرارية المشاريع في المؤسسات التربوية بشكل خاص إلى المتابعة الدقيقة والمتواصلة، على اعتبار أن تفقد سير الأعمال يضمن الوقوف على الاختلالات وإصلاحها قبل استفحالها مما قد يتسبب في هدر الجهد والوقت، وسوء تدبير الإمكانيات.
وإذا كانت كل هذه الوظائف تعتمد بشكل كبير على شخصية فذة وقيادة حكيمة متبصرة تؤمن بالعمل التشاركي انطلاقا من إيمانها بقدرة الآخر على الخلق والإبداع، فإن الاشتغال داخل الفريق يستدعي تواصلا جيدا يكسر الحواجز الفكرية والنفسية، ويقرب وجهات النظر، ويحول دون التصدعات والانشقاقات، وبالتالي يكون التواصل حجر الأساس في عمليات التخطيط والتنظيم والتوجيه والمراقبة.
-6تنظيم الاجتماعات وتدبيرها :
الاجتماعات وسيلة أساسية للتدبير والإشراف التربوي، فهي تتيح الفرصة للتفكير التعاوني والتشاوري وتبادل الأفكار ووضع الخطط والبرامج التي تصب في إطار الرفع من جودة الأداء التربوي. وإذا كانت بعض الاجتماعات تحقق نتائج ايجابية من خلال استثمار الأفكار والمعلومات والمقترحات التي تطرح للنقاش والتقييم لتخرج في صيغة إجراءات عملية ترمي إلى تحقيق أهداف المدرسة، فإننا نجد أحيانا أن بعض الاجتماعات لا تفضي إلى شيء وتكون مدعاة لهدر الوقت والجهد. وهذا راجع بالأساس إلى كيفية الإعداد وتسيير هذه الاجتماعات من هذا المنطلق يجب على مدير المؤسسة – عند كل اجتماع- مراعاة ما يلي :
مرحلة الإعداد :
– إعداد جدول أعمال الاجتماع وتوزيعه مسبقا على المرؤوسين من أجل منحهم الفرصة لمعرفة الموضوع أو المواضيع التي سيتم طرحها، والتحضير لها؛
– تحديد الزمان والمكان والالتزام بذلك؛
– تحضير بعض أوراق العمل الخاصة بالاجتماع كالمذكرات والمناشير واللوائح، والكتيبات وغيرها؛
– توفير مستلزمات الكتابة من ورق وأقلام وغيرها لكل عضو من المجتمعين، وفر بعض المرطبات أو الماء والمناديل لكل عضو من المجتمعين.
مرحلة التسيير :
– تكليف مقرر للاجتماع يقوم بتسجيل الأفكار والمقترحات والمداخلات؛
– إلقاء كلمة قصيرة للتذكير بأهمية الموضوع وغرض الاجتماع؛
– تحديد زمنا للتعبير عن وجهة نظر كل عضو في ذلك؛
– الحرص على توزيع الغلاف الزمني للاجتماع على النقط المدرجة في جدول الأعمال؛
– احترام النصاب القانوني لكل اجتماع، حتى لا تعرض للإلغاء؛
– الاستماع للآراء ووجهات النظر ومراعاة العدل في إعطاء الفرصة للحاضرين للتعبير عن آرائهم؛
– احترام الرأي المخالف، وعدم المقاطعة؛
– طلب رأي العضو الذي لا يشارك؛
– عدم الانشغال أثناء طرح الأعضاء لأفكارهم؛
– منع تداخل المناقشات وانصراف بعض الأعضاء إلى إقحام أمور شخصية، أو حساسيات حزبية أو نقابية أو عرقية، أو إشاعات؛
– تلخيص الآراء والأفكار من حين لآخر؛
– الحرص على أن تكون القرارات المتخذة مما يمكن تطبيقها وفق الإمكانات المتوفرة، وأن تلبي حاجيات المدرسة ومريديها.
مرحلة ما بعد الاجتماع :
– الاطلاع على محضر الاجتماع؛
– تعديل صياغة القرارات التي تم التوصل إليها في المجلس إذا اقتضى الأمر حتى تكون مختصرة وواضحة؛
– كتابة المحضر بخط واضح؛
– التأكد من توقيع جميع الأعضاء أسفل المحضر؛
– تشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ قرارات الاجتماع.
كما يفضل أن يقوم المدير بتقييم الاجتماع، وذلك بإعداد استمارة لا تتطلب تعبئتها وقتا طويلا، وتكون متضمنة لتقديرات عن ايجابيات الاجتماع وسلبياته بشكل عام، يقوم الأعضاء من خلالها بالتعبير بصدق وصراحة عن حيثيات الاجتماع والمواضيع التي طرحت فيه القرارات الأخيرة.
وسيكون هذا التقييم وسيلة للوقوف على مكامن الخلل في إعداد وإدارة الاجتماع والعمل على إصلاحها في الاجتماعات اللاحقة.
-7تنشيط المجموعات :
التنشيط هو مجموعة عمليات مترابطة تساهم في تدبير اللقاءات والاجتماعات بكيفية فعالة، وهو فعل ايجابي بحيث يضمن انخراط الأفراد والجماعات في المساهمة الايجابية التلقائية والتطوعية في تحقيق الأهداف المسطرة. ويقصد بالمجموعة عدد من الأفراد حضروا إلى مكان معين قصد تحقيق هدف معين.
وسعيا وراء تنشيط ناجع وفعال لعمل المجموعات في اللقاءات التي تعقد تحت رئاسته، فإن مدير المؤسسة مطالب باستثمار تقنيات التنشيط ضمانا لتحفيز الأعضاء للسير قدما نحو تحقيق الأهداف المبتغاة، ويمكن تصنيف هذه التقنيات إلى ثلاثة أنواع : تقنيات التوضيح، تقنيات التتبع والمراقبة، تقنيات التسهيل.
–تقنيات التوضيح :
وهي تقنيات تسعى لتوضيح وتحديد الهدف الذي تعمل المجموعة على تحقيقه، ومن بين هذه التقنيات هناك :
· إعادة الصياغة : تعتبر إعادة صياغة تدخلات المشاركين وأفكارهم وآراءهم تقنية ناجعة لتوضيح الغموض الذي قد يشوبها،مما يسهل على المتلقي فهمها وإمكانية التعقيب عليها. كما أن هذه التقنية تمكن المتدخل من الوعي بما قاله، فتكون فرصة للتدقيق في ما طرحه. بالإضافة إلى أن هذه التدخلات –بين الفينة والأخرى- لإعادة صياغة ما يقال، تحسس المشاركين بصعوبة عملية التواصل، فيكون ذلك حافزا لهم لانتباه أكثر لما يطرح من أفكار وآراء ومقترحات.
· الربط بين الأفكار والآراء : قد يضطر المنشط في بعض الأحيان إلى التدخل للربط بين الأفكار والآراء عندما يحس بانفلات في منحى النقاش. وتساهم هذه العملية في توحيد الكلمة، وتبادل حسن الإصغاء بين المتحاورين، وترسم حدود التدخلات وفق ما هو مسطر في جدول الأعمال.
· التلخيص : بعد مجموعة من التدخلات، يلخص المنشط الأفكار والآراء أو قد يطلب من المقرر سرد ما تم تسجيله من نقاط. وتكمن هذه التقنية من جرد الحصيلة وإعادة توجيه دفة النقاش إذا دعت الضرورة لذلك.
–تقنيات التتبع والمراقبة :
وهي مجموعة تقنيات تتوخى تنظيم النقاش وتدبير الوقت من خلال توزيع عادل للكلمة يضمن مشاركة الكل في صنع القرار. ومن بين هذه التقنيات تذكر :
· الحث على المشاركة : قد يلاحظ أن بعض الحاضرين يتكلمون قليلا أو لا يتكلمون بالمرة، وهنا لابد من حثهم على إبداء رأيهم بطرق لبقة ودونما أي إحراج أو إلحاح.
· توقيف الثرثارين : ومقابل ذلك سيكون دون شك فئة من الثرثارين الذين يستبدون بالكلمة ولا يتركون الفرصة للآخرين. وهنا لابد من التدخل من حين لآخر لدفعهم للتكلم أقل وذلك من خلال توضيح فكرتهم وتلخيصها أو حثهم على تلخيص ما جاء في تدخلهم.
· التنبيه إلى الوقت : إن تدبير الوقت مهم جدا بحيث أن تقسيم الحيز الزمني المخصص للقاء على النقط المدرجة في جدول الأعمال يساهم في تقدم النقاش بالسرعة الملائمة. وعليه فإن التذكير بالوقت في ارتباط مع المرحلة التي وصل إليها النقاش أمر ضروري كي لا تستأثر بعض النقاط بالاهتمام والوقت الكافيين في حين يتم المرور على أخرى بسرعة تحت ذريعة الالتزام بالجدولة الزمنية للقاء.
–تقنيات التسهيل :
وهي تقنيات تدخل في باب الحفاظ على التوازن الانفعالي للمشاركين، وتسهيل عملية الاتصال تجنبا لمظاهر التوتر والمشاحنات مما يعصف باللقاء جملة وتفصيلا. ومن بين هذه التقنيات نذكر:
· استقبال المشاركين: يعتبر استقبال المشاركين بما يليق بهم من حفاوة خطوة مهمة نحو تهيئ جو ملائم للقاء. إن مجرد حضورهم وتلبيتهم للدعوة سبب كاف لشكرهم والثناء عليهم والإعلاء من شأنهم. وإن الشكر والثناء والتقدير شحنة للمشاركين للانخراط الفاعل والفعال في إنجاح اللقاء.
· الترفيه : لا شك أن العياء والإرهاق يسببان التوتر عند البعض، والشرود واللامبالاة عند البعض الآخر. وعليه فإن من تقنيات التسهيل والحفاظ على نشاط المجموعة، فتح المجال من حين لآخر للمشاركين ليمزحوا فيما بينهم، أو منحهم فترة للاستراحة يتناولون فيا بعض المرطبات،، ويتجاذبون فيها أطراف الحديث عن مواضيع أخرى، مما يساهم في استعادة حيويتهم ونشاطهم، وتذويب خلافاتهم.
· موضعة التدخلات : من الطبيعي أن يحدث في اللقاءات مشادات كلامية، وجدال مشوب بالحدة وإقحام لأمور شخصية أو عرقية أو اجتماعية … في النقاش مما قد يغير من مسار اللقاء . وعليه فإن تدخل المنشط لتهدئة الأعصاب، وتجاوز الجو المشحون ينبني على إعادة موضعة التدخلات ووضعها في إطارها الفكري بعيدا عن كل حمولة عاطفية أو حساسيات عرقية أو سياسية أو نقابية.
وهكذا نخلص إلى أن المجموعة أنماط عديدة ومختلفة من الشخصيات وبالتالي فإنه يجب التعامل معها بالأساليب الملائمة تبعا لكل نمط من الشخصية من أجل تدبير أفضل للفريق وتلافي الانقسامات والنزاعات ما أمكنه.
8- مقاربة حل النزاعات :
الأخطاء من طبيعة البشر، والنزاعات واقع لازم الإنسان منذ أن أصبح يعيش داخل تنظيمات. والمؤسسة التربوية كتنظيم لا تخرج عن هذه القاعدة، وبالتالي فإن المدير لابد وأن يكتسب مهارات وتقنيات في تدبير المشكلات وحل النزاعات.
بعض أنواع النزاعات :
من بين النزاعات التي قد تحدث داخل فضاء المؤسسة التربوية، نذكر:
– النزاع بين الأستاذ والمدير والذي غالبا ما يكون سبب توزيع المستويات والحجرات، الغياب، التأخر، طريقة التدريس، الحراسة، السلوك …
-النزاع بين الأساتذة فيما بينهم حول توزيع المستويات والحجرات، السكن، والوسائل التعليمية، استعمال المرافق، العقليات، الانتماءات …)
-النزاع مع ا لآباء والأمهات حول تعلم الأطفال، العقاب، النتائج المدرسية…
-النزاع مع السلطات المحلية بسبب تدخل غير ملائم في شؤون المؤسسة أو الحياة الشخصية….
-النزاع مع المفتش حول طرق التدريس ، البرنامج، الإعداد القبلي، فضاء القسم….
-النزاع مع النيابة حول الترقية، الانتقال، التواصل الإداري…
بعض الأساليب المستعملة في حل النزاعات :
غالبا ما يتم تدبير النزاعات داخل المؤسسات التربوية من خلال أربع مقاربات وهي : التماشي، التسامح، الانتصار أو الهزيمة، التوفيق وحل المشكل.
التحاشي : غالبا ما ينزع أطراف النزاع إلى التحاشي وتجنب المواجهة إما اقتناعا منهم أن ليس هناك مشكلا، أو تجاهلا للخلافات وعدم الاكتراث لها. ولعل هذا الموقف يتولد عند البعض عن الرغبة في الحفاظ على العلاقات التي قد تتزحزح بسبب الدخول في نقاشات وجدالات، فيما البعض الآخر يتجنب الخوض في حل النزاعات خوفا من أن يتولد عن ذلك مشاكل أكثر خطورة.
التسامح : في الكثير من سيناريوهات حل النزاع، تأخذ الأطراف منحى التسامح، والتنازل، وعدم التشبث بالرأي وإظهار الطيبوبة ولو على حساب الأهداف الشخصية. وحجتهم أو دافعهم في اتخاذ هذا الموقف خشيتهم من أن تتأثر العلاقات الجيدة بين أطراف النزاع أو يتولد سوء تفاهم عام.
الانتصار أو الهزيمة : وعنوان هذا الأسلوب المواجهة والهجوم والتشبث بالرأي، ورفض الرأي الآخر. هذا الموقف غالبا ما يتخذه الطرف الذي لا يؤمن بالتوافق والتراضي، ولا يقبل القسمة على اثنين فإما أن يخرج منتصرا أو منهزما. وبما أنه لن يقبل الهزيمة، فإنه يعمل كل ما في وسعه لإثبات تفوقه، والخروج من المعركة منتصرا مهما كلف الثمن.
التوفيق: يعتبر هذا الأسلوب الأنجع والفعال في حل النزاعات، إذ يفتح المجال لكافة الأطراف لطرح أفكارهما وأهدافها، والتوصل بشأنها إلى صيغة يقبلها الجميع. كما أن هذا الأسلوب يضمن المحافظة على العلاقات، ويزيد من الاحترام والتقدير المتبادلين.
وإذا كانت الأساليب الثلاثة السابقة تنم عن تدبير سلبي للنزاع، سواء من خلال التنازل عن الأهداف الشخصية تحت ذريعة الخوف على زعزعة العلاقات، أو من خلال المواجهة التي لا تقبل القسمة على اثنين،فإن أسلوب التوفيق يعطي أهمية بالغة لحل المشكل انطلاقا من مبدأ الأخذ والعطاء، والحوار والتواصل، والدعم المتبادل، وإيمانا بأن هناك طرق كثيرة لتحقيق الأهداف حين تقبل الأطراف بالانخراط في مناقشة الخلافات المطروحة بصدر رحب.
ترتكز سيرورة حل النزاع على إستراتيجية مكونة من ست مراحل ابتداء من مرحلة وضع اليد عن المشكل أو المشكلات مصدر النزاع وانتهاء بمرحلة التوافق والتراضي والمحافظة على العلاقة الإنسانية بين الشخصين.
مراحل حل النزاع :
1- تشخيص النزاع وتحديد صنفه :
تعتبر هذه المرحلة أول خطوة على درب التوصل إلى حل، وهي عملية تحليلية وتشخيصية لطبيعة النزاع، وذلك من أجل تصنيفه. ويمكن تقسيم النزاعات إلى ثلاثة أصناف: نزاع المصالح، نزاع الأفكار والآراء، نزاع الاحتياجات. وبعد عملية التصنيف تأتي عملية التحليل.
2- تحليل النزاع :
خلال عملية التحليل يتم بسط الأوضاع، وطرح الأسئلة، وجمع المعطيات والمعلومات، وذلك بغية استجلاء الحقائق كاملة، ابتداء من جذور المشكل وانتهاء بأبعاده مرورا بالأشخاص المعنيين.
وعليه فإن هذه المرحلة تتطلب الاستماع لأطراف النزاع وإعطائهم الفرصة للتعبير عن مواقفهم بحرية ووضوح، مما قد يكسف عن بعض الأمور التي كانت سبب في النزاع والتي تكون مرتبطة بتصورات وتمثلات معينة، أو حمولات عقائدية أو فكرية أو عرفية أو سياسية أو نقابية…
3- تحديد احتياجات طرفي النزاع:
بعد المكاشفة التي تتم بين طرفي النزاع، قد تبدوا احتياجات كل طرف واضحة، فإذا كان بالإمكان إيجاد صيغة لتحديد هدف مشترك للطرفين، فإن ذلك سيعفي الوسيط من البحث عن حلول أخرى. وإذا تباينت الأهداف والاحتياجات بشكل كبير فإن ذلك سيتطلب المزيد من الجهد والوقت لإتاحة الفرصة للتراضي والتوافق. وفي هذا السياق يجب أن يفهم الطرفان ويقتنعان أن التفاوض يجب أن يرتكز على الحاجات وليس على المطالب والرغبات لأن هذه الأخيرة لا يمكن تحقيقها داخل إطار تنظيمي كالمؤسسة التربوية، لأنها قد تتعارض مع مطالب ورغبات الآخرين.
4-تقييم الوضعية :
من خلال تحديد احتياجات طرفي النزاع، يبدو للوسيط إن كان النزاع قابل للتدبير بشكل كلي أو يحتاج إلى تدبير مرحلي، من خلال تقسيمه إلى مشكلات صغيرة يتم التغلب عليها وحلها تباعا، مما قد يفضي إلى حل للنزاع. كما أنه يكون فكرة عن مدى حدة النزاع وتشعبه، والوقت اللازم لحله، والأطراف التي يمكنها القيام بالوساطة الايجابية والفعالة، والترتيب الكرونولوجي للإجراءات الواجب اتخاذها. إذن يجب وضع تخطيط جيد لسيرورة حل النزاع من خلال تقييم الوضعية.
5-البحث عن الحلول :
في هذه المرحلة يجب أن يدفع الوسيط في اتجاه التفاوض الايجابي والبناء بين طرفي النزاع على أساس أرضية متفق بشأنها، على اعتبار أن التفاوض وحدة كفيلة بالمساهمة في تقريب وجهات النظر و تعرف هذا الطرف على حاجيات وأهداف الطرف الثاني، مما يساهم في التوصل إلى الحلول المرضية.
6-الاتفاق والتراضي :
عندما تتكون لدى الطرفين رؤية موحدة حول ما ينبغي فعله، أو حول القرارات الواجب اتخاذها، يمكن أن نقيس من خلالها ثقل وصيانة هذا التوافق والتراضي. فمع الدخول في مرحلة تنفيذ القرارات المتفق بشأنها يتضح مدى قدرة طرفي النزاع على الالتزام بتعهداتهما، وعدم الاستسلام للرغبات النرجسية التي قد تعيد الأمور إلى الصفر.
ونخلص في النهاية إلى أن تدبير المشكلات والنزاعات يتطلب من القيادي حسن تدبير العلاقات الإنسانية داخل المؤسسة معتمدا على شخصيه في بعدها الأخلاقي والاجتماعي والإنساني، ومن خلال التزامه، بأخلاقيات المهنة، واتصافه بالهدوء والمرونة وقدرته على الإصغاء والاستماع، وتجنبه الانفعال والتحيز.
9 -التواصل الإداري :
التواصل معطى يفرض نفسه بقوة في سياق المهام والأدوار والمسؤوليات التي أنيطت برجل الإدارة التربوية، إنه القناة التي تنقل من خلالها المعلومات والأفكار والتوجيهات بهدف أحداث التفاعل والانسجام بين الأفراد والجماعات. كما أنه وسيلة للتنسيق بين مختلف أطراف العمل التربوي، وعملية حيوية في اتخاذ القرارات وما يتطلبه ذلك من توافر المعلومات الضرورية بالسرعة والدقة اللازمتين لتكون هذه القرارات صائبة.
من هذا المنطلق يبدو السؤال حول مفهوم التواصل سؤالا مشروعا تقتضيه مرحلة الإصلاح والتأسيس لإدارة تربوية حديثة.
والتواصل الإداري كما يعرفه عبد الحميد البدري هو: ” العملية التي يتم من خلالها نقل التوجيهات والمعلومات والأفكار وما شبهها من فرد إلى آخر أو من مجموعة إلى أخرى، وهي عملية يتم عن طريقها إحداث التفاعل بين الأفراد”. –الأساليب القيادية والإدارية في المؤسسات التعليمية-.
ولعل من محاسن هذا التعريف أنه يعري عن عيوب تلك النظرة الضيقة للفعل التواصلي، والتي اختزلته في عملية تبليغ المعلومات والأوامر والمستجدات إلى من يعينهم الأمن، ليعطيه بعدا تفاعليا بحيث يصبح التواصل فعلا جزئيا يحدث حركية وتفاعل بين الأفراد والجماعات مما يتيح فرصة النقاش وتبادل الرؤى والأفكار سعيا إلى تحقيق التوافق والتراضي.
والتواصل نوعان، تواصل رسمي، وتواصل غير رسمي. فأما النوع الأول، فهو الذي يتم من خلال قنوات ووسائط رسمية معروفة، حيث يتم تبليغ ما يراد تبليغه من خلال مذكرات ومراسلات ومناشير. كما يتم هذا النوع من التواصل في احترام تام للتسلسل الإداري.
وأما النوع الثاني، فيتم من خلال العلاقات الشخصية والاجتماعية للأفراد أكثر مما يتم على أساس تراتبية السلطة، ويتميز هذا النوع من التواصل بطابع التلقائية وبدون ضغوط رسمية أو إلزام خارجي، مما يساهم في توفر المعلومات وتدفق المستجدات التي قد لا تتوفر بالطرق الرسمية، بنفس السرعة ونفس الكمية.
إن للتواصل دور هام في قيادة المؤسسات التربوية لما له من حضور قوي على مستوى التبليغ والتشاور والتفاوض والإقناع واتخاذ القرارات. وسعيا وراء خلق تواصل جيد وفعال، يجب على رجل الإدارة التربوية أن يكون واعيا بأدبيات التواصل، مدركا لمعيقاته. ومن الأمور التي يجب عليه تجنبها هناك:
– الإجابة قبل الاستماع إلى وجهة نظر المخاطب؛
– إعداد الجواب ذهنيا عوض الانتباه إلى مضمون رسالة المحاور؛
– رفض الرسالة في مجملها نظرا لتضمينها لعيب بسيط؛
– التأثر بارتسامات سابقة عن المحاور وإسقاطها على ما يقوله ؛
– البحث عن الغلبة والتمييز على حساب الآخر؛
– التحدث بخشونة ودون لباقة؛
– الانقياد للغضب وروح الانتقام وقطع الاتصال.
وختاما يجب أن نقتنع كفاعلين تربويين أن التواصل الفعال هو أحد الشروط الضرورية لتدبير فعال. فكل العمليات الإدارية والتربوية، وكل الإجراءات الرامية إلى الإصلاح تمر عبر قناة التواصل لشرح الأهداف وحشد الدعم وحل المشكلات وفض النزاعات… كما أن التواصل في بعده التشاوري سيفتح المجال أمام تدبير تشاركي من خلال انتهاج أساليب الحوار والشفافية وما ينتج عنها من اتفاق وإجماع ورضا، والقطيعة مع أساليب الاستبداد بالرأي والقرار، وما يستتبع ذلك من إخفاقات وتذمر…
المحور الرابع: مظاهر التجديد التربوي في المؤسسة التعليمية
انسجاما مع المبادئ الأساسية التي اعتمدها الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وتماشيا مع غايات وأهداف المشروع المجتمعي الحداثي، الذي تلتزم المؤسسة التربوية بالانخراط في بنائه عبر انفتاحها على محيطها، وجعل فضائها ورشا مفتوحا للاندماج والتشارك والتواصل بين مختلف الفاعلين، فقد ظهرت بعض المفاهيم كالحياة المدرسية، مشروع المؤسسة، ومشروع الحوض المدرسي، واعتبرت من مقومات التجديد التربوي بالمؤسسات التربوية. فماذا نعني بهذه المفاهيم، وما هو دور كل عنصر في تفعيل أوراش الإصلاح وفي تبوئ المؤسسة التعليمية المكانة اللائقة كفضاء لإرساء القيم الأساسية للمشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي.
1- الحياة المدرسية :
منذ صدور الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ووزارة التربية الوطنية تولي اهتماما واسعا بضرورة تفعيل الحياة المدرسية، وذلك من خلال إصدار العديد من النصوص التنظيمية والمذكرات التي تؤثث للمدرسة المغربية الوطنية الجديدة والتي تسعى، كما خطط لها، أن تكون ” مفعمة بالحياة بفضل نهج تربوي نشيط، يجاوز التلقي السلبي والعمل الفردي إلى اعتماد التعلم الذاتي، والقدرة على الحوار والمشاركة في الاجتهاد الجماعي، ومفتوحة على محيطها بفضل نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع في قلب المدرسة، والخروج إليه منها بكل ما يعود بالنفع على الوطن” الميثاق الوطني –المادة 9.
فما المقصود إذن بالحياة المدرسية ؟ وما هي مرتكزاتها ؟ وغاياتها؟ وما هي حدود تفعيلها؟
1-1- مفهوم الحياة المدرسية :
” تعتبر الحياة المدرسية جزءا من الحياة العامة المتميزة بالسرعة والتدفق التي تستدعي التجاوب والتفاعل مع المتغيرات الاقتصادية والقيم الاجتماعية والتطورات المعرفية والتكنولوجية التي يعرفها المجتمع، حيث تصبح المدرسة مجالا خاصا للتنمية البشرية، والحياة المدرسية بهذا المعنى تعد الفرد للتكيف مع التحولات العامة والتعامل معها بايجابية، وتعلمه أساليب الحياة الجماعية، وتعمق الوظيفة الاجتماعية للتربية، مما يعكس الأهمية القصوى لإعداد النشء، أطفالا وشبابا لممارسة حياة قائمة على اكتساب مجموعة من القيم داخل فضاءات عامة مشتركة”. دليل الحياة المدرسية–وزارة التربية الوطنية والشباب -2003
ومن هذا المنظور يمكن تعريف الحياة الدرسية من زاويتين متكاملتين، فهي من جهة ” مناخا وظيفيا مندمجا في مكونات العمل المدرسي، يستوجب عناية خاصة ضمانا لتوفير مناخ سليم وايجابي، يساعد المتعلمين على التعلم، واكتساب قيم وسلوكات بناءة”، و من جهة أخرى ” حياة اعتيادية يومية للمتعلمين يعيشونها أفرادا وجماعات داخل نسق عام منظم، ويتمثل جوهر هذه الحياة المعيشية داخل الفضاءات المدرسية في الكيفية التي يحيون بها تجاربهم المدرسية، وإحساسهم الذاتي بواقع أجوائها النفسية والعاطفية”. نفس المرجع اعلاه.
2-1- مرتكزات الحياة المدرسية :
إن تفعيل الحياة المدرسية كتوجه يسعى إلى توفير المناخ والفضاء السليمين لممارسة المتعلمين لحقوقهم، واحترامهم لواجباتهم، واكتساب المعارف والكفايات والقيم الصالحة التي تؤهلهم لتحمل المسؤولية الوطنية، يجب أن ينطلق من المرتكزات الثابثة التي جاء بها الميثاق الوطني للتربية والتكوين وهي كالتالي :
– مبادئ العقيدة الإسلامية وقيمها الرامية إلى تكوين الفرد تكوينا يتصف بالاستقامة والصلاح ويتسم بالاعتدال والتسامح، ويتوق إلى طلب العلم والمعرفة، ويطمح إلى المزيد من الإبداع المطبوع بروح المبادرة الايجابية والإنتاجية النافع؛
– الالتحام بكيان المملكة المغربية العريق القائم على ثوابت ومقدسات يجليها الإيمان بالله، وحب الوطن، والتمسك بالملكية الدستورية؛
– المشاركة الايجابية في الشأن العام، والوعي بالواجبات والحقوق، والتشبع بروح الحوار، وقبول الاختلاف، وتبني الممارسة الديمقراطية في ظل دولة الحق والقانون؛
– الوفاء للأصالة والتطلع للمعاصرة، والتفاعل مع مقومات الهوية في انسجام وتكامل وترسيخ الآليات والأنظمة التي تكرس حقوق الإنسان وتدعم كرامته؛
-جعل المتعلم في قلب الاهتمام والتفكير والفعل، خلال العملية التربية التكوينية، حتى ينهض بوظائفه كاملة تجاه وطنه، وذلك بتحديد حقوق المتعلم وواجباته في علاقاته مع مختلف المتدخلين التربويين والإداريين بالمؤسسة.
كما أن الحياة المدرسية، وباعتبارها فلسفة تربوية تهدف إلى أن تكون سيرورة متجددة قادرة على مواكبة الحياة العامة في سياقها مع مستجدات العصر، ترتكز على مجموعة من الدعامات الأساسية والتكميلية ترتبط أساسا بالمجالات المعرفية، والقيم الإنسانية والأخلاقية والمشاركة الديمقراطية نذكر منها :
– دعم المعارف الأساسية وتطوير المستوى الثقافي، اللذين يعدان من الشروط اللازمة للاندماج الاجتماعي وتجنب كل أنواع الإقصاء والتهميش؛
– تشجيع القدرة على التحليل والتفكير والنقد اعتمادا على أسس وقواعد ديمقراطية حقيقية، والعمل على أن تكون حظوظ المتعلمين متساوية، ذلك أن نجاح الشباب في حياتهم التعليمية يؤسس هويتهم الاجتماعية والمهنية، وبالتالي فإن فشلهم يضاعف مخاطر التهميش والإقصاء، ويعمل على انفصام عرى الروابط الاجتماعية.
– تثبيت ودعم القيم المشتركة وإنماء درجات الوعي بالحقوق الشخصية والواجبات القائمة على المقومات الدينية والوطنية والأخلاقية؛
– العناية بالتنوع الثقافي باعتباره مؤشرا للتربية على القيم والتشبع بروح الحوار وقبول الاختلاف، وتبني الممارسة الديمقراطية،واحترام حقوق الإنسان وتدعيم كرامته؛
– تشجيع تعدد المقاربات في مجال اكتساب المعارف، ويعني هذا تدعيم نمو الفرد وتعزيز إيمانه بقدراته الذاتية، انطلاقا من توفير الأجواء النفسية الملائمة لإنماء قدراته الابتكارية، وتعزيز استقلاليته وبناء مشاريعه الشخصية وتدعيم مبدأ احترام الآخر، وتطوير معنى المسؤوليات الاجتماعية في سياق التعاون والتآزر؛
– إعطاء أهمية خاصة لتطوير البرامج التعليمية ومحتويات الكتب المدرسية وباقي الأدوات المادية والديداكتيكية، بما فيها التكنولوجيا الجديدة، بغية تكوين مواطن مندمج مع محيطه السوسيو- ثقافي.
3-1- غايات الحياة المدرسية :
تحدد غايات الحياة المدرسية انطلاقا من المرتكزات الثابثة والغايات الكبرى للميثاق الوطني للتربية والتكوين. وهكذا فإن المدرسة الوطنية الجديدة تسعى لتمكين روادها من :
– إعمال الفكر، والقدرة على الفهم والتحليل والنقاش الحر وإبداء الرأي واحترام الرأي الآخر؛
– التربية على الممارسة الديمقراطية وتكريس النهج الحداثي الديمقراطي؛
– النمو المتوازن عقليا ونفسيا ووجدانيا؛
– تنمية الكفايات والمهارات والقدرات لاكتساب المعارف وبناء المشاريع الشخصية؛
– تكريس المظاهر السلوكية الايجابية، والاعتناء بالنظافة ولياقة الهندام، وتجنب ارتداء أي لباس يتنافى والذوق العام، والتحلي بحسن السلوك أثناء التعامل مع كل الفاعلين في الحياة المدرسية؛
– جعل المدرسة فضاء خصبا يساعد على تفجير الطاقات الإبداعية واكتساب المواهب في مختلف المجالات؛
– الرغبة في الحياة المدرسية، والإقبال على المشاركة في مختلف أنشطتها اليومية بتلقائية؛
– الاستمتاع بحياة التلمذة، وبالحق في عيش مراحل الطفولة والمراهقة والسباب من خلال المشاركة الفاعلة في مختلف أنشطة الحياة المدرسية وتدبيرها؛
– الاعتناء بكل فضاءات المؤسسة وجعلها قطبا جذابا وفضاء مريحا.
– جعل الحياة المدرسية عامة، والعمل اليومي للتلميذ خاصة، مجالا للإقبال على متعة التحصيل الجاد؛
4-1- تفعيل الحياة المدرسية :
تحيل كلمة تفعيل إلى التحريك والدفع في اتجاه التغيير من خلال الخلق والإبداع داخل جو من النشاط والدينامية والتعاون الجماعي. وتفعيل دور الحياة المدرسية بهذا المفهوم هو الدفع في اتجاه إخراج المؤسسة التربوية من السكونية والرتابة والانغلاق إلى الحركية والتجديد والانفتاح.
وعليه، واعتبارا لدور الحياة المدرسية في تهيئ الفرد للتكيف مع مختلف التحولات العامة والخاصة، وتبعا لخصوصية الحياة المدرسية وما تتطلبه من توجيه وتنظيم متواصلين لتوفير مناخ تربوي سليم، فإن المذكرة الوزارية رقم 87 المؤرخة في 10 يوليوز 2003 قد حددت مجموعة من التدابير العملية قصد تفعيل أدوار الحياة المدرسية وهي كالتالي :
– قيام مجالس المؤسسة بأدوارها المنصوص عليها في المرسوم رقم 376 الصادر بتاريخ 17 يوليوز 2002 بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي.
– العمل بمشروع المؤسسة المتصل بالحياة اليومية لها، والهادف إلى دعم العمل التربوي في مختلف مساراته، سعيا إلى رفع مستوى التعليم وتحسين جودته وإلى تحقيق الترقي الذاتي للتلميذات والتلاميذ؛
– إشراك الفاعلين التربويين والاجتماعيين والاقتصاديين من تلاميذ وأساتذة وإداريين ومفتشين وجمعيات آباء وأولياء التلاميذ، وسلطات وجماعات محلية، وفاعلين اقتصاديين، وشركاء اجتماعيين وثقافيين ومبدعين، ومختلف فعاليات المجتمع المدني في بلورة مشروع المؤسسة وفي تنفيذه؛
– إخبار مختلف الشركاء الجهويين والإقليميين والمحليين ببرامج المؤسسة وإشراكهم في إعدادها وتتبع تنفيذها وتقويمها؛
– انتهاج المقاربة التشاركية التي تتجلى في تحسين وتوعية كل طرف بأدواره في تدبير الشأن التربوي محليا، وفي التعبئة الشاملة من أجل كسب رهان الإصلاح؛
– خلق الفرص الممكنة لتجسيد المشاركة على أرض الواقع والعمل على انفتاح المؤسسة على محيطها الاجتماعي والثقافي والاقتصادي؛
– انتهاج الشفافية في تدبير الموارد المالية تخليقا للحياة العامة وتنفيذا لميثاق حسن التدبير.
5-1- معيقات الحياة المدرسية:
يكاد يجمع المتتبعون للشأن التربوي على أهمية تفعيل الحياة المدرسية انطلاقا من الرغبة الملحة في تجاوز واقع مافتئ يفرز ظواهر مرضية تعمل على تدمير المجتمع وقطع روابط الألفة والتعايش والمحبة، وسعيا وراء تعميق الوظيفة التربوية والاجتماعية للمدرسة، من خلال إحلال بدائل تعليمية– تعلمية تساعد المتعلمين على اتخاذ مواقف ايجابية اتجاه أنفسهم واتجاه الآخر وإثارة الطموح لديهم، وتحسيسهم بالمسؤولية، وتشجيعهم على التعاون والتكافل والقبول بالآخر بعيد ا عن كل تعصب وانغلاق.
إلا أننا بالمقابل نقر بوجود مجموعة من العراقيل والمعيقات المتنوعة التي تحول دون ترجمة مضامين المذكرات والنشرات إلى واقع ملموس. وقد حدد الدكتور جميل حمداوي جملة من المعيقات وصنفها كالتالي :
· معيقات ديداكتيكية : وهي المعيقات ذات الصلة بالمناهج وطرق التدريس التي لازالت تركن إلى النمط التلقيني، في غياب تام للجانب التنشيطي. ولعل ما يعزز هذا الطرح الغياب الشبه التام للكفايات التنشيطية داخل الكتاب المدرسي، وحتى وإن وجدت، فهي إشارات عابرة لا تدخل في صميم الممارسة اليداكتيكية؛
· معيقات إدارية : في هذا السياق يرى الدكتور جميل حمداوي أن ضعف المبادرة لدى الفاعلين التربويين، وعدم وجود منشطين مختصين، وغياب التحفيز وانعدام وقت الفراغ، كلها عوامل تجعل من الفعل التنشيطي الاستثناء وليس القاعدة.
· معيقات مادية وبشرية : وهي معيقات مرتبطة بضعف الإمكانات المادية والبشرية المرصودة. فتفعيل الحياة المدرسية رهين بتوفر الدعم اللوجستي من جهة والكفاءات البشرية من جهة أخرى. إن افتقار المؤسسات لقاعات التشخيص المسرحي، وورشات الرسم والفنون التشكيلية الأخرى، والأندية الثقافية والفنية والرياضية، وغياب المنشطين المتخصصين، كلها عراقيل تقف أمام كل مبادرة لتأسيس مدرسة تنبض بالحياة.
· معيقات اجتماعية: يلاحظ أن الأنشطة ذات البعد الفني أو الثقافي أو الرياضي لا زالت لم تحض بالقبول والرضا من طرف عدد كبير من الأسر، وهكذا نجد العديد من الأمهات والآباء يرفضون انخراط أبنائهم وبناتهم في أي أنشطة ثقافة أو فنية أو رياضية ويعتبرونها مضيعة للوقت، بل وقد تؤثر سلبا على مسارهم الدراسي، وعلى سلوكهم وأخلاقهم، إذ يخشون من احتكاكهم بأشخاص منحرفين.
وهكذا نخلص إلى أن الحاجة إلى تفعيل أدوار الحياة المدرسية نابعة من رغبة ملحة في التغيير والتجديد، رغبة في القطيعة مع مدرسة منغلقة على نفسها وبالتالي لا تفرز إلا علاقات منغلقة وأجيالا لا تؤمن بالانفتاح على الآخر. إن مقاربة الحياة المدرسية “جاءت في سياق مليء بالتحديات، سياق يقتضي إعادة صياغة مفهوم التلمذة، ونقل هذا المفهوم من حقل عقلية الانصياع والامتثال، إلى حقل تكويني قائم على فلسفة المواطنة وحقوق الإنسان” . محمد مكسي – جريدة “التربوية”- العدد 3 – 5 مارس 2007
وعليه، فإن في الحياة المدرسية، كما في الحياة الاعتيادية، يتطلب إقرار قيم المواطنة والديمقراطية وحقوق الإنسان، إشراك الجميع في اتخاذ القرارات في المجال التربوي التعليمي، ومحاربة كل أشكال الإقصاء، وترسيخ الممارسة الديمقراطية داخل المؤسسة التربوية من خلال إعطاء الفرصة للمتعلمين لممارسة حقهم في المناقشة وإعمال الفكر على أساس الحوار المسؤول والبناء مما يتيح دعم مفهومهم وتعزيز إيمانهم بقدراتهم الذاتية واستقلاليتهم واحترام الآخرين، والإحساس بالمسؤولية.
2-مشروع المؤسسة :
مشروع المؤسسة آلية من آليات تفعيل الحياة المدرسية، ويعتبر من مقومات التجديد التربوي بالمؤسسات التربوية . وهو فلسفة تتوخى الرفع من مستوى التحصيل لدى المتعلمين، والسمو بجودة علاقة المؤسسة التربوية بمحيطها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، من خلال انخراط كل الفاعلين سواء من داخل الفضاء المدرسي أو من خارجه، في بلورة مشاريع منسجمة مع حاجيات المتعلمين والمؤسسة وتستجيب لانتظار المجتمع المحلي.
ومشروع المؤسسة كما تعرفه وزارة التربية الوطنية هو ” برنامج إرادي وخطة تطوعية مؤلفة من مجموعة من الأعمال المنسجمة التي تهدف إلى الحصول على أفضل النتائج في المؤسسات التعليمية، والرفع من مستوى التحصيل بها، والسمو بجودة علاقتها بالمحيط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي”.
1-2- مواصفات مشروع المؤسسة:
تنص المذكرة الوزارية رقم 73 بتاريخ 12 ابريل 1994. على مجموعة من المواصفات التي يجب أن تتوفر في مشروع المؤسسة ومنها :
– أن يتمحور حول موضوع له اتصال مباشر بالحياة اليومية للمؤسسة وأن يهدف إلى دعم العمل التربوي في مختلف مساراته؛
– أن راعي في إعداده طبيعة المؤسسة المعينة والتشخيص المسبق للقضايا ذات الأولوية؛
– أن يتسم بالواقعية، وإمكانية تطبيقه اعتمادا على الإمكانات الذاتية المتوفرة؛
– أن يساهم في إعداده التلاميذ والأطر التربوية والإدارية وشركاء المؤسسة؛
– أن تحدد أهداف المشروع، ومراحل انجازه، والسقف الزمني، والمكان والموارد البشرية والإمكانات المادية والمالية، ووسائل تقويمه قبليا ومرحليا ونهائيا.
وبما أن مشروع المؤسسة يندرج في إطار الأهداف العامة للنظام التربوي الوطني أهداف المشروع الأكاديمي الجهوي، فإنه يراعى في وضعه وتنفيذه وتتبعه وتقويمه المبادئ والتوجهات العامة والتشريعات والتنظيمات الجاري بها العمل.
2-2- مراحل انجاز المشروع :
يمكن حصر مراحل إنجاز المشروع في ثلاث مراحل : مرحة الإعداد والتحضير، مرحلة التنفيذ، وأخيرا مرحلة التقويم والتتبع. وكل مرحلة من هذه المراحل تشمل مجموعة من العمليات والإجراءات.
مرحلة الإعداد والتحضير :
تتضمن مرحلة الإعداد والتحضير مجموعة من العمليات والإجراءات، ولعل أولاها العمل على خلق مناخ مناسب للعمل، والتعبئة للمشروع من خلال التحسيس بأهميته وأهدافه ودواعيه. بعد ذلك يقوم الفريق بتشخيص لوضعية المؤسسة للوقوف على الإمكانات الذاتية، والمعيقات التنظيمية والعلائقية واللوجستيكية وكذا العلاقة بين المؤسسة ومحيطها التربوي والاجتماعي والاقتصادي والبيئي.
وعلى ضوء نتائج عملية التشخيص يقوم الفريق بانتقاء المشروع وصياغة أهدافه العامة والإجرائية، ووضع تصميم للعمليات وبرمجتها، واختيار الوسائل واقتناؤها وبناء عدة التقويم وأدواته.
ثم في الأخير صياغة وثيقة المشروع، وعرضها على الجهات المختصة للمصادقة عليها. وتجدر الإشارة أن المذكرة الوزارية رقم 27 الصادرة بتاريخ 24 فبراير 1995 تنص على ضرورة تقديم المشاريع للمصادقة عليها قبل متم شهر مارس من السنة الدراسية حيث تتم دراستها واتخاذ القرار بشأنها خلال شهر يونيو.
مرحلة التنفيذ :
بعد المصادقة على المشروع تبدأ مرحلة الانجاز وما تضمنه من عمليات وإجراءات تتعلق بتدبير وتسيير المشروع. وهكذا تبدأ هذه المرحلة بتوزيع الأدوار والمهام على فريق العمل، وتنظيم البنيات والخدمات ( الموارد، الوسائل، سكرتارية المشروع، فضاءاته، بنية الاتصال…). ومع أول حركة لعجلات المشروع تبدأ عملية التسيير وما تتضمنه من توجيه والتتبع والضبط والمساعدة، وتحفيز المشاركين، وتدريبهم على المهارات والخبرات التي هم في حاجة لها، والإبقاء على التواصل مع المحيط الخارجي.
التتبع والتقويم :
وأخيرا تأتي مرحلة التتبع والتقويم وتشمل متابعة العمل أولا بأول للوقوف على مدى مطابقته لأهداف المرسومة، حتى إذا ظهر انحراف عما هو مخطط له، أمكن تقويمه قبل أن يستفحل.
وهذا يقتضي بالطبع وضع عدة للتقويم تقاس عليها الأعمال المنجزة ،وتقرير أساليب التقويم، واتخاذ القرار للتحسين والتطوير.
وهكذا نخلص إلى أن مشروع المؤسسة آلية داعمة للتجديد التربوي، وقناة عملية تكرس لمدرسة الحياة، من خلال تربية النشء على المبادرة الفردية، والحرية، وتنمية الفكر التعاوني والتشاركي، وإقامة علاقات على أسس الاحترام المتبادل، والقبول بالاختلاف بعيدا عن كل تعصب وعنف.
ومن جهة أخرى لابد من الإقرار بأن مشروع المؤسسة يتطلب نفسا طويلا وجهودا جبارة، مما يستلزم وجود قيادي محنك يتقمص عدة أدوار في آن واحد بدءا بدور المبادر الذي يسعى إلى تجاوز كل المعيقات التي تشل سير العملية التعليمية-التعلمية من خلال اقتراح مشاريع – حلول، وانتهاء بدور ضابط الصراعات والأزمات، مرورا بأدوار الرابط والرائد والمفاوض والملاحظ والمتتبع لكل ما يجري حوله.
3- مشروع الحوض المدرسي :
يتكون الحوض المدرسي من ثانوية إعدادية و المؤسسات التعليمية الابتدائية التي تشكل روافدها.
وقد استحدث الحوض المدرسي في إطار مشاريع التعاون الثنائي – خصوصا مشروع دعم التعليم الأساسي APEF- توخيا لمقاربة قضايا التربية والتكوين على صعيد المؤسسات التعليمية المشكلة للحوض المدرسي.
ومشروع الحوض المدرسي هو مشروع تربوي تتم صياغته بناء على مختلف المشاريع البيداغوجية المقترحة بالمؤسسات التعليمية المكونة له.
ويعتمد في بناء مشروع الحوض المدرسي على الخطوات التالية :
– تحليل وضعية التربية والتكوين بالحوض المدرسي بناء على مؤشرات التمدرس المميزة له؛
– تحديد القضايا والإشكالات المميزة للحوض : احتفاظ، هدر، التحاق، انقطاع مبكر…
– تحديد أولويات التدخل ومجالاته؛
– تحديد الأهداف والنتائج المتوخاة (لسنة واحدة أو لثلاث سنوات)؛
– اقتراح عمليات التدخل؛
– أجرأة العمليات المقترحة إلى مهمات؛
– أجرأة المهمات المقترحة؛
– وضع الكرونوغرامات المتعلقة بمختلف العمليات والمهمات المقترحة؛
– التقويمات : شخصية، مرحلية، نهائية.
ومن بين خصائص مشروع الحوض المدرسي نذكر :
· الإنسجام :باعتباره مجموعة من مشاريع مبرمجة بالمؤسسات التعليمية المكونة له وذات الصلة بالمؤشرات نفسها، فإن مشروع الحوض المدرسي يتميز بالانسجام بنوعيه الداخلي والخارجي. الانسجام الداخلي بين العمليات المقترحة، ويتجلى في مخاطبتها وتعاملها مع المؤشرات المميزة للحوض. والانسجام الخارجي بين العمليات المقترحة ومقتضيات التربية والتكوين برمتها حسب التوجهات العامة للدولة في القطاع.
· التغطية : وتتجسد في تغطية العمليات المقترحة للأهداف والنتائج المنشودة من وراء التدخل بالحوض وكذا المؤشرات المستهدف تحسينها وتجويدها.
· التشارك : مشروع الحوض المدرسي مشروع تشاركي بامتياز ويهم كافة الفاعلين والشركاء العاملين بالمؤسسات التعليمية المكونة له. ويقتضي التشارك الانخراط الفعلي والفعال لهؤلاء جميعا، الشيء الذي يقتضي أن يتم الإشراك منذ عمليات التشخيص الأولى ضمانا لتحقيق الانخراط الفعلي للشركاء والفاعلين خلال التنفيذ.
· التقاسم : ويهم الاطلاع على مختلف العمليات وتتبع تنفيذها باستمرار اعتمادا على وسائل وأدوات خاصة مثل النشرات والتقارير والاجتماعات واللقاءات التنسيقية والإخبارية وغيرها، مما يضمن وضع المعلومات المتعلقة بعمليات المشروع رهن المعنيين بها. كما يقصد بالتقاسم أيضا التواصل والإخبار الذين يستلزم تنفيذ المشروع الاضطلاع بهما من لدن كافة القائمين عليه.
يعتبر إذن مفهوم الحوض المدرسي عنصرا جديدا يسعى إلى ضمان مبدأين أساسين في مقاربته لقضايا التربية والتكوين، مبدأ الاستمرارية، من خلال تمكين المتعلمين من سيرورة دراسية مستمرة من التعليم الأولي إلى التعليم الثانوي الإعدادي مرورا بالتعليم الابتدائي. ومبدأ الشمولية على اعتبار أنه يعتمد نظرة شمولية على صعيد الحوض ككل في كل مخطط أو إستراتيجية يهدفان إلى الارتقاء بجودة المنتوج التربوي.
خاتمة:
اعتبارا لأهمية الإدارة التربوية كعنصر فاعل و فعال داخل المنظومة التربوية،واقتناعا بدورها المتميز في أجرأة مضامين الإصلاح،وإيمانا بقدرتها على إشاعة ثقافة الإحساس بالمسؤولية واحترام أخلاقيات المهنة، يمكن أن نجزم القول بكل جرأة و شجاعة ان إسناد مناصب الإدارة التربوية ليس مكافأة على سنوات الكد و الجد داخل الفصل،و بالتالي جاء الوقت لاستراحة المحارب، بل يجب أن يكون الترشح لشغل هدا المنصب نابع من إرادة قوية في اقتحام عالم الإدارة بكل تحدياته وتسخير التجارب و الخبرات التي راكمها الأستاذ في تحقيق نجاح آخر سيكون له دون شك طعم آخر.
إن خلق مدرسة جديدة مفعمة بالحياة وقادرة على رفع التحديات الآنية و المستقبلية رهين بوجود إدارة حكيمة تمثل القدوة في المواظبة والاجتهاد و السلوك. وإذا كانت السلطات المكلفة بالتربية و التعليم قد أبانت على جديتها في إعطاء الإدارة التربوية ما يلزمها من عناية قصد تأهيلها، فان هذه الأخيرة مطالبة بإثبات قدرتها على تأهلها الذاتي.
أما أنت أخي المترشح ،إذا ما نجحت في شغل منصب في الإدارة التربوية قد يتيح لك هذا فرصة الحرية في الحضور و الانصراف متى تشاء،لكن عليك أن لا تنسى أن بحضورك ستضبط حضور أتباعك و باجتهادك وتفانيك ستضمن اجتهاد وإخلاص الآخرين. فضبط المواظبة وتحفيز الآخرين على البدل والعطاء ليس بالمعضلة الكبرى كما قد يفهم البعض لأن وصول الرئيس في الموعد يضمن وصول الآخرين، وبقاؤه إلى نهاية الحصة كفيل ببقائهم. كما أنه إذا لم يكن قدوة في الاجتهاد فلا ينتظر من الآخرين أن يبذلوا قصارى جهدهم، لأنه بكل بساطة هو القائد، والقائد هو الذي يخطط تفاصيل المعركة للباقين وهو الذي يسبقهم إلى ساحة الوغى.
تسليم المهام:
إن سير المؤسسات العمومية يجب أن لا يتأثر سلبا بتغيير المسؤولين عنها. فالمؤسسة قارة وثابتة، بينما الأشخاص يتغيرون وينتقلون. وينبغي أن يكون انتقالهم شخصيا قط، فلا يسوغ لهم نقل ممتلكات المؤسسة القديمة إلى المؤسسة التي انتقلوا إليها، لأن ذلك يتنافى من جهة مع القوانين الجاري بها العمل، ومن جهة أخرى يوقع المسؤول الجديد في مشاكل لعدم توفره على الوثائق والوسائل الضرورية.
عند تعيين موظف على رأس مؤسسة تعليمية، تسلم له كل ممتلكاتها ووثائقها، بطريقة رسمية تحيل المسؤولية من المسؤول السابق- إن كانت المؤسسة قديمة- إلى المسؤول الجديد، أو تنشئ مسؤولية جديدة عليه إن كانت المؤسسة محدثة.
وكيفما كان الحال، فإن عملية التسليم تتم بواسطة محضر ينبغي أن يوقع من لدن :
§ المسؤول القديم
§ المسؤول الجديد
§ ممثل الإدارة المشرفة
أما إذا كان الأمر يتعلق بمؤسسة محدثة، حيث لا وجود لمسؤول قديم، فتسلم المدير بحضور لجنة خاصة.
أولا – اعداد المحضر
ينبغي أن يشتمل محضر تسليم المهام على المعلومات التالية :
التاريخ، المؤسسة، البلدة، ممثل المصلحة المشرفة، اسم ورقم تأجير كل من المسؤول الجديد والقديم، أسماء باقي الحاضرين، وأرقام تأجيرهم ووظفائهم.
ب-الأطر العاملة بالمؤسسة، وملفاتها أو أوراقها الشخصية.
ج- التلاميذ : هيكل المؤسسة (الخريطة المدرسية)، لوائح التلاميذ بجميع الأقسام، وملفاتهم وأوراقهم الشخصية وسجلاتهم.
د-التجهيز العام : حالة البنايات، الأثاث المدرسي، تجهيز المكاتب، الوسائل الديداكتيكية، الخزانة المدرسية، السكنى، تجهيزات المطعم، أشياء مختلفة.
هـ- الوثائق الإدارية : المستندات، المذكرات، المناشير، السجلات، الدفاتر، الملفات، اللوائح، محاضر الاجتماعات، محاضر الامتحانات، مطبوعات متنوعة.
و- الوضعية التربوية: التنظيم التربوي، المناهج التعليمية، مطبوعات تربوية، مشاكل ومشاريع.
ز- الحالة المادية : الاعتمادات، الديون، المطعم وموارده، المستفيدون منه.
ح- الشؤون الاجتماعية : جمعية آباء وأولياء التلاميذ، جمعيات أخرى، أنشطة تعاونية…
ط- التصريحات والتحفظات من طرف المسؤول السابق والمسؤول الجديد.
ي- خاتمة : قد يشار فيما إلى الطابع الذي ساد عملية تسليم المهام، أو ارتسامات أعضاء اللجنة، أو غير ذلك.
ثانيا-إجراءات عملية :
تختلف إجراءات تسليم المهام حسبما إذا كانت المؤسسة جديدة- محدثة ستستعمل لأول مرة أو قديمة.
المؤسسة المحدثة ( الجديدة) :
o على الموظف المسندة إليه أن يزورها قصد التعرف على موقعها ومرافقها الأساسية، والمرحة الإنجازية التي وصلت إليها على مستوى البناء والتجهيز…
o الاتصال بالنيابة لتحديد موعد التسليم الرسمي.
o معاينة جميع ممتلكات المؤسسة والتعرف على حالتها ومدى تمام انجازها.
o إن توقيع محضر التسليم رهين بإتمام جميع الأشغال بالكم والكيف والنوع الموجود في دفتر التحملات، علما أن كلا من المقاول والمزود … لن يتم توصله بالمبالغ المالية المتبقية إلا بتوقيع محضر التسليم.
ب- المؤسسة القديمة :
1- التحضير :
يعد المسؤول القديم الوثائق التالية :
قوائم بالأطر التربوية والإدارية بالمؤسسة حسب تصنيفاتها وملفاتها . – لوائح بممتلكات الخزانة.- قوائم التلاميذ أو الطلبة حسب التصنيفات التي ينتمون إليها. – سجلات الصادرات والواردات. – جداول الحصص واستعمالات الزمان. – دفاتر ومستندات وسجلات الاقتصاد، مثل مراجعة سجل الممتلكات والتجهيزات، وصولات الأداءات والحساب الجاري للمؤسسة، ديونها، ودائعها …- ملفات الأنشطة الاجتماعية والأعمال الموازية. – الخ …
2- التسليم :
– زيارة المؤسسة من لدن لجنة تتألف من المسؤول الحالي (القديم)، والمسؤول الجديد، وممثل الإدارة المشرفة بجميع مرافقها وتجهيزاتها والاطلاع على حالتها، لوصفها والتعليق عليها في المحضر.
وضع خط فاصل بارز في السجلات والقوائم والجداول والملفات القابلة للإضافة، وتأريخها ، وتوقيعها من لدن جميع الأطراف والأشخاص الحاضرين.
إعداد المحضر من لدن أحد المسؤولين أو تكليف شخص آخر بذلك، ثم توقيعه كذلك.
يمكن للمسؤول الجديد أن يسير في توقيعه إلى أنه يوقع مع التحفظات.
يعد المحضر في خمس نسخ على الأقل توزع على الجهات التالية : الوزارة، الأكاديمية، النيابة، المدير القديم، المدير الجديد.
3- المراجعة :
يعتبر محضر تسليم المهام مبدئيا بمثابة اعتراف وإشهاد بكل ما يتضمنه من إحصائيات وأرقام وملاحظات وإشارات. رغم ذلك فإنه أمام المسؤول الجديد فرصة ثلاثة أشهر وقد تصل إلى ستة أشهر، عند الاقتضاء، للقيام بالإحصائيات اللازمة والتأكد من المعطيات والأرقام الواردة في المحضر، وبالتالي إعداد جداول ووثائق مقارنة، التي يمكن على إثرها القيام ببحث لجنة مختصة.
عن” التشريع الإداري و التسيير التربوي”
للأستاذ ين:ادريس قاسمي و محمد المير
تقنيات المقابلة :
تقديم :
تعتبر المقابلة بالنسبة للمشغل الفرصة الأخيرة والحاسمة قبل الاختيار النهائي. والمقابلة أنواع وأشكال متنوعة، إلا أن المقابلة التي يتم من خلالها انتقاء الأطر التي تستند إليها مناصب الإدارة التربوية، لا تخرج عن شكل المقابلة الكلاسيكية أي المترشح في مواجهة لجنة من ثلاث إلى خمسة أعضاء. قد يتحدث واحد منهم والآخرون ملاحظون، وقد يتناوبون على الكلمة حسب المحاور التي سيختبر فيها المترشح.
ومما لاشك فيه أن المقابلة تثير الكثير من المخاوف لدى المترشحين. وهذا التخوف نابع من جهة، من كون المقابلات شيء جديد لم يتم اعتمادها في انتقاء أطر الإدارة التربوية إلا في السنوات الأخيرة وبالتالي فالمترشح ليست له أدنى فكرة عن الأشخاص الذين سيقابلهم، ولا عن الظروف الذاتية والموضوعية المحيطة بالمقابلة، وليست له أكيد تجارب سابقة لأنه كما يعلم الجميع، باستثناء الاختيارات الشفوية في الكليات، فالمقابلات الشخصية وجها لوجه، لم تكن يوما آلية من آليات التقييم في مدارسنا، بل أن البرامج الدراسية ليس فيها ما يذكر عن تقنيات المقابلة.
أهمية المقابلة :
يقول بيير سميت : “أن جمع معلومات إضافية عن المرشحين هو أمر يستحق العناء وذلك للتأكد من أن عملية الاختيار قد اكتملت وبأنها تتسم بالموضوعية إلى أبعد حد ممكن، وفي كثير من الأحيان يبقى كل هذا البحث والتنقيب غير كاف ولا بد من إجراء مقابلة”.
تعتبر المقابلة من ؟أهم مراحل تدبير الموارد البشرية في منظمة من المنظمات، بحيث يتم اعتمادها من منطلق ضرورة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب. وهناك بالضرورة إجراءات تسبق المقابلة وأخرى تليها. فمن أهم الإجراءات التي تسبقها هناك ما يسمى ب ” التوصيف الوظيفي”. وهي مرحلة يتم خلالها تحليل الوظيفة ومعرفة المهام والمسؤوليات المكونة لها، واستنتاج مواصفات من سيشغلها. إذن، فتوصيف الوظيفة وتحديد معالمها، أساس لوضع نظام تقييم سليم ومعايير موضوعية لانتقاء وتعيين الأشخاص في الوظائف.و على هذا الأساس فاللجنة التي سيعهد لها بمهمة انتقاء الأشخاص المناسبين ستنطلق من مرجعية واضحة ومعايير دقيقة قبل الاختيار النهائي.
كيف تستعد للمقابلة؟:
أخي المترشح :
أنت لا شك في وضع لا يسمح لكل بمعرفة ظروف المقابلة، ولا الأشخاص الذين سيكونون في مواجهتك، ولا كيف ستكون ردود أفعالهم، ولا أنواع الأسئلة التي يمكن أن تطرح عليك. ربما ترجح أنه من الأحسن عدم الاكتراث بكل هذه الجزئيات، والذهاب إلى المقابلة “هكذا”، أي أن تكون طبيعيا وتتصرف حسب ما تمليه عليك الظروف يومها.
إذا تم استدعاؤك للمقابلة، فهذا في حد ذاته شيء ايجابي، وخطوة نحو الظفر بالمنصب، ولكن الجولة لم تحسم بعد، فهناك مترشحون آخرون لهم نفس الطموح، ولازالوا داخل دائرة المنافسة. فكيف ستبرز تفوقك وتميزك؟
ماذا ينتظر مني أعضاء اللجنة؟ :
يجب أن تعرف أن المقابلة بالنسبة للجنة فرصة لاستكمال البحث حول المترشح، إذ لا تكفي المعلومات المدونة في نهج السيرة لإصدار القرار النهائي، فالمقابلة تفسح المجال للجنة للتعرف أكثر عن الشخصية في كل أبعادها، الحس-حركية والمعرفية والوجدانية والإنسانية والأخلاقية.
فاللجنة تريد أن تجد فيك شخصا مسؤولا، ومدركا لجسامة المسؤولية، وشخصا مسلحا بكل ما يستلزمه الاضطلاع بمهام الإدارة التربوية من معارف، ومؤهلات وخبرات، وبكل ما يتطلبه دوره القيادي من سمات أخلاقية وإنسانية، وبكل ما يستدعيه التدبير والتسيير الناجحين من قدرة على الخلق والابتكار، ومواجهة الصعوبات، واتخاذ القرارات بالحكمة والسرعة اللازمتين.
كيف أكون متميزا أثناء المقابلة؟ :
ينصحك الخبراء بجمع كل المعطيات حول المنصب الذي تترشح لشغله- انظر البطاقة التوجيهية للترشيح لشغل مناصب الإدارة التربوية- كن مستعدا لتقديم أجوبة دقيقة وواضحة حول كل المحاور المدرجة في البطاقة التوجيهية.
كن هادئا وواثقا من نفسك، لبقا في تدخلاتك، فهذه كلها صفات محمودة في القيادي.
ما هي الأخطاء التي يجب تفاديها ؟:
قد يخوض أحد أعضاء اللجنة في مناقشة أمور معينة قد لا تروق لك، فلا تتصرف برعونة ولا تفقد أعصابك فتحكم عليك اللجنة حكما قاسيا. تعامل مع كل الأسئلة بحكمة العقلاء، وكن ودودا، مبتسما حتى في أصعب المواقف. واعلم أنهم، لا يختبرون فقط معارفك وقدراتك، بل يختبرون كذلك أدق تفاصيل شخصيتك.
تجنب سرد تفاصيل حياتك الشخصية أو اكراهاتك العائلية.
تجنب أن تكون سلبيا اتجاه عملك السابق أو رؤسائك السابقين، واستحضار الصراعات وخيبات الامل، والانتقادات.
لا تتقدم بمظهر غير لائق يوحي بإهمالك أو لباس قد لا تكون مرتاحا فيه.
تجنب ترك الأمور المتعلقة بالاستعداد إلى آخر لحظة، مما قد ينتج عنه نسيان بعض الوثائق…
تجنب إعطاء أجوبة غامضة، أو التحدث بطريقة احترازية….
لا تقاطع تدخلات أعضاء اللجنة،
لا تلفت انتباه اللجنة لنقط ضعفك.
لا تجلس حتى يؤذن لك.
لا تترهل ولا تتململ فوق الكرسي.
لا تحلف
كيف أهيئ نفسي للمقابلة؟ :
إجراءات قبل المقابلة:
§ قبل موعد المقابلة بأسبوع، خطط لرحلتك إذا كانت المسافة طويلة، تأكد من الوقت الذي تستغرقه الرحلة، والوسيلة الأكثر سلامة وراحة، أعط نفسك متسعا من الوقت للوصول.
§ فكر مليا بالملابس التي سترتديها. لست في حاجة لشراء ملابس جديدة، فالملابس النظيفة المرتبة ستفي بالغرض.
§ هيئ كل الوثائق التي يمكن أن تطلبها منك اللجنة، ولتكن نسخا نظيفة، وتدرب على الإجابة على الأسئلة التي قد تطرح عليك، سجل براهينك وحججك لكي تكون محضرة ذهنيا أثناء إجابتكم.
§ ليلة المقابلة عليك النوم باكرا، فالنوم الكافي مفيد للذاكرة، وصبيحة يوم المقابلة قم ببعض التمارين الخفيفة ولو داخل غرفتك، قصد تخفيف الضغط النفسي.
§ قبل الدخول إلى القاعة التي ستجرى فيها المقابلة، ستظهر عليك بعض الأعراض الجانبية، كسرعة خفقان القلب، واضطراب المعدة، وارتجاف الأطراف، لا تنزعج فتلك ردات فعل فيزيولوجية عادة ما تقع في الاختبارات والتحديات، لا تهتم ولا تدعها تؤثر عليك، بل حاول تجاوز ذلك بالحديث مع بعض المترشحين الآخرين في قاعة الانتظار.
اجرءات اثناء المقابلة :
§ عند دخولك، ابد واثقا وقبل جلوسك سلم على أعضاء اللجنة، وعرفهم بنفسك. ولا تجلس حتى يأذنوا لك بذلك.
§ عند الإجابة تجنب نعم ولا، ولتكن الإجابة أكثر شمولا مشفوعة بأمثلة، وكن صادقا في حديثك عن معارفك ومهاراتك وانجازاتك، وإذا لم تفهم السؤال فلا تتردد في الاستفسار. تكلم بوضوح وتلقائية.
§ أنصت جيدا ولا تقاطع، لا تنس أن أعضاء اللجنة يحبون الأشخاص الذين ينصتون، ويوجزون ما يجب ايجازه، والأشخاص الذين يأتون للمقابلة مستعدين، ويبدون واثقين ونشيطين.
بعض الأسئلة التي تطرح أثناء المقابلات :
E من أنت؟ تحدث عن نفسك.
E لماذا أنت هنا؟
E لماذا تريد ترك عملك السابق؟
E لماذا اخترت الإدارة التربوية؟
E ماذا تعرف عن هذه المهمة؟
E ما المطلوب في الإداري الناجح؟
E ما هي القيمة المضافة التي ستأتي بها للمؤسسة؟
E ما هي مؤهلاتك؟
E ما هي هواياتك؟
E كيف يمكنك مجارات الناس من حولك؟
E ما هي الصعوبات التي واجهتك مؤخرا؟ وكيف تجاوزتها؟
E متى كانت آخر مرة فقدت فيها أعصابك؟
E ماهي التجارب التي كان لها الأثر على شخصيتك؟
E ما رأيك في التسلسل الإداري؟
E ماذا كنت تحب في عملك السابق؟ ماذا كنت تكره فيه؟
E ما هو تقييمك لشخصك؟
E ما هي الأشياء التي تجعلك أكثر فخرا في مسارك المهني؟
E ما هي نقط قوتك؟ ونقط ضعفك؟
E إلا ترى أنك صغير السن للقيام بهذه المهمة؟
E إلا ترى أنك متقدم في السن للقيام بهذه المهمة؟
E إلا تخشى أن تندم يوما على هذا الاختيار؟
E ما عنوان الكتاب أو الكتب التي قرأتها مؤخرا؟
E لماذا تعتبرها جيدة؟
E ما هي فلسفتك القيادية؟ أو أسلوبك في القيادة؟
E من الشخص الذي تحترمه في مؤسستكم أكثر من غيره؟
E ما هي أهدافك وخططك على المدى البعيد؟
E ما الأمور التي كانت تزعجك في عملك السابق؟
E ما مستويات الإحساس بالمسؤولية والأمانة في مؤسستكم؟
E هل لديك عيوب تخفيها عنا؟
خاتمة:
المهم في المقابلة – كما يقول الخبراء- أن تستمع جيدا، وتترك لنفسك وقتا للتفكير قبل الإجابة، ولتكن إجاباتك مباشرة وصادقة وواضحة، تكلم بصوت واضح، وكن واثق بنفسك، ودودا في معاملتك، مهذبا في حركاتك وسكناتك.
ولو اقتديت بهذا كله ستكون إنشاء الله من المتفوقين، إن لم يكن هناك من هو أجدر منك.
الفهرست
المحور الأول : الإطار النظري للإدارة التربوية.
1-الإدارة التربوية :
1-1-مفهوم الإدارة :
2-1-مفهوم الإدارة التربوية :
2- مفهوم الإدارة التربوية :
2-1-مفهوم التنظيم :
2-2-نظريات التنظيم :
2-1-2- النظرية الكلاسيكية :
2-2-2- نظرية العلاقات الإنسانية : ( المدرسة السلوكية)
2.2.3- نظرية النظم :
3- النظرية في الإدارة التربوية:
3.1 – مفهوم النظرية :
3.2 – مفهوم النظرية الإدارية :
3.3- نماذج من النظريات الإدارية المعاصرة :
3.3.1- نظرية x (النمط الإداري السلطوي) :
3.3.2- نظرية Y (النمط الإداري التشاركي)
3.3.3- نظرية Z : النمط الإداري الياباني.
3.3.5 – نظرية النظم :
4- أنواع القيادات الإدارية :
4.1- القيادة القائمة على السلطة الرسمية : (القيادة الدكتاتورية)
4.2- القيادة القائمة على العلاقات الإنسانية: (القيادة الديمقراطية)
4.3- القيادة القائمة على الوظيفة : ( القيادة الآلية).
6- مواصفات القيادة الناجحة :
6- معاير انتقاء القيادات :
6.1- الطريقة القديمة والتقليدية :
6.2- الانتخاب :
المحور الثاني:مظاهر الإصلاح في الإدارة التربوية
1- الواقع والمنطلقات :
2 –الإطار المؤسساتي للإدارة العمومية :
3- سياقات الارتقاء بالإدارة التربوية :
3.1- رهانات الإدارة التربوية :
3- خطة الارتقاء بالإدارة التربوية :
3.1- تحسين الوضع القائم :
3.2- تأهل وتأهيل الإدارة التربوية :
3.3- تثمين الإدارة التربوية :
3.4- إرساء وإعمال مشروع المؤسسة :
3.6- إرساء وإعمال مشروع الحوض المدرسي :
3.7- اللامركزية واللاتمركز في التسيير والتدبير :
المحور الثالث: -الإدارة التربوية : المهام والأدوار والوظائف :
1- تركيبة الإدارة التربوية :
2- مهام الإدارة التربوية :
3 – الأدوار الجديدة لمدير المؤسسة التربوية :
1-3- المدير كمدبر :
2-3- المدير كمشرف تربوي :
3-3- المدير كمنشط اجتماعي :
4-المؤسسة التربوية والشراكة :
1-4- مفهوم الشراكة :
2-4- مزايا الشراكة :
3-4- الشراكة والمدرسة :
4-4- شركاء المدرسة :
1-4-4- جمعية الآباء :
2-4-4- الجماعة المحلية :
4-4-4- جمعية قدماء التلاميذ :
5-4-4- الشخصيات المنحدرة من المنطقة :
5- الوظائف الرئيسية للإدارة العمومية:
6- تنظيم الاجتماعات
7- تنشيط المجموعات
8- مقاربة حل النزاعات
9-التواصل الإداري
المحور الرابع: مظاهر التجديد التربوي في المؤسسة التعليمية 1- الحياة المدرسية :
1-1- مفهوم الحياة المدرسية :
2-1- مرتكزات الحياة المدرسية :
3-1- غايات الحياة المدرسية :
4-1- تفعيل الحياة المدرسية :
5-1- معيقات الحياة المدرسية:
2-مشروع المؤسسة :
1-2- مواصفات مشروع المؤسسة:
2-2- مراحل انجاز المشروع :
3- مشروع الحوض المدرسي :
خاتمة:
ملحق
تسليم المهام:
تقنيات المقابلة :
بحث - الإدارة التربوية تعريف المهام الادوار الوظائف القيادة
الادارة التربوية
المحور الأول : الإطار النظري للإدارة التربوية.تقديم :لقد ألف الناس أن يصنفوا المؤسسات التربوية، بين المؤسسات في قمة النجاح، وأخرى على حافة الفشل، وبقية تقع على متصل النجاح- فشل، ويتم تقييم أداء المؤسسات التربية بحسب معيار تختلف من شخص لآخر، أو من مجموعة من الناس لأخرى : فهناك من يعتمد معيار الموارد البشرية، فيعتبر العدد المتعاظم من الناجحين، والكفاءات العالية للعاملين الفاعلين مؤشرا على النجاح. وهناك من يعتمد معيار الموارد المادية، فيعتبر النجاح في توفر المصادر المادية والوسائل التعليمية، والفضاءات المدرسية، وهناك من يعتمد معيار الانضباط والإحساس بالمسؤولية، فيعتبر النجاح في وجود سلطة تسهر على تطبيق التشريعات والقوانين التنظيمية، وتضمن أجرأة المناشير والمذكرات.
لكن، ومهما اختلفت المعايير وتعددت التصورات، فإن النجاح في الإدارة التربوية يبقى الأمل المنشود لكل المنظومات التربوية، على اعتبار أن نجاح الإدارة التربوية هو نجاح للمجتمع برمته. فلا مجتمع راق دون مدرسة ناجحة، ولا مدرسة ناجحة دون إدارة تربوية حكيمة.
ومن هذا المنطلق باتت المجتمعات اليوم أكثر تنافسا مع ذاتها ومع غيرها في بناء المؤسسات التربوية وتطويرها مستفيدة من النظريات الحديثة في الإدارة بشكل عام والإدارة التربوية بشكل خاص، هذه النظريات التي تختزل الأسس والمبادئ التي تحدد ماهية المؤسسة التربوية، وطبيعة عملها، وكيفية إدارتها وتقييم فعاليتها.
1-الإدارة التربوية :
1-1-مفهوم الإدارة :
يمكن تناول مفهوم الإدارة من جانبين : الإدارة كعلم والإدارة كممارسة؛ الإدارة كعلم هو ذلك الفرع من العلوم الاجتماعية الذي يفسر ويحلل ويتنبأ بالظواهر الإدارية، والسلوك الإنساني الذي يجري في التنظيمات المختلفة لتحقيق أهداف معينة.
أما الإدارة كممارسة، فهي الاستخدام المعقلن والفعال للموارد البشرية والمادية والمالية، والمعلومات والأفكار والوقت من خلال المهام الإدارية –التخطيط، التنظيم، التوجيه والرقابة- بغرض تحقيق الأهداف.
ويقصد بالموارد البشرية، الأشخاص الذين يشتغلون داخل المنظمة، والموارد المادية هي كل ما تتوفر عليه المنظمة من مباني وأجهزة وآلات…، والموارد المالية هي المبالغ المالية أو الميزانية المرصودة لتسيير الأعمال الجارية أو الاستثمارات. أما المعلومات والأفكار فيقصد بها الأرقام والحقائق والنصوص والقوانين التنظيمية. والوقت هو الزمن المتاح لإنجاز الأعمال المسطرة.
ويصف الدكتور محمد سليم العوا الإدارة بأنها فطرة، وأن الإنسان يمارسها في حياته بشكل أو بآخر، تخطيطا وتنظيما وتنفيذا و مراجعة وتقويما، كما أنه يتحمل تبعاتها ونتائجها.
هكذا تبدو الإدارة ذلك العمل الذي يتوخى الفاعلية والكفاءة في الأداء داخل المنظمة، من خلال الاستثمار المعقلن للموارد وحسن الاستفادة منها.
وهذا بالطبع لن يتأتى إلا من خلال أطر ذات كفاءة عالية ومهارات فكرية وفنية وإنسانية.
2-1-مفهوم الإدارة التربوية :
عندما نتناول موضوع الإدارة في ميدان التربية والتعليم، نجد أنفسنا أمام ثلاثة مفاهيم شاع استخدامها، وهي”الإدارة التربوية”، “الإدارة التعليمية”، و”الإدارة المدرسية”. إن المفهومين الأول والثاني يعنيان شيئا واحدا، والخلط بينهما إنما جاء نتيجة الترجمة عن المصطلح الأجنبي Education، الذي يترجمه البعض إلى مصطلح التربية في حين يترجمه البعض الآخر إلى مصطلح ” التعليم”. أما المفهوم الثالث – “الإدارة المدرسية”، فيبدو أنه أكثر خصوصية، بحيث يحيل إلى الإدارة التي تشرف على مؤسسة تربوية، فيما يحيل المصطلحان السابقان على الإدارة التربوية في تراتبيتها بدء من الوزارة الوصية وانتهاء بالمؤسسة التربوية مرورا بالأكاديميات والنيابات بمصالحها وأقسامها…
ورغبة في مسايرة الاتجاهات التربوية الحديثة التي تفضل كلمة “تربية ” على كلمة “تعليم”- على اعتبار أن التربية أعم وأشمل- فإننا- إن شاء الله-في هذا الكتاب سنستخدم مصطلح الإدارة التربوية وإن كنا سنقتصر على الحلقة الأخيرة في هذه التراتبية، ونعني “الإدارة المدرسية”.
يعرف الزبيدي الإدارة التربوية بأنها ” مجموعة من العمليات التنفيذية والفنية التي يتم تنفيذها عن طريق العمل الإنساني الجماعي التعاوني بقصد توفير المناخ الفكري والنفسي والمادي الذي يساعد على حفز الهمم وبعث الرغبة في العمل النشط المنظم، فرديا كان أم جماعيا، من أجل حل المشكلات وتدليل الصعاب حتى تتحقق أهداف المدرسة التربوية والإجتماعية كما ينشدها المجتمع”.
ويعرفها العمايرة بأنها “: حصيلة العمليات التي يتم بواسطتها وضع الإمكانيات البشرية والمادية في خدمة أهداف عمل من الأعمال، والإدارة تؤدي وظيفتها من خلال التأثير في سلوك الأفراد”.
كما تعرف الإدارة التربوية على أنها ” الجهود المنسقة التي يقوم بها فريق من العاملين في الحقل التعليمي، إداريين وفنيين، بغية تحقيق الأهداف التربوية داخل المدرسة تحقيقا يتماشى مع ما تهدف إليه الدولة من تربية أبنائها، تربية صحيحة وعلى أسس سليمة”.
من خلال هذه التعريفات تبدو أهمية الإدارة التربوية كضامن لتنظيم وتوجيه وقيادة الأعمال والأفراد الذين يكونون القاعدة العملية للمؤسسة، بغية تحقيق هدف أو مجموعة أهداف مسطرة ومنسجمة مع الغايات الكبرى للبلاد.
2- التنظيمات :
1–2-مفهوم التنظيم :
يعرفه ” دارين بلنكت” و” ريموند أتنر” في كتابهما “مقدمة الإدارة” على أنه ” دمج الموارد البشرية والمادية من خلال هيكل رسمي يبين المهام والسلطات”
ويعني التنظيم الإداري ” هيكلة النشاط الخاص بالجهاز الإداري، سواء أكان جهازا عاما أو خاصا إلى عدة قطاعات وإدارات وأقسام بهدف القيام بذلك النشاط بسهولة ويسر وترتيب ومن تم تحقيق الأهداف التي يطمح الجهاز الإداري في الوصول إليها”.
والتنظيم في النظام التعليمي يعد وسيلة لمدير المدرسة لتفعيل مصادر المؤسسة كافة، فمن خلال التنظيم يمكن أن ينسق المدير بين العاملين معه ويوظف مختلف الإمكانات المتوفرة بحيث تتوجه نحو تحقيق أهداف العملية التعليمية التعلمية. ولكي يطور المدير تنظيما إداريا فاعلا عليه أن يدرك وبعمق الوظائف المطلوب القيام بها، وأن يتفهم طموحات أعضاء هيئة التدريس والجسم الطلابي وما يتمتعون به من كفايات وخصائص.
2-2-نظريات التنظيم :
1–2-2- النظرية الكلاسيكية :
ظهرت هذه النظرية في مطلع القرن العشرين، سميت بالكلاسيكية، ليس لقدمها أو تخلفها، وإنما لنمط التفكير الذي قامت على أساسه. لقد ركزت هذه النظرية في مجملها على العمل معبرة أن الفرد آلة وليس من المتغيرات التي لها أثرها في السلوك التنظيمي، وعلى التكيف والتأقلم مع العمل الذي يزاوله، وهذا ما حدا بالبعض من أمثال SIMON أن يطلقوا على هذه النظرية ” نموذج الآلة”.
ولعل من أبرز رواد هذه النظرية F.W.Taylor و H.Fayol .اشتهر F.W.Taylor بكتابه ” Scientific Management“، ” التدريب العلمي” والذي يقترح من خلاله تحديد الأقصى من الدقة في تنظيم المهمات، وانتقاء الأفراد الأكثر كفاءة وتقسيم العمل بعد التخطيط له ثم التنفيذ، وبهذا تريد ” التايلورية” الوصول إلى نتائج مذهلة بالقضاء على الفردانية والعشوائية والتلقائية في العمل، وتأسيس نظام أجور على النجاح أو الفشل في الوصول إلى المعيار المطلوب من العمل المنجز.
وإذا كان F.W.Taylor قد اشتهر بما يعرف ” بالتنظيم العلمي للعمل” فإن H.Fayol اقترن اسمه ب “التنظيم الإداري للشغل”. لقد اعتبرH.Fayol أن مدراء عصره لهم تكوينا تقنيا لكن تنقصهم مبادئ التدبير، لذلك كان شغله الشاغل الارتقاء بمبادئ التنظيم العلمي للعمل والتي يمكن تلخيصها كالتالي : – تخصصية المهام، معيارية أو تقنين العمليات، توحيد الإجراءات، وحدة التحكم، مركزية اتخاذ القرار، التنظيم بالشعب والأجنحة، تحديد جدول المراقبة والإشراف.
ورغم الانتشار الكبير لهذه المدرسة ومساهمتها في تنمية علوم التنظيم والتدبير فإنها تلقت انتقادات كبيرة من الاتجاهات التي لحقتها خصت بالتحديد ابتزاز الأجور، والعقوبات، وتجريد العامل من إنسانيته بحيث لا ينظر إليه كشخصي بل كامتداد للآلة.
2-2-2- نظرية العلاقات الإنسانية :
تميزت الثلاثينيات من هذا القرن بتقنية وأنسنة الأسس العلمية والإدارية للشغل، لقد ظهرت وتشكلت الحركة السلوكية كبديل للنظرية الكلاسيكية المصنفة ببساطتها وفشل تطبيقها لسلوك الأفراد والجماعات، وأسهمت في دراسة التنظيم، مستفيدة من العلوم السلوكية بطريقة متكاملة، وبذلك برهنت على أن مبادئ المدرسة الكلاسيكية وأعمدتها التنظيمية تتأثر بأفعال وسلوك الأفراد داخل التنظيم، بالإضافة إلى اهتمامها بالتنظيم غير الرسمي (النقابة، الصداقات، علاقات العمل…) وأظهرت مدى تأثير هذا الأخير على البناء الرسمي للتنظيم، وقد استفادت هذه المدرسة من أبحاث كل من Kurt Lewin وجماعة Howthorne حيث كانت نظرية المجال في ذاتها أحد العوامل التي وجهت البحوث في علم النفس نحو تفسير سلوك الفرد والجماعة.
ومن رواد هذه المدرسة E.MAYO الذي قام بدراسة حول تأثير الشروط الفيزيائية (إنارة، حرارة، مواقع عمل…) على معدلات الإنتاج . وتهدف هذه الدراسة إلى أخذ الإنسان بعين الإعتبار داخل المقاولة وملاحظة اختلاف الإنتاجية التي يعرفها هذا المصنع حيث يخيم التنظيم التايلوري ، وقد استخلص في نهاية هذه التجربة أن ارتفاع الإنتاجية وجد تفسيره في علاقات الثقة بين الإدارة والعمال. فالرضا في العمل يأتي أساسا من الشكل الإجتماعي للجماعة، ومن هذا فالشروط الفيزيائية للعمل تأتي في الدرجة الثانية.
لقد اهتمت هذه المدرسة بالفرد وسلوكه في التنظيم، وتوصلت إلى أنه لا يمكن تقييم سلوك الفرد كوحدة منعزلة، ولكن كعضو في جماعة يتعرض لضغوطها وتأثيرها. فسلوك الفرد أو الجماعة في التنظيم الرسمي قد يختلف تماما عن سلوكهم الحقيقي، ومن هنا انصب اهتمام أنصار هذه المدرسة على التنظيمات غير الرسمية كالصداقات بين أعضاء التنظيم وتأثيرها على القيادة.
2.2.3- نظرية النظم :
تأتي نظرية النظم في إطار الاتجاهات الحديثة التي تقوم على أساس النظريات السابقة سواء التقليدية أو السلوكية، وإذا كانت النظريات السالفتان قد ركزتا على أحد متغيرات التنظيم (العمل – المكان) وتعاملت مع التنظيم كنظام مغلق، فإن نظرية النظم ترى في التنظيم نظام مفتوح يتفاعل مع البيئة المحيطة به وذلك ضمانا لاستمرار يته.
لقد نقلت نظرية النظم منهج التحليل إلى مستوى أعلى مما كان عليه في النظرية الكلاسيكية والنظرية السلوكية، فالنظم البشرية تحتوي على عدد كبير من المتغيرات المرتبطة ببعضها، وبالتالي فإن دراسة أي تنظيم لابد وان تكون من منطق النظم بمعنى تحليل المتغيرات وتأثيراتها المتبادلة.
وتقوم هذه النظرية على أجزاء يتكون منها النظام لها علاقة وثيقة ببعضها البعض وهذه الأجزاء هي:
– الفرد (قائدا أو منفذا) وبصفة أساسية التركيب السيكولوجي الذي يحضر معه في المنظمة. لذا فإن حوافز الفرد واتجاهاته نحو الآخر من أهم الأمور التي تعالجها النظرية،
– التنظيم غير الرسمي، وبصفة خاصة أنواع العلاقات بين المجموعات وأنماط تفاعلها مع بعضها.
– تكنولوجيا العمل ومتطلباتها الرسمية، فالآلات والعمليات يجب تصميمها وفق التركيب الفيزيولوجي والسيكولوجي للبشر.
تعتبر نظرية النظم من أهم وأدق نظريات التنظيم، فهي لم تركز على متغير واحد على حساب المتغير الآخر، بل انصب اهتمامها على التنظيمين الرسمي وغير الرسمي، وعلى التكنولوجيا والآلات…
3- النظرية في الإدارة التربوية:
3.1 – مفهوم النظرية :
النظرية Theory هي ” تصور أو فرض أشبه بالمبدأ له قيمة التعريف على نحوما، يتسم بالعمومية وينتظم علما أو عدة علوم، ويقدم منهجا للبحث والتفسير،ويربط النتائج بالمبادئ” الحنفي 2000، ص 88.
كما يعرفها BUSH 1986 بأنها “مجموعة من الفروض التي يمكن من خلالها التوصل إلى مبادئ تفسر طبيعة الإدارة وهي تفسر ما هو كائن، وليس التأمل فيما ينبغي أن يكون، ويمكن أن ينظر إلى النظرية على أنها مبادئ عامة تقوم بتوجيه العمل بدقة ووضوح، وبهذا فالنظرية الجيدة هي التي يمكن أن تشق منها الفروض”.
3.2 – مفهوم النظرية الإدارية :
عرفها كيتزل بأنها : “معالجة للسلوك الاجتماعي في إطار منظم”.
وعرفها مول بأنها: “حل المشاكل باستخدام الأساليب العملية بالاعتماد على المعقولية في تجديد قيمة العمل ليس بالنسبة لتحقيق أهداف التربية فقط، وإنما بالنسبة لرد فعل الأفراد ذوي العلاقة”.
كما عرفها سيرجفاني بأنها : “توضيح وتوقع وتنبؤ وتحليل ظاهرة التنظيم الإداري والسلوك الإنساني مع ارتباطها المتعلق بتحقيق أهداف المؤسسة”.
أما المفهوم الحديث للنظرية في الإدارة التربوية فيعتبرها عملية تركز على أصول علمية، وتستمد ممارستها من نماذج نظرية تساعد على فهم وتفسير ظاهرة السلوك الإداري حيث أصبحت النظرية الإدارية هي المدخل إلى علم الإدارة وجوهر السلوك الإداري.
وتتم عملية بناء النظرية الإدارية على مرحلتين كبيرتين :
– المرحلة الوصفية، وتتم خلالها عمليات الملاحظة والتجميع والتصنيف القائم على الشواهد.
– المرحلة المعيارية، وهي مرحلة الاستنتاجات، حيث توضع النظرية، ويتم التحقق من صحتها.
3.3- نماذج من النظريات الإدارية المعاصرة :
لقد ظهرت العديد من النظريات الإدارية- بمحاسنها ومساوئها- محاولة فهم وتفسير السلوك الإنساني في ارتباطه بالإدارة. وفيما يلي النظريات الأكثر انتشارا في العالم اليوم، وقد جيء بها كشواهد على بساطة بناء النظرية وكنماذج للمحاكاة ولدعم الاتجاه الإداري القائل :”كل إجراء يتخذه المدير يستند إلى نظرية وكل خطة يعدها المدير تستند إلى نظرية”، والنظريات هي :
3.3.1- نظرية x (النمط الإداري السلطوي) :
في الستينات من القرن الماضي اقترح عالم نفس الاجتماع الأمريكي Douglas Megregor نظريته المشهورة Y– X وذلك في كتابه المعروف” الجانب الإنساني في المؤسسة”. وتلخص هذه النظرية بعض جوانب الإنسان وأنماط القيادة.
فنظرية X تحيل على القيادة المتسلطة المهتمة بالإنتاج ولا تعير العلاقات الإنسانية إي اهتمام، ومن أبرزم مسلمات هذه النظرية أن:
– الإنسان العادي يكره العمل ويسعى إلى تجنبه؛
– معظم الناس يجب أن يكرهوا على العمل لتحقيق أهداف المؤسسة بالتلويح بالعقاب؛
– الإنسان العادي هو إنسان غير طموح شكل عام، ينشد الأمن، ويفضل أن يكون منقادا على أن يتحمل المسؤولية.
3.3.2- نظرية Y (النمط الإداري التشاركي)
تحيل نظرية Y على القيادة الديمقراطية التي تهتم بالعلاقات الإنسانية، وبإشراك المرؤوسين في اتخاذ القرارات. ومن إبرز مبادئ هذه النظرية :
– الالتزام بتحقيق الأهداف يتوقف على المكافآت المرتبطة بالإنجاز؛
– الناس عادة يتقبلون المسؤولية، وغالبا ما يطلبون تحملها؛
– القدرة على الخلق والإبداع في التسيير والتدبير شيء مشترك بين الناس.
– في المؤسسات الإنتاجية الطاقة العقلية للإنسان العادي مستغلة بشكل جزئي.
وهكذا يخلص M.Douglas إلى أن الإداري الناجح هو الذي يهتم بالعلاقات الإنسانية، وباحتياجات العاملين ومشاعرهم، واشتراكاهم في اتخاذ القرارات، والثقة في قدراتهم، وتحفيزهم ماديا ومعنويا حتى يصلوا إلى حالة الرضا التي تجعلهم يحققون أفضل النتائج.
3.3.3- نظرية Z : النمط الإداري الياباني.
في الثمانيات اقترح بروفيسور الإدارة الأمريكي William Ouchi نظريته المعروفة بالنظرية Z وذلك في كتابه المعروف ” النظريةZ كيف يمكن للإدارة الأمريكية أن تقابل تحديات الإدارة اليابانية”. وتجمع هذه النظرية ما بين مزايا النظرية Y، وما لدى اليابانيين من أولويات في مجال إدارة المؤسسات حيث تعطي العاملين هامشا ضخما من الحرية، وتمنحهم درجة عظيمة من الثقة، وتفترض أن العاملين لديهم ولاء قوي للمؤسسة، ورغبة جامحة للعمل الفريقي داخل المؤسسة، ومن أبرز مبادئ نظرية Z نذكر أنها :
– تعول كثيرا على اتجاهات ومسؤوليات العاملين،
– ترى أن إدارة المطبخ يمكن أن تتم قبل إتقان عملية الطبخ.
3.3.4 – نظرية الطوارئ :
تؤكد هذه النظرية على مجموعة من الأسس نذكر منها :
– عند اتخاذ القرار كل شيء يجب أن يكون في الحسبان.
– لا تتساوى جميع طرق التنظيم والإدارة والفاعلية في ظرف معين،
– يجب أن يبنى الاختيار لتصميم التنظيم ولنمط الإدارة على أساس التحليل الدقيق والاحتمالات المهمة في الظرف المعين.
– اعتماد منحى “يتوقف الأمر على ما قد يستجد”.
– وحيث أن الإدارة هي العمل مع من خلال الأفراد والمجموعات لتحقيق أهداف المنظمة، فإن الإحتمال المرغوب فيه هو ذلك الذي يدفع المرؤوسين إلى إتباع سلوك أكثر إنتاجا وفاعلية. (عطوي 2001).
3.3.5 – نظرية النظم :
لقد شاع استعمال هذه النظرية في العلوم البيولوجية والطبيعية، وكذلك في علم الإدارة التعليمية. وتقوم هذه النظرية على أساس أن أي تنظيم اجتماعيا كان أو بيولوجيا أو علميا، يجب أن ينظر إليه من خلال مدخلاته وعملياته ومخرجاته، فالأنظمة التربوية، مثلا، تتألف من عناصر متداخلة متصلة مباشرة وغير مباشرة وتشمل : أفراد النظام، جماعاته الرسمية، وغير الرسمية، الاتجاهات السائدة فيه، دافع النظام والعاملين فيه، طريقة بنائه الرسمي، التفاعلات التي تحدث بين تركيبات ومراكزها… ونظرية النظم تطرح أسلوبا في التعامل ينطلق عبر الوحدات والأقسام وكل النظم الفرعية المكونة للنظام وكذلك عبر النظم المصاحبة له.
نظرية الفوضى :
تنطلق هذه النظرية من فرضية أن أحداث الحياة تجري بصورة عشوائية أو فوضوية، وبالتالي فإن الأحداث في التنظيمات أو المؤسسات تجري بنفس العشوائية والفوضوية، ونادرا ما يمكن ضبها وعليه فإن هذه النظرية تدعو للمزيد من الطاقة والاجتهاد لضمان الاستقرار والتماسك داخل التنظيم.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من النظريات الأخرى التي حاولت تحليل العملية الإدارية كنظرية تنصيف الحاجات الماسة، ونظرية البعدين في القيادة، ونظرية الدور، ونظرية القيادة … وكلها ساهمت في ملامسة أبعاد السلوك الإنساني في الإدارة بشكل عام، والإدارة التربوية بشكل خاص.
4- أنواع القيادات الإدارية :
من المؤكد أن القيادة الإدارية لا تقوم في فراغ، بل لابد من تواجد مرؤوسين أو أتباع تحت إمرة القائد، يتبنون أفكاره ورؤاه، وينفذون خططه مؤتمرين بأوامره وبالتالي يصبحوا هم صانعوا هذه القيادة، فتفاعلهم معه واستجابتهم إليه أمر ضروري حتى تتجسد القيادة على أرض الواقع، فالقائد هو مركز العملية الإدارية وأتباعه يطوفون حوله، يحققون له السلطة والنفوذ والتأثير.
ويمكن أن نفهم مدلولات القيادة الإدارية من خلال ثلاث اتجاهات :
4.1- القيادة القائمة على السلطة الرسمية : (القيادة الدكتاتورية)
من أهم مميزات هذا الاتجاه ربطه بين السلطة والقيادة، وجعلها في قبضة واحدة ،وتعد السلطة القوة المحركة لدور القائد وسبيله في فرض إرادته ومكانته واحترامه بين أتباعه، وفي غالب الأحيان يتم الخضوع لمثل هذه القيادات تحت طائلة الخوف من العقاب والمساءلة، إلا أن العيب الظاهر في هذا الاتجاه يتجلى في أن شخصية المدير لا تؤثر في المرؤوسين إلا بمقدار ما تفرضه سلطته المستمدة من وظيفته، فضلا على أن هذا السلوك يقتل روح الإبداع والمبادرة والحماس عند الأفراد، وتنتفي فيه أساليب الحوار والمشاركة المثمرة.
4.2- القيادة القائمة على العلاقات الإنسانية: (القيادة الديمقراطية)
تقوم القيادة الإدارية في هذا الاتجاه على قوة شخصية المدير وما يملكه من صفات وملكات ينفذ بها إلى قلوب أتباعه وأرواحهم، فيقبلون به قائدا عن قناعة، إنها قيادة غير قائمة على السلطة الرسمية، بل نابعة من قوة الشخصية، ومدى تأثيرها في الآخرين، فيكون هذا الاتجاه أكثر انسجاما وأوفر إبداعا وتحقيقا للنجاح كما أن العمل سينتقل من مجرد وظائف ومسؤوليات روتينية إلى فريق متماسك ومتكامل ومتناسق متوحد الأفكار والأهداف وهذا ما تسعى إليه كل قيادة ناجحة.
4.3- القيادة القائمة على الوظيفة : ( القيادة الآلية).
يعتبر هذا الاتجاه أخف ضررا من الاتجاه الأول، لكنه لا يرقى إلى مستوى القيادة في الاتجاه الثاني. فهو اتجاه يربط بين ممارسة القيادة وانجاز الوظائف تماشيا مع التعليمات والتوجيهات الرسمية، فالقائد يحرص على تحقيق الأهداف وفق المساطر الرسمية و حسب ما يمليه التسلسل الهرمي للوظائف،مما يحول المؤسسة إلى آلة متحركة بأسلوب دقيق ورتيب يقوم فيها القائد بدور الموجه والمنسق والرقيب وصاحب القرارات فيما يكتفي الأتباع بالتنفيذ الممكنن، فلا يتحسسون قيمتهم ولا قيمة ما ينجزون كأفراد لهم قدرات وطموحات وأهداف سامية، لأن الجميع، وبكل بساطة، يعمل بمقدار ما تمليه عليه وظيفته.
5- مواصفات القيادة الناجحة :
يرى الدكتور فاضل الصفارأن القيادات الناجحة تقوم على توافر جملة من المواصفات الشخصية للقائد. ويقصد بالصفات الشخصية مجموعة الخصائص الفكرية والنفسية والجسدية التي تمكنه من ممارسة مهامه بكفاءة ونجاح. ويمكن تلخيص هذه الخصائص فيما يلي :
– البنية الجسدية السليمة التي تؤهله للقدرة على الانتظام في عمله، ومراعاة واحترام المواعيد بالدقة اللازمة، وقوة التحمل والعمل لساعات طويلة.
– المظهر الشخصي الذي يليق بمكانة القائد، وبدوره كمشرف. فالمظهر اللائق يوحي بالثقة في النفس وفي المركز، ويمنح الهبة والاحترام، فكم من قائد أصبح محط سخرية واستهزاء بسبب إهماله لمظهره الشخصي.
إن النظافة والاعتناء بالهندام أصبحتا من المعايير المهمة في انتقاء القيادات.
– النضج الانفعالي الذي يساعد القائد على السيطرة على نفسه، وحفظ توازنها في حالة الرضا أو الغضب. ففي حالة التعرض للمواقف الصعبة، يتعين على القيادي الإمساك بزمام الأمور، وإعطاء المثل في ضبط النفس ومواجهة الأمور بثبات. كما آن القيادي الناجح لا يظهر التحيز أو التحامل على البعض انجرارا وراء أحكام مسبقة أو حماس زائد.
– الذكاء والتركيز، وهما خاصيتان تضيفان على القائد القوة والحنكة في اتخاذ القرارات. فالذهن الوقاد والذاكرة القوية يساعدان على الاستذكار واستنباط الحلول المناسبة في المواقف المختلفة، بخلاف كثرة النسيان أو الغفلة والبلادة وضعف التركيز تجعل القائد غير قادر على التدبير والتأثير، وتجعل المتعاملين معه ناقمين عليه متذمرين من أدائه محتقرين لشخصه.
– القدرة على الإقناع، ولا تتم إلا من خلال النظر الثاقب للأمور والانتباه المتواصل والمركز على العمل والعاملين، بالإضافة إلى اللباقة في التعامل والكلام والرقي الثقافي والفكري والاجتماعي. فلكي ينجح القائد في إقناع أتباعه بالانخراط الفعال في العمل، لابد أن ينجح في نقل المعلومات إليهم والتحاور معهم وعرض الأفكار والأهداف والخطط بأسلوب حضاري ولبق.
– المبادرة الشجاعة: قد يتصف المدير بقوة التفكير والبصيرة واللباقة في الإقناع وقد يكون ذا مستوى عال من الذكاء والتركيز، إلا أن نجاحه يبقى رهينا بمبادراته وشجاعته في اتخاذ القرارات اللازمة في الوقت المناسب، وبالسرعة اللازمة والحزم اللازم في التنفيذ.
– الصفات الإنسانية: إن الاهتمام برغبات العاملين وطموحاتهم المختلفة والعمل على إنصاف الجميع، وخلق روح التضامن والتكافل الاجتماعي، والرعاية والعطف والشعور بمشكلات الأفراد والجماعات، وتقديم العون، وتأمين الحلول بحب ووئام، كلها سلوكات تضفي على شخصية المدير القدسية والطهر، وتجعله في نظر العاملين معه مثالا للقيم الإنسانية النبيلة . كما أن صدقه وإخلاصه، وأمانته تجعله واحدا متوحدا أمام الجميع في حضوره وغيابه، فكرا وحديثا ومواقفا، إذا أصاب يفرح له الجميع وإذا أخطأ لا يؤاخذ على خطئه، لأنه صادق وعادل ونواياه حسنة.
– القدرة على حل المشكلات : إن الكثير من الحلول لا تخضع للقواعد العلمية، ولا للقدرات بل تحتاج إلى خبرات متراكمة تمكن المدير من القدرة على التشخيص، والتحليل للفعل ورد الفعل البشري اتجاه مواقف مختلفة. فلكل فرد طريقة للتعامل معه. فالغاضب يحتاج إلى تهدئته، والكسول لا بد من دفعه وتحفيزه، والمحبط في حاجة لبدرة أمل والمغرور في حاجة لتعديل وهكذا.
– كما أن المدير الناجح يقطع الطريق عن كل المحسوبيات والزبونيات والمنسوبيات في تقويم الآخرين وإعطاء كل ذي حق حقه، متبعا سلوكيات موحدة مع الجميع وفقا لمعايير الأداء والكفاءة.
6- معاير انتقاء القيادات :
تختلف معايير اختيار القيادات الإدارية باختلاف في النظم الإدارية السائدة.
فالأنظمة الديمقراطية مثلا تعتمد مقاييس مفتوحة وواضحة ومرنة في الغالب، في حين أن الأنظمة الشمولية الديكتاتورية تعتمد مقاييس مغلقة ومستبدة . وقد مرت طرق ومعايير انتقاء القادة بمراحل مختلفة من التطور، حتى وصلت إلى مناهج جديدة أكثر إبداعا وعلمية، وتعتمد بشكل كبير على الكفاءات والخبرات والتخصصات بالإضافة إلى القدرات الذاتية للمترشح.
وعلى العموم يمكن التمييز بين طريقتين رئيسيتين لاختيار القائد :
6.1- الطريقة القديمة والتقليدية :
لقد كانت هذه الطريقة حتى وقت قريب هي الغالبة، وتتميز بما يسمى ب”التنصيب الفوقي” أي أن أصحاب النفوذ والقرار يتحكموناأ في التعيينات، ولهم كل الصلاحيات في تنصيب من يريدون، فكانت المقاييس التي يراعونها لا تخرج على الولاء الحزبي أو الأسري والمحسوبية، مما كان يقطع الطريق عن الكفاءات.
ولعل الأحوال الكارتية التي وصلت إليها الأوضاع الإدارية خير شاهد على أن هذه الطريقة لا تخلو من عيوب، وبالتالي لا تشجع على تبنيها أو القبول بها في وفتنا الحاضر، حيث تطور مستوى الوعي البشري، وأصبحت الكفاءة هي المعيار الأساسي، عملا بمبدأ الديمقراطية، وحقوق الإنسان، واحتراما لمبدأ تكافؤ الفرص.
6.2– الانتخاب :
وتمثل هذه الطريقة أسلوبا منفتحا يترك المجال رحبا أمام كل الكفاءات لترشيح نفسها لشغل المناصب القيادية المطلوبة، وتاريخيا، كان الإغريق يختارون حكامهم وقادة الجيش، وأعضاء المجالس النيابية عن طريق الانتخاب.
ومن محاسن هذه الطريقة أنها تفتح باب التنافس أمام الكفاءات مما يضمن وجود قياديين ذوي خبرة، ويتصفون بالنزاهة والإخلاص، “إذ بالإخلاص ترفع الأعمال، وبالإخلاص يتفاضل العمال”.
مما لا شك فيه أن متطلبات دينامية النمو والتطور المسارع تستدعي بين الفينة والأخرى عملية التدخل الإصلاحي للإدارة التربوية. فالمستجدات المتدفقة، والأدوار الجديدة للمؤسسة التربوية كلها عوامل ألقت بظلالها على هذه الإدارة، وفرضت عليها الانسياق وفق الصيرورة الطبيعية للتطور، من خلال تصحيح مسارها وتحيين آلياتها. وفي هذا الإطار يمكن اعتبار توجهات الميثاق الوطني للتربية والتكوين وما تلاه من منتديات للإصلاح، أحد أوجه هذا المسار التصحيحي.
وإذا كان مفهوم الإصلاح أو التصحيح يحيل على وجود وضع مأزوم فإنه يحق لنا أن نتساءل عن مظاهر هذه الأزمة في إدارتنا التربوية وعن ماهية الاختلالات والعوائق التي تحد من فعاليتها، لعلنا،ونحن نضع تشخيصا للداء نهتدي إلى طرق العلاج.
1- الواقع والمنطلقات :
لقد ظلت إدارتنا التربوية حبيسة الإرث الثقيل “للنظام الباتريمونيالي التقليدي” بتعبير ماكس فيبر، والذي يقوم على شخصنة السلطة، وتقديس الرؤساء، والطاعة العمياء للأوامر، بما يشبه علاقة الشيخ بالمريد كما صورها الباحث المغربي عبد الله حمودي. وقد ساهم هذا النوع من العلاقات في الإدارة عامة والإدارة التربوية خاصة في إرساء الزبونية والمحسوبية، وأضعف روح المسؤولية، وعطل آليات المراقبة والمحاسبة والضبط، فكان أن تنامت شتى أنواع الانحرافات في التسيير والتدبير سواء على المستوى المركزي، أو الجهوي أو المحلي، وأصبحنا نسمع عن موظفين أشباح، واختلاسات مالية، وسرقات في المطاعم المدرسية، والدا خليات، وأصبحت التكليفات والتعيينات تحكمها معايير القبلية والأسرية والحزبية، بل تحكمها سلوكيات أشد حساسية كالرشاوى والهدايا والولائم…
وهكذا تبث بالملموس أن الجهاز الإداري التربوي يعيش أزمة حقيقية على مستوى التسيير.
أما على مستوى الإدارة المدرسية، فنجد المدير ينزع إلى التقيد بحرفية النصوص والمذكرات والمناشير دون أدنى اجتهاد في التعامل مع مقتضياتها، والرجوع دائما إلى الجهات العليا في كل صغيرة و كبيرة، عاجزا عن اتخاذ أي قرار قبل التوصل بالتعليمات الفوقية.
أما مسألة انفتاح المؤسسة التربوية على محيطها، فهي شعار ليس إلا ما دامت آليات هذا الانفتاح لا زالت معطلة، وشروط الاندماج منعدمة. فمن جهة تجد المدير لا يؤمن بالعمل التشاركي ولا بنجاحاته، ويجد ضالته في الانغلاق وروتينية الانشغالات المكتبية، ومن جهة أخرى تبدو المدرسة بعيدة عن صفتها الاجتماعية – الإنسانية، غير مضيافة ولا ذات جاذبية أو جديرة بالاحترام، فكان أن هجرها شركاؤها، ورفضتها بيئتها، فتعرضت إلى شتى أنواع التخريب والتشويه.
وفيما يخص مقاييس انتقاء أطر الإدارة التربوية، فلا زالت تسيل كثيرا من المداد، على اعتبار أن اختيارات مديري، وإداري المؤسسات التربوية من بين مدرسين قضوا مدة معينة في مجال التدريس، ليس معيارا كافيا، إذ أنه في رأي الباحث مارسيل بلانت “أشبه بالمكافأة”، في حين “لا مجال للمكافآت في التنظيمات الإدارية المعقلنة بل الاعتبار كل الاعتبار لمبدأ الكفاءة والصلاحية”.مارسيل بلانت-“إدارة مؤسسة تعليمية“–1994.
لقد أثبتت التجارب أن مهمة التدريس المحدودة في الزمان والمكان، ومع مجموعة محدودة من المتعلمين، لا تعطي المشروعية ولا الضمانات الكافية لقيادة مؤسسة تربوية بكل مكوناتها المعقدة والمتشعبة. إن للإدارة عالمها الخاص الذي يتطلب كفاءات إضافية وعلاقات جديدة مع المحيط والتلاميذ والمدرسين وكل الفاعلين من داخل المؤسسة وخارجها.
كما أن الإدارة التربوية لا زالت تعترضها جملة من الاكراهات نذكر منها :
– ضعف الطاقم المساعد على إنجاز مهام الإدارة التربوية،
– تشعب وتداخل المسؤوليات والمهام المطلوب انجازها والتي تتطلب مؤهلات خاصة،
– ضعف التحفيز والتشجيع بالنظر إلى المجهودات المبذولة،
– ضعف تأهيل المؤسسات وتزويدها بالوسائل الكافية والتكنولوجبا الحديثة،
نقص في التكوين الأساسي والمستمر في مجال التدبير التربوي والإداري والمالي.
2 –الإطار المؤسساتي للإدارة العمومية :
ارتباطا بالمكانة المتميزة للإدارة التربوية كمكون أساسي داخل النسق التربوي، واعتبارا لدورها الهام والحساس في ترجمة مقتضيات الإصلاح على أرض الواقع ، بادرت السلطات المكلفة بالتربية والتكوين إلى إصدار مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية انطلاقا من سنة 2002 قصد الرفع من الوضع الاعتباري للإدارة التربوية وللمؤسسات التعليمية.
وتتمثل أهم المراسيم والقرارات والمذكرات المنظمة للإدارة التربوية فيما يلي :
– مرسوم رقم 376-02-2 بتاريخ 8 ذي الحجة 1423 (17 يوليوز 2007) بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية و التعليم العمومي.ومن بين ما تضمنه هذا المرسوم تحديد أطر الإدارة التربوية في كل مؤسسة للتربية و التعليم العمومي،والمهام المسندة لكل إطار.
– مرسوم رقم 8582-02-2بتاريخ 8 ذي الحجة 1423(10فبراير2003).وقد حدد هذا المرسوم المبالغ المالية السنوية المخولة لأطر الإدارة التربوية المكلفين بتسيير مؤسسات التربية والتعليم العمومي؛
– قرار رقم 04-764 الصادر بتاريخ 29 صفر 1425 ( 20 أبريل 2006)، ويحدد كيفيات وضع لوائح الأهلية لشغل مهام الإدارة التربوية بمؤسسات التربية والتعليم العمومي؛
– قرار رقم 05-1849 بتاريخ 2 رجب 1426 ( 8 غشت 2005)، ويحدد شروط وكيفيات تنظيم التكوين الخاص لفائدة أطر الإدارة التربوية. بحيث تحددت بمقتضى هذا القرار شروط إقرار المسؤول الإداري في منصبه منها تكوينات نظرية وميدانية وتتبع من طرف لجان إقليمية مختصة.
– مقرر وزاري بتاريخ 13 أكتوبر 2005، ويحدد كيفيات تنظيم المقابلة لانتقاء المديرين ومديري الدراسات بمؤسسات التربية والتعليم العمومي؛
– مذكرة رقم 143 بتاريخ 20 أكتوبر 2006، وتحدد شروط وكيفيات تنظيم التكوين الخاص لفائدة الأطر المكلفة بمهام الإدارة التربوية للموسم الدراسي 2007-2006
– مذكرة رقم 17 بتاريخ 2 مارس 2006، وتحدد شروط وكيفيات تنظيم التكوين الخاص لفائدة الأطر المكلفة بمهام الإدارة التربوية.
– مشروع قرار لمراجعة القرار 04-764 بتحديد كيفيات وضع لوائح الأهلية لشغل مهام الإدارة التربوية، ويهدف هذا القرار المعروض على مسطرة المصادقة، إلى توسيع قاعدة الترشيح لشغل منصب الإدارة التربوية، من خلال فتح المجال أمام أطر أخرى ظلا مقصية بمقتضى القرار السابق، مثل المستشارين في التوجيه والتخطيط، والمفتشين الملحقين التربويين، وملحقي الاقتصاد والإدارة.
– مشروع مرسوم بتعديل المرسوم رقم 858-02-2 بشان التعويضات المخولة لأطر الإدارة التربوية، وذلك قصد الرفع من قيمة هذه التعويضات.
3- سياقات الارتقاء بالإدارة التربوية :
يندرج قرار تنظيم منتديات الإصلاح لسنة 2007 حول موضوع ” الارتقاء بالإدارة التربوية” بشكل عام ضمن اعتبارات ذات أبعاد متصلة بسياق التوجه الإنمائي والحكامي والذي يهدف إلى تثمين “قواعد مغرب قوي حداثي وديمقراطي” وذلك من خلال :
– دعم المسار الديمقراطي وتوسيع مجالات حقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية، وترسيخ قيم المواطنة ومحاربة مظاهر الفساد؛
– تعزيز آليات اللامركزية واللاتركيز سعيا لإرساء سياسة القرب في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وممارسة الديمقراطية المحلية والجهوية؛
– ترجمة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى برامج ومشاريع تنموية قابلة للانجاز؛
– اعتماد النهج التشاركي الإنمائي بين مختلف فعاليات المجتمع المغربي وتعزيز التعاون المثمر مع كافة المتدخلين؛
– استعمال برامج مد الوسط القروي بالكهرباء والماء الصالح للشرب، وفك العزلة عن مناطقه الجبلية والنائية؛
– تعزيز التجهيزات والمشاريع العمرانية المتمثلة في خلق مدن جديدة، وإعادة هيكلة النسيج الشبه الحضري.
كما يندرج قرار تنظيم هذه المنتديات في سياق تطور النظام التربوي وما تراكم من منجزات خلال السنوات السبع الأولى من العشرية الوطنية للتربية والتكوين.
3.1- رهانات الإدارة التربوية :
ولعل السياقان العام والخاص يضعان الإدارة التربوية أمام رهانات حاسمة على درب استكمال إصلاح المنظومة التربوية ونذكر منها :
– تثبيت مكتسبات الإصلاح وإثمارها؛
– استكمال الإصلاح ضمن مناخ من التعبئة والانخراط الفعلي والجماعي؛
– مواصلة استقطاب الفئات غير الممدرسة لتلج المدرسة وتتوفر لها المساواة في فرص التعلم والتأهيل للحياة العملية المنتجة؛
– المواءمة بين الحاجيات والإمكانات بترشيد استعمال الوسائل المتاحة؛
– الرفع من المردودية الداخلية للنظام التربوي ومحاربة جميع أشكال الهدر؛
– تثبيت شروط وظروف الارتقاء بجودة التعليم على صعيد مؤسسات التربية والتعليم؛
– تثبيت آليات التأطير وتقويم الأداء التربوي وتقييم مدارك التلاميذ على صعيد مؤسسات التربية والتعليم؛
– استثمار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تحديث الإدارة التربوية، وفي تأهيل التلاميذ.
4– خطة الارتقاء بالإدارة التربوية :
لقد وضعت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، خطة للارتقاء بالإدارة التربوية سعيا وراء كسب رهانات مسار الإصلاح التربوي الشامل الذي تعبأت له كل الفعاليات، واعتبرته الدولة المغربية قضيتها الثانية بعد قضية استكمال الوحدة الترابية. وقد اتضح بجلاء للقائمين على الشأن التربوي، أن تنصب الجهود في المرحلة الراهنة، على المحاور التالية :
– تحسين الوضع القائم؛
– تأهل وتأهيل الإدارة التربوية؛
– تثمين الإدارة التربوية؛
– إرساء وأعمال ” مشروع المؤسسة” و”الأحواض المدرسية”؛
– دعم سياسة اللامركزية و اللاتمركز.
4.1– تحسين الوضع القائم :
من أجل دعم الإدارة التربوية، اتخذت السلطات التربوية مجموعة من الإجراءات نذكر منها :
– دعم هيئة التأطير الإداري، وذلك من خلال تعزيزها بعدد إضافي يصل إلى 2652 إطارا خلال الفترة ما بين 2000 إلى 2006، وقد هم الدعم، على وجه الخصوص مؤسسات التربية والتعليم بالوسط القروي.
– تحديث الإدارة التربوية عن طريق استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات : ويستهدف هذا البرنامج تعميم تكنولوجيا المعلومات والاتصال وربط كافة مؤسسات التربية والتعليم العمومي (8604 مؤسسة) بشبكة الانترنيت في أفق السنة الدراسية 2009/2008.
وتهدف هذه العملية إلى تحديث أساليب انجاز الخدمات والمهام التعليمية ضمن شروط تخفف من أعباء هيئة الإدارة ، فضلا عن تحسين جودة الخدمات المقدمة للتلاميذ و تأهيل الموارد البشرية الإدارية و التربوية الفاعلة بالمؤسسة.
– إقرار تعويضات لصالح هيئة الإدارة التربوية: تم ابتداء من فاتح شتنبر 2002 إقرار تعويضات لصالح أطر الإدارة التربوية المكلفين بتسيير مؤسسات التربية والتعليم العمومي، وتهم التعويضات عن الأعباء والتعويضات عن السكن في حالة عدم توفر سكن وظيفي.
– إحداث مجالس التدبير كآلية جديدة للتأطير التربوي والإداري على مستوى المؤسسات التربوية. وقد تم إحداث مجالس التدبير بموجب المرسوم رقم 376-02-2 الصادر بتاريخ 17 يوليوز 2007 بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي وذلك استجابة لتوجهات الميثاق الوطني للتربية والتكوين في مجال التسيير والتدبير، وتجسيدا لنهج اللامركزية واللاتركيز من خلال تولي هذه المجالس مهام تطبيق السياسة التربوية على مستوى المؤسسات جنبا إلى جنب مع الإدارة التربوية مما ساهم في توسيع دائرة التشاور وإبداء الرأي وإشراك جميع الفاعلين في تدبير شؤون المؤسسة التعليمية.
– إقرار مسطرة جديدة لإسناد المناصب الإدارية، ومسطرة جديدة للإقرار في المنصب بالإضافة إلى توسيع قاعدة الترشيح لإسناد مناصب الإدارة التربوية.
4.2– تأهل وتأهيل الإدارة التربوية :
يقتضي الارتقاء بجودة الإدارة التربوية تأهلها الذاتي والجماعي، من خلال استيعابها للدور الجديد، والمهام والمسؤوليات والاضطلاع بها بفاعلية ونجاعة .
وهكذا تكمن المهمة المركزية للإدارة التربوية، بمقتضى الميثاق الوطني للتربية والتكوين، في: “التحلي بموقف، اتجاه المتعلمين، قوامه التفهم والإرشاد والمساعدة على التقوية التدرجية لسيرورتهم الفكرية والعلمية، وتنشئتهم على الاندماج الاجتماعي واستيعاب القيم الدينية والوطنية والاجتماعية,” و”جعل المعلمين في قلب الاهتمام والتفكير والفعل خلال العملية التربوية مع جعل مصلحتهم فوق كل اعتبار ومعاملتهم على قدم المساواة.” الميثاق الوطني
أما فيما يخص الواجبات المركزية، فإن الميثاق الوطني قد حددها فيما يلي :
– العناية بالمؤسسات من كل الجوانب،
– الاهتمام بمشاكل المتعلمين ومشاكل المدرسين والعمل على إيجاد حلول لها؛
– تتبع أداء الجميع وتقويمه.
– الحوار والتشاور مع المدرسين والآباء والأمهات وأولياء التلاميذ وشركاء المؤسسة.
كما أنه في ظل التحولات التي يعرفها نظام التربية، فقد أصبح من الأولويات تأهل الإدارة التربوية للاضطلاع بمهام حيوية ومصيرية في تمتين المكتسبات واستكمال الإصلاح، ومن أهم هذه المهام الحيوية :
– ترسيخ ثقافة أداء الواجب والمطالبة بالحقوق؛
– الارتقاء بأوضاع المؤسسة التعليمية إلى مستويات تكفل شروط التعليم الجيد؛
– التدبير الأمثل للوسائل الموضوعية رهن إشارة المؤسسة المادية منها والمالية والبشرية؛
– الحيلولة دون مختلف أشكال التبذير في الزمن وفي استغلال الحجرات والتجهيزات وفي استهلاك الماء والكهرباء؛
– إعداد وإعمال بنيات تربوية ذات مردودية مثلى؛
– المساهمة الفعلية في الحد من الهذر المدرسي بكافة أشكاله وخصوصا الانقطاع عن الدراسة والعمل على أن يكون الفصل عن الدراسة أمرا استثنائيا؛
– الإسهام في جعل المؤسسة فضاء للإبداع والتنافس لدعم تنشئة التلاميذ وترسيخ قيم المواطنة لديهم.
وبالمقابل فإن تأهل الإدارة التربوية واستعدادها على المستوى الفردي والجماعي للاضطلاع بمهامها وواجباتها، يستدعي تأهيلها وذلك بمدها بمختلف الوسائل الداعمة لممارسة اختصاصاتها.
وهكذا فإن السلطات المركزية والجهوية والإقليمية لقطاع التربية الوطنية، مطالبة بـ :
– مد المؤسسات التربوية بالاعتمادات الضرورية لتسييرها؛
– دعم الإدارة التربوية بموارد بشرية إضافية؛
– توفير التكوين الأساسي والمستمر لفائدة هيئة الإدارة التربوية؛
– إعطاء استقلالية أكبر لمؤسسات التربية والتعليم العمومي في مجال التدبير المالي؛
– تحديث تدبير مؤسسات التربية والتعليم العمومي من خلال إدخال تكنولوجيا الإعلاميات والاتصالات، مع دعمها بالأطر التقنية؛
يبدو إذن بالنظر للدور الحيوي المنوط بالإدارة التربوية، أن المقاربة الشمولية للسلطات التربوية تروم إرساء إدارة ذات مواصفات احترافية ومهنية، من حيث الشروط النظامية والبعد التكويني، لذلك ينصب التفكير حاليا حول إمكانية إحداث مؤسسة خاصة بتكوين أطر هيئة الإدارة التربوية.
4.3– تثمين الإدارة التربوية :
نظرا للدور الحيوي المنوط بالإدارة كحلقة مهمة في النسق التربوي، واعتبارا لتعدد مهامها وتشعب مسؤولياتها، وصعوبة ظروف الاضطلاع بها، فإن خطة الارتقاء بالإدارة التربوية تضمنت مجموعة من المبادرات التي تهدف إلى تثمين الدور الذي تقوم به الإدارة التربوية، وهكذا ارتكز اهتمام السلطات التربوية المركزية على تحفيز الموارد البشرية والارتقاء بظروف عملها من خلال مجموعة من التدابير نذكر منها :
– توفير الشروط اللازمة لضمان استقرار هيئة الإدارة التربوية في مهامها والاهتمام بظروفها الاجتماعية التي قد تحول دون هذا الاستقرار؛
– تدليل الصعوبات المرتبطة بالسكنيات الوظيفية بالحيلولة دون عدم احترام حرمة السكن الوظيفي المخصص لأطر الإدارة التربوية؛
– الرفع من تعويضات الإدارة التربوية ( المديرون، النظار، رؤساء الأشغال، الحراس العامون) لتتناسب مع الأعباء؛
– تخويل امتيازات مادية ومعنوية للمديرين يتناسب مع حجم ونوع المؤسسة وموقعها؛
– تخصيص تعويضات للتنقل للمديرين وخاصة بالبوادي؛
– مراعاة وضعية أطر الإدارة التربوية بخصوص الترقية الداخلية والامتحانات المهنية.
بالإضافة إلى ذلك فإن الوزارة أقرت بعض مشاريع النصوص التنظيمية المندرجة، في إطار تفعيل وأجرأة التدابير السالفة الذكر، ونذكر منها مشروع مرسوم يقضي بمراجعة مضامين المادة 10 من المرسوم رقم 376-02-2 المشار إليه سابقا، وذلك من خلال إسناد مهمة تسيير فرع المدرسة الابتدائية التي يتجاوز عدد أقسامه ثلاثة إلى أستاذ التعليم الابتدائي من بين العاملين في الفرع، دون إعفائه من تقديم حصته الأسبوعية كاملة في التدريس. وبموازاة مع هذا المشروع، هناك مشروع إحداث تعويض عن الأعباء الإدارية لفائدة أستاذ التعليم الابتدائي المكلف بتسيير الفرع، حددت مقاديره في 6000 درهم. كما أن هناك مشروع مرسوم يقضي برفع المقادير السنوية عن الأعباء الإدارية بمؤسسات التربية والتعليم العمومي، ومشروع قرار يقضي بمراجعة قرار وزير التربية الوطنية والشباب رقم 04-764 الصادر في 20 ابريل 2004، بتجديد كيفية وضع لوائح الأهلية لشغل مهام الإدارة التربوية بمؤسسات التربية والتعليم العمومي، وذلك ليفسح المجال أمام فئات أخرى كانت محرومة من الترشح لشغل مناصب الإدارية التربوية كالمستشارين في التوجيه والتخطيط، والمفتشون وملحقو الإدارة والاقتصاد والملحقون التربويون.
4.5– إرساء وإعمال مشروع المؤسسة :
يعتبر مشروع المؤسسة الإطار المجسد للأنشطة التي تهدف إلى تفعيل الحياة المدرسية، وكما يعتبر المرآة التي تعكس نتائج مهام ومسؤوليات وأداء الإدارة التربوية في سعيها إلى الارتقاء بجودة الخدمات التي تقدمها المؤسسة. وعلى هذا الأساس فقد أولته الوزارة أهمية خاصة من خلال وضع برنامج متكامل لإرساء ” مشروع المؤسسة” على صعيد مؤسسات التربية والتعليم العمومي خلال الفترة ما بين 2006و 2009.
وبموازاة مع ذلك سيتم انجاز العمليات التالية:
– تكوين مجموعة من الأطر لتوفير القدرات المؤهلة لتأطير عملية إعداد مشروع المؤسسة؛
– تكوين 1200 مجلسا في مجال إعداد مشروع المؤسسة؛
– وضع وإعمال مشروع المؤسسة على صعيد 1200 مؤسسة للتربية والتعليم العمومي؛
– تعميم مشروع المؤسسة على باقي مؤسسات التربية والتعليم العمومي؛
4.6– إرساء وإعمال مشروع الحوض المدرسي :
يقصد بالحوض المدرسي مجموعة من المؤسسات التعليمية الابتدائية التي تشكل روافد لثانوية إعدادية وقد استحدث الحوض المدرسي في إطار مشاريع التعاون الثنائي توخيا لمقاربة قضايا والتكوين على صعيد المؤسسات التعليمية المكونة له.
وقد تم إدراج عملية إرساء وإعمال مشروع الحوض المدرسي ضمن خطة الارتقاء بالإدارة التربوية انطلاقا من الدور الذي يلعبه كإطار وظيفي لتنمية التمدرس ودعم تحسين الجودة وتعزيز الترابط بين الثانويات الإعدادية والروافد، وكمجال جغرافي وتربوي لبلورة مختلف الأنشطة والتدابير الرامية إلى دعم جهود الإصلاح في إطار من التعاون والتشاور والتنسيق، في أفق أن يصبح من الممكن تفويض الاعتمادات للثانوية الإعدادية لتغطية حاجيات المؤسسات المكونة للحوض المدرسي، مع إمكانية التتبع المادي والمحاسباتي للعمليات التي تندرج في هذا الإطار.
4.7– دعم اللامركزية واللاتمركز في التسيير والتدبير :
لقد أقر الميثاق الوطني للتربية والتكوين في دعامته الخامسة عشر، نهج سياسة اللامركزية واللاتركيز في قطاع التربية والتكوين كاختيار استراتيجي وحاسم في عملية الإصلاح. وقد جاء ذلك تطبيقا لمقتضيات الدستور والقوانين المنظمة للجهات والجماعات المحلية من جهة، و “اعتبارا لضرورة ملاءمة التربية والتكوين للحاجات والظروف الجهوية والمحلية ، ومن أجل التسهيل والترشيد السريع لمساطر تدبير العدد المتزايد من التجهيزات الأساسية، والعدد المتعاظم للمتعلمين والمؤطرين في قطاع التربية والتكوين”.الميثاق الوطني: المادة 144.
وهكذا فإن إعادة هيكلة الإدارة على أساس اللامركزية واللاتمركز سوف يساهم في النقل التدريجي للسلط والاختصاصات من المركز إلى الأكاديميات الجهوية والنيابات الإقليمية وشبكات التربية والتكوين وكذا على صعيد كل مؤسسة، مما سيساهم في اتخاذ القرارات والبث بالفعالية والسرعة المطلوبتين في العديد من القضايا ذات البعد الإصلاحي، كما أنه سيساهم في ” إطلاق المبادرات البناء، وضبط المسؤوليات في جميع أرجاء البلاد لحل المشكلات العملية للقطاع في عين المكان، بأقرب ما يمكن من المؤسسات التعليمية والتكوينية،” نفس المرجع أعلاه.
فعلى صعيد الجهة، تمت إعادة هيكلة نظام الأكاديميات لتصبح سلطة جهوية للتربية والتكوين لا متمركزة ولا ممركزة ومزودة بالموارد البشرية والمادية اللازمة للقيام بأدوارها وممارسة اختصاصاتها.
وعلى صعيد الإقليم، فقد أصبحت المصالح الإقليمية للتربية والتكوين تعمل تحت إشراف هيئة إقليمية للتربية والتكوين تشكل عل غرار الهيئة الجديدة للأكاديميات الجهوية.
وعلى الصعيد المحلي، سيتم إنشاء شبكات محلية للتربية والتكوين يشرف عليها مكتب للتسيير مكلف من مديري المدارس والمؤسسات المرتبطة ضمن نفس الشبكة، وممثلين عن المدرسين وآباء التلاميذ وعن الهيئات المهنية المحلية. وستقوم هذه الشبكات بتدبير القطاع جزئيا على الصعيد المحلي كالإشراف على إعداد البرامج الدراسية وتنفيذها، وتنسيق انتقالات التلاميذ والمدرسين بين المؤسسات المنضوية تحت نفس الشبكة.
أما على صعيد المؤسسات التربوية فإن الميثاق الوطني أوكل تسيير كل مؤسسة للتربية والتكوين إلى مدير ومجلس للتدبير يمثل فيه المدرسون وآباء وأولياء التلاميذ وشركاء المدرسة في مجالات الدعم المادي أو التقني أو الثقافي ويساعد هذا النهج على إرساء النمط الديمقراطية التشاركي للإدارة التربوية، وذلك من خلال توسيع دائرة المشاركة واتخاذ القرار، مما سيساهم دون شك في تقليص هامش الخطأ، ويرفع من الأداء والمردودية، ويسهل المراقبة والمتابعة.
انطلاقا من مضامين هذه النصوص تتحدد أطر الإدارة التربوية كالتالي :
– بالنسبة للمدرسة الابتدائية، هناك المدير.
– بالنسبة للثانوية الإعدادية، هناك المدير، حارس أو حراس عامون للخارجية، حارس عام الداخلية في حالة توافر المؤسسة على أقسام داخلية أو مطاعم مدرسية.
– بالنسبة للثانوية التأهيلية، هناك المدير، الناظر،مدير الدراسة في حالة توافر المؤسسة على أقسام تحضيرية لولوج المعاهد والمدارس العليا أو أقسام لتحضير شهادة التقني العالي، رئيس الأشغال بالنسبة للمؤسسات التقنية، حارس أو حراس عازمون للخارجية، حارس عام للداخلية في حالة توافر المؤسسة على أقسام داخلية أو مطاعم مدرسية.
2- مهام الإدارة التربوية :
طبقا للمرسوم رقم 376-02-2 الصادر بتاريخ 6 جمادى الأولى 1423 ( 17 يوليوز 2002) بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي، تتحدد مهام أعضاء الإدارةالتربوية كما يلي:
المدير :
يقوم مدير المؤسسة بما يلي :
– الإشراف على التدبير التربوي والإداري والمالي للمؤسسة ومراقبة العاملين بها في إطار احترام النصوص التشريعية والتنظيمية والمذكرات والمناشير المصلحية الجاري بها العمل؛
– رئاسة مجالس المؤسسة المنصوص عليها في المرسوم المذكور أعلاه، واتخاذ التدابير اللازمة لتطبيق مقرراتها؛
– العمل على ضمان حسن سير الدراسة والنظام في المؤسسة وتوفير شروط الصحة والسلامة للأشخاص والممتلكات؛
– اقتراح توفير وسائل العمل الضرورية لتدبير شؤون المؤسسة على الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين المعنية؛
– إعداد برامج العمل السنوي الخاص بأنشطة المؤسسة والعمل على تنفيذه بعد دراسته من قبل مجلس التدبير وعرضه على مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين المعنية قصد المصادقة عليه؛
– إبرام اتفاقيات الشراكة وعرضها قبل الشروع في تنفيذها، على موافقة مدير الأكاديميات المعنية؛
– تمثيل المؤسسة محليا إزاء السلطات العمومية والهيئات المنتخبة؛
– وضع تقرير عام سنوي حول نشاط وسير المؤسسة وعرضه على مجلس التدبير.
مدير الدراسة :
يقوم مدير الدراسة بالأقسام التحضيرية لولوج المعاهد والمدارس العليا أو بأقسام تحضير شهادة التقني العالي تحت إشراف مدير المؤسسة بما يلي:
– تتبع وتنسيق أعمال الموظفين القائمين بمهام العمل التربوي الخاص بالأقسام التحضيرية،
– السهر على تنفيذ البرامج والمناهج والأنشطة التربوية المختلفة المتعلقة بالأقسام التحضيرية،
– تنظيم وتتبع ومراقبة مختلف عمليات التقويم والامتحانات،
– الإشراف على تنظيم التداريب الخاصة بتلامذة الأقسام التحضيرية،
– المساهمة في توجيه وإرشاد التلاميذ لولوج الأقسام التحضيرية.
الناظر :
– تتبع أعمال الموظفين القائمين بمهام العمل التربوي وتنسيقها؛
– السهر على تنظيم العمل التربوي ووضع جداول الحصص الدراسية؛
– تتبع تنفيذ المناهج والأنشطة التربوية المختلفة؛
– انجاز الأعمال التمهيدية لأشغال المجلس التربوي وتطبيق مقرراته؛
– العمل على تنفيذ جميع الإجراءات التطبيقية لانجاز العمل التربوية؛
– المشاركة في تنظيم مختلف عمليات التقويم والامتحانات ومراقبتها؛
رئيس الأشغال :
يقوم رئيس الأشغال بما يلي :
– المشاركة في برمجة مختلف أنشطة وحصص مواد التعليم التقني؛
– المساهمة في تنظيم مختلف عمليات التقويم والامتحانات وتتبعا ومراقبتها؛
– التنسيق بين فروع التعليم التقني النظري والتطبيقي؛
– وضع برمجة سنوية لأنشطة التعليم التقني اعتمادا على مقررات المجالس التعليمية للشعب الفنية وتحديد خطة تطبيقها والسهر على تنفيذها؛
– تنظيم مختلف أجنحة المشاغل والمختبرات وترتيب المعدات والمواد الأولية المستعملة بها وترشيد استغلالها والعمل على صيانتها؛
– تنظيم التداريب والزيارات الميدانية لتلاميذ وأساتذة شعب التعليم التقني؛
– العمل على ربط علاقات مع القطاعات السوسيو- اقتصادية لفائدة شعب التعليم التقني؛
– اقتراح اقتناء وتجديد المعدات الخاصة بالتعليم التقني.
الحارس العام للخارجية :
يقوم الحارس العام للخارجية بما يلي :
– تتبع أوضاع التلاميذ التربوية والتعليمية والسيكولوجية والاجتماعية والصحية؛
– ضبط ملفات التلاميذ وتتبعها وانجاز الوثائق المتعلقة بتمدرسهم؛
– مراقبة تدوين نتائج التلاميذ بالملفات المدرسية من لدن المدرسين، وانجاز الأعمال الإدارية التكميلية المتعلقة بها؛
– تلقي التقارير بخصوص، انضباط التلاميذ وعرض غير المنضبطين منهم على مجالس الأقسام عند الاقتضاء؛
– تنسيق أعمال المكلفين بمهام الحراسة التربوية العاملين تحت إشرافه وتأطيرهم ومراقبتهم؛
– المشاركة في تنظيم مختلف عمليات التقويم والامتحانات وتتبعها ومراقبتها؛
– إعداد تقارير دورية حول مواظبة وسلوك التلاميذ وعرضها على مجالس الأقسام.
الحارس العام للداخلية :
يتولى الحارس العام للداخلية مسؤولية المحافظة على النظام والانضباط في القسم الداخلي للمؤسسة والسهر على راحة التلاميذ وضمان استقامتهم ونظافة محيطهم، كما يقوم بمراقبة نشاطهم التربوية، كما يقوم، علاوة على ذلك، بتنشيط الثقافية والرياضية والفنية للتلاميذ الداخلين وتقديم المشورة لهم في هذا المجال.
3 – الأدوار الجديدة لمدير المؤسسة التربوية :
انطلاقا من المهام التي حددها المشرع لمدير المؤسسة التربوية، وانسجاما مع المسار التحديثي للإدارة التربوية، أصبحت للمدير أدوار جديدة تؤسس للتصور الجديد للإدارة المدرسية في علاقتها بالفاعلين التربويين من جهة وبمحيطها السوسيو اقتصادي من جهة ثانية، وهكذا أصبح من بين أدوار المدير دور المدبر، ودور المرشد التربوي، ودور المنشط الاجتماعي.
1-3- المدير كمدبر :
يعتبر مدير المؤسسة التربوية مسؤولا عن التدبير الإداري والمادي والمالي.
ففيما يتعلق بالشق الإداري يعتبر المدير الممثل الرسمي للإدارة المركزية إزاء السلطات المحلية والهيئات المنتخبة، والمتحدث باسم المؤسسة. كما يعتبر صلة وصل بين المدرسة والهيئات الإدارية العليا ( الوزارة، الأكاديمية، النيابة…) فهو الذي يتكلف بتلقي المراسلات، والمذكرات ويتحمل مسؤولية تبليغها وتطبيق فحواها.
ومن جهة أخرى، يسهر المدير على مراقبة تنفيذ مقتضيات التشريع المدرسي وضمان استعمال الوسائل والأدوات والمراجع التعليمية والخزانة المدرسية، والإشراف على الموظفين والأعوان والقيام بعمليات التسجيل والإحصاء والتراسل الإداري والتوثيق والتنظيم. كما يدخل ضمن اختصاصات المدير الإدارية، تنظيم الامتحانات وتدبير أعمال الحراسة والتصحيح والكتابة، ورئاسة مجالس المؤسسة، وانجاز التقارير الدورية، ومراقبة الوثائق التربوية، ومنح النقط الإدارية، وإبداء الرأي والملاحظة فيما يتعلق بالترسيم والترقية.
وفيما يتعلق بالشق المادي، يعتبر المدير المسؤول عن تتبع حركية المواد والأدوات والتجهيزات المدرسية، والوسائل التعليمية، والسهر على سلامتها من التلف والضياع، والحفاظ على جودتها وصيانتها وإصلاحها وترشيد استعمالها واستغلالها، والتخلص من التجهيزات المتلاشية والغير القابلة للإصلاح، والتي تتراكم بجنبات البنايات مشكلة خطرا على سلامة وأمن التلاميذ، ومشوهة لجمالية فضاء المؤسسة.
أما الشق المالي ، فيقصد به الإشراف على عملتي الاستخلاص والصرف. وهكذا يصبح المدير محاسبا إداريا يقوم بتدبير المداخيل والنفقات. فهو الذي يقوم بوضع لوائح للملزمين بأداء الحقوق الثابتة للمؤسسة، ويحصر المبالغ المستحقة، ثم يأمر باستخلاصها مثبتا ذلك في سجل المداخيل. وبالمقابل فهو المسؤول عن النفقات، بحيث يملك صلاحية تقدير ضرورة وأهمية المصاريف التي يعتزم إنفاقها.
وتشكل مداخيل المؤسسة المالية في الغالب من رسوم التسجيل، رسوم الداخليات، ورسوم التأمين المدرسي والرياضي، ورسوم الانخراط في التعاونيات المدرسية أو الجمعيات الرياضية المدرسية ورسوم إعارة الكتب بالإضافة إلى الاعتمادات التي ترصدها الأكاديميات الجهوية لتسيير مؤسسات التربية والتعليم العمومي.
وبالنظر إلى أهمية التدبير الإداري والمادي والمالي، يمكن الجزم بأن الإصلاح الحقيقي والجودة لمنشودة لا يمكن أن نراهن عليها إلا إذا كان الاهتمام منصبا على التفكير في سبل الارتقاء بأداء هيئة الإدارة التربوية على اعتبار أن نجاح المشاريع وتوفير الحاجيات رهين بمدى فعالية تدبير الموارد البشرية والمادية والمالية المتاحة.
2-3- المدير كمشرف تربوي :
بعد أن تحولت دفة التربية إلى الاهتمام بتكوين شخصية المتعلم وإعداده للاندماج في مجتمع متطور، تغيير أدوار المدير، وأصبحت الأعمال الإدارية، على أهميتها ليس إلا وسيلة لتحقيق هذه الغاية. وعلى هذا الأساس أصبح المدير ” مشرفا تربويا مقيما” يعهد إليه بالاطلاع على كل التفاصيل المتعلقة بسير العملية التعليمية- التعلمية. والتي تتصل بأمور المتعلمين وتحصيلهم وكفاءة المدرسين والمناهج والبرامج وطرق التدريس وأساليب التقويم ومن بين المسؤوليات التي تدخل في نطاق دور الإشراف التربوي للمدير نذكر ما يلي :
– السهر على تطبيق المناهج والبرامج واستعمالات الزمن،
– مراقبة أعمال ووثائق المدرسين وإغناؤها؛
– إرشاد المدرسين وتشجيعهم وتوفير الظروف لتكوينهم وتأهيلهم الذاتي؛
– تنشيط مجالس المؤسسة؛
– المساهمة في إعداد مشروع المؤسسة.
وإذا كان من الإنصاف أن نقر أنه من الصعب على مدير المؤسسة أن يكون ملما بجميع تفاصيل المواد الدراسية، ومن الصعب عليه تقديم العون لكل مدرس فيما يصادفه من معضلات ديداكتيكية وابستمولوجية متعلقة بهذه المادة أو تلك، فإننا بالمقابل نؤكد على أن دوره كمشرف تربوي يفرض عليه أن يطلع على كل تفاصيل العملية التعليمية لرصد الاختلالات والمعيقات، وطرحها على المشرفين التربويين المعنيين للتعامل معها والعمل على معالجتها.
وهكذا نخلص إلى أن دور المدير كمشرف تربوي أشبه ” بمايسترو يقود اوركسترا لا يمكنها أن تعزف سيمفونية متناسقة الألحان، إلا إذا كان يجيد التنسيق من جهة، وإذا كان يعرف إمكانيات المشتغلين تحت سلطته من جهة أخرى”. مارسيل بلانت-“إدارة مؤسسة تربوية” 1994.
كم يرى أحمد بنعايد أن دوره هذا يحتم عليه ” الإلمام بالمكونات الثلاث في العملية التعليمية، أي بنية المنهجية، المدرسين والتلاميذ”.
3-3- المدير كمنشط اجتماعي :
يقصد بالتنشيط ” ذلك الفعل الايجابي الذي يساهم في تحريك وتحرير الطاقات الذهنية والوجدانية والحركية، وفي تفتيت المواهب والقدرات المضمرة والظاهرة لدى الأفراد والجماعات قصد القيام بأنشطة ثقافية أو اجتماعية أو رياضية بشكل تلقائي وتطوعي”. ودور المدير كمنشط اجتماعي يجد مشروعيته وإلزاميته في كون المدرسة مؤسسة اجتماعية وتربوية صغرى داخل المجتمع الأكبر، وهي حسب دوركهايم ذات وظيفة سوسيولوجية وتربوية هامة، إذ تقوم بالتنشئة الاجتماعية والتربوية والرعاية لتكوين مواطن صالح.
كما ينسجم هذا الدور مع روح الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي أراد من المدرسة الجديدة أن تكون ” مفتوحة على محيطها بفضل نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع في قلب المدرسة، والخروج إليه منها بكل ما يعود بالنفع على الوطن، مما يتطلب نسج علاقات جديدة بين المدرسة وفضائها البيئي والمجتمعي والثقافي والاقتصادي” المادة 9 من الميثاق الوطني.
وفي هذا السياق، وبالرجوع إلى مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين، نرى أن انفتاح المؤسسة على محيطها رهين بتفعيل دور المدير في مجال الشراكة. ويتجلى هذا الدور في وضع مشاريع لتنمية وتحسين جودة التربية والتعليم بالمؤسسة والجماعة التي تنتمي إليه، وتعيين الشركاء المناسبين واضطلاعهم على المشاريع المنتقاة وإقناعهم بأهميتها، والتفاوض معهم بخصوص حجم ونوعية مساهمتهم في انجازها، وأخيرا تتبع تنفيذها ووضع آليات التقويم.
4-المؤسسة التربوية والشراكة :
تجسيدا لمطلب الانفتاح على المحيط، تحتاج المؤسسة التربوية إلى إبرام اتفاقيات الشراكة مع مختلف الفاعلين سواء من داخل البيئة المحلية أو من خارجها، وذلك لإعطاء هذا الانفتاح بعدا تنمويا يؤسس لعلاقات جديدة بين المدرسة والمجتمع، قائمة على مبدأ المنفعة المشتركة والانخراط التشاركي في تنمية المحيط تربويا واقتصاديا واجتماعيا.
1-4- مفهوم الشراكة :
الشراكة من أشكال التعاون تعقد بموجبه اتفاقيات بين طرفين أو أكثر، ويؤطرها إطار قانوني يحدد التزامات وتعهدات كل طرف بانجاز ما تم الاتفاق عليه. والشراكة تنبع من رغبة مشتركة في التعاون لتحقيق مصالح معينة تسعى إليها الأطراف المتعاقدة.
2-4- مزايا الشراكة :
لا يمكن ان يجادل أحد فيها يمكن للشراكة أن تدره من منافع على أطراف العلاقة التعاقدية وعلى المجتمع المعني بشكل عام. فهي من جهة تمكن الأطراف المتعاقدة من اقتسام المصاريف المرصودة لانجاز المشروع أو المشاريع المتفق بشأنها، مساهمة بذلك في تخفيض الكلفة. ومن جهة أخرى يعتبر رهان ربح الوقت دافعا قويا لانجاز اتفاقيات الشراكة، بحيث أن الشراكة تساهم في انجاز مشاريع كانت ستبقى حبيسة المناضد والرفوف لسنوات في انتظار توفر الإعتمادات المالية اللازمة. كما لا ننسى أنه كلما كانت المشاريع منجزة في إطار شراكة كلما زادت الإرادة في الحفاظ عليها وصيانتها،ولقد أثبتت التجربة أن المشاركة في انجاز المشاريع يولد الشعور بامتلاكها، ويحفز الهمم للمحافظة عليها.
3-4- الشراكة والمدرسة :
من بين مهام المدير التي حددتها المادة التاسعة من المرسوم 376-02-2 السالف الذكر هناك ” إبرام اتفاقيات الشراكة وعرضها قبل الشروع في تنفيذها على موافقة مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين المعنية” وعليه فإن المدير مطالب بالبحث عن آفاق للشراكة بين المؤسسة التي يديرها وجميع الفعاليات التي يمكنها إفادة المدرسة سواء في مجال التعبئة أو التمويل أو التجهيز أو التكوين أو التأطير … إلا أن هذه المهمة تستدعي مهارات في التواصل والتفاوض والتنشيط، وكفايات في التخطيط والتنظيم والتوجيه والمراقبة، وقدرة على إقامة علاقات اجتماعية وإنسانية، مما سيمكنه من ربط جسور الثقة مع فعاليات المحيط ودفعهم إلى المساهمة في الارتقاء بالخدمات التي تقدمها المدرسة سواء على المستوى التربوي أو الاجتماعي.
4-4- شركاء المدرسة :
“تيسيرا لتعميم تعليم جيد، وسعيا لتقريب المدرسة من روادها وإدماجها في محيطها المباشر”. ” فإن كل القوى الحية للبلاد حكومة وبرلمانا وجماعات محلية، وأحزاب سياسية ومنظمات نقابية ومهنية، وجميعات وإدارات ترابية، وعلماء ومثقفين وفنانين، وشركاء المعنيين كافة بقطاع التربية والتكوين، مدعوة لمواصلة الجهد الجماعي من أجل تحقيق أهداف إصلاح التربية والتكوين…” الميثاق الوطني للتريبية والتكوين – المادتين 29-23.
من خلال القراءة الأولى للمادة 23 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين يلاحظ أن إصلاح نظام التربية والتكوين يتطلب انخراط مجموعة من الفعاليات سواء من داخل الفلك المدرسي أو من خارجه. إلا أننا سنقتصر على بعض من هذه الفعاليات محاولين إبراز إسهاماتها ومجالات تدخلها.
1-4-4- جمعية الآباء :
جمعية آباء وأولياء التلاميذ إطار مقنن ومنظم يمثل آباء وأولياء التلاميذ بمؤسسة تربوية عمومية أو خاصة. وهي تخضع لقانون تأسيس الجمعيات، ويسيرها مكتب منتخب.
وتعتبر جمعية الآباء آلية من آليات التعبئة الاجتماعية من أجل تجديد المدرسة لما لها من أهمية وثقل داخل المحيط. فهي المترجمة لفلسفة الإصلاح والتجديد داخل أوساط الأسر، وهي الضامن لمساهمة الآباء والأمهات في دعم المدرسة، هذا الدعم الذي أصبح شرطا أساسيا لنجاح العملية التعليمية- التعلمية، على اعتبار أن ” التربية ليست وقفا على المدرسة وحدها، وأن الأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى التي تؤثر في تنشئة الأطفال وإعدادهم للتمدرس الناجح“. الميثاق الوطني للتربية والتكوين – المادة 16.
لذا يمكن اعتبار عملية تأسيس جمعية الآباء من أهم الخطوات على درب الانفتاح على المحيط. وعليه فإن المدير مطالب بالقيام بحملات تحسيسية داخل المجتمع المحلي من خلال الاتصال المباشر بالسكان لشرح فكرة الجمعية وأبعادها. وتعتبر عملية التحسيس بالغة الأهمية. فكلما كانت التعبئة مدروسة، والوسائل المستعملة في عملية الاستقطاب ناجحة، كلما كانت الاستجابة واسعة.
وإذا كان الميثاق الوطني للتربية والتكوين قد أعطى للجمعية ” صفة الشريك والمحاور ذي مصداقية ومردودية في تدبير المؤسسات التربوية وتقويمها والعناية بها”، فإنه بالمقابل اشترط في تأسيسها واجب نهج الشفافية والديمقراطية والجدية…” الميثاق الوطني- المادة 16.
وفيما يخص مجالات تدخل الجمعية، فقد نصت المادة 61 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين على ضرورة انخراط أباء وأولياء التلاميذ في كل الأنشطة الموجهة نحو الارتقاء بجودة وملاءمة الفضاء المدرسي، ومن قبيل الحفاظ على التجهيزات وصيانتها، وترميم ما يحتاج إلى ترميم، وتوفير المرافق الضرورية، كالمطاعم والمكتبات والقاعات المتعددة الوسائط، والمرافق الصحية، وربط المدرسة بخدمات الماء والكهرباء، وبناء وترميم الطرق والمسالك لتسهيل الولوج إليها.
كما أن هناك مجالات أخرى كثيرة تنشط فيها الجمعية دعما لجهود المدرسة، ونذكر منها :
– المشاركة في التعبئة للتمدرس، وذلك من خلال حملات تحسيسية لتوعية السكان بأهمية التمدرس، وخاصة تمدرس الفتاة الذي لازال لم يرق إلى المستوى المطلوب.
– المشاركة في التصدي لأسباب الهدر للرفع من نسبة الاحتفاظ، وذلك من خلال تقديم المساعدة للأسر وتحفيزها ماديا ومعنويا، وتتبع التغيبات والانقطاعات، واقتراح حلول للحد منها.
– المشاركة في تدبير الحياة المدرسية، وذلك من خلال وضع تصور مشروع المؤسسة، والمشاركة في اجتماعات مجالس المؤسسة، والمساهمة في تحديد الحاجيات من القاعات الدراسية والتجهيزات والبنيات التحتية…
– المشاركة في تحسين جودة التعلم، من خلال تتبع نتائج التلاميذ وتقويمها، وبرمجة الأنشطة الداعمة، وإنشاء الخزانة المدرسية، وتخصيص جوائز للمتفوقين…
– المشاركة في تنظيم الأنشطة الموازية والداعمة من خلال الاحتفاء بعيد المدرسة والمساهمة في أنشطته، وتنظيم مسابقات ثقافية وفنية ورياضية داخل المؤسسة وبين المؤسسات، وتنظيم رحلات لفائدة التلاميذ.
– المشاركة في دعم الأنشطة التربوية والاجتماعية من خلال توفير النقل المدرسي، ودعم التلاميذ المحتاجين، ودعم توسيع برنامج التربية غير النظامية ومحو الأمية، وتشجيع التعليم الأول، وإدماج هيئة التدريس في محيط المؤسسة. إنه بمثل هذه الأعمال ستتغير صورة المدرسة، فتبدو مضيافة وأكثر جاذبية مما سيفتح شهية الأطفال للتعلم، ويزيد من حماس الأطر التربوية لتقديم خدمات تربوية جيدة.
– تلك هي فلسفة الشراكة، فبالقدر الذي سينخرط الآباء والأمهات في دعم المدرسة بالقدر الذي سينعكس ذلك على فلذات أكبادهم وعلى محيطهم، وبالقدر الذي ستصبح فيه المدرسة أكثر عطاء، بالقدر الذي سينخرط الآباء والأمهات في دعمها.
لذا يتعين على مدير المؤسسة أن يقتنع ويقنع الآخرين حوله أن تأسيس جمعية الآباء ليس هدفا في حد ذاته، وإنما العبرة بتفعيلها وتحريك دواليبها. ويتطلب تفعيل دور الجمعية أولا تكوين أعضائها، ورفع قدراتهم التدبيرية، وذلك من خلال التأطير والتكوين في مجالات التدبير والتسيير،ومن خلال إطلاعهم على الإطار التشريعي للجمعية، والهياكل التنظيمية ومبادئ العمل الجمعوي، وحقوق وواجبات الجمعية اتجاه المؤسسة التربوية.
وعلى مستوى التنظيم، فإن تفعيل دور الجمعية، وضمان انخراطها في العمل الجاد والفعال يستلزم تنظيمها وهيكلتها، وذلك من خلال خلق لجان مختلفة حسب طبيعة المهام الموكولة إليها، مثل لجنة التعبئة والتحسيس، لجنة العلاقات مع المدرسة، لجنة الأنشطة الثقافية والرياضية، لجنة الدعم الاجتماعي …
2-4-4- الجماعة المحلية :
سعيا وراء كسب رهان تعميم التعليم والرفع من جودته، وتقريب المدرسة من روادها خصوصا في الأوساط القروية وشبه الحضرية، أكد الميثاق الوطني للتربية والتكوين على أهمية عقد شراكات بين المدرسة والجماعة المحلية تلتزم بموجبها هذه الأخيرة ” بتخصيص أمكنة ملائمة للتدريس والقيام بصيانتها، على أن تضطلع الدولة بتوفير التأطير والمعدات الضرورية” الميثاق الوطني- المادة 29.
وإذا كان الميثاق الوطني قد راهن على ” تبوئ التربية والتكوين، مكانة الصدارة، ضمن أولويات الشأن الجهوي والمحلي التي تعنى بها”، فإن ذلك لن يترجم على أرض الواقع إلا من خلال قيام الجماعات المحلية بواجبات الشراكة مع المدرسة، وإسهامها في دعم مخططاتها الرامية إلى تعميم تعليم جيد، وذلك من خلال :
– الدعم المادي والمالي للمؤسسات التربوية الموجودة داخل نفوذها،
– نقل المواد والتجهيزات إلى هذه المؤسسات،
– توفير اليد العاملة لأشغال البناء والترميم التي تحتاجها المؤسسات؛
– توفير الأجهزة والآلات الطبية للتلاميذ المحتاجين إليها؛
– توفير الأدوات المدرسية والمعينات الديداكتيكية؛
– توفير السكن للعاملين بالمدرسة؛
ومقابل ما عليها من واجبات اتجاه المدرسة، يكفل الميثاق الوطني للجماعات المحلية اتجاه الدولة ” حق التوجيه والتأطير وتفويض الاختصاصات اللامركزية واللامتمركزة وحق الدعم المادي بالقدر الذي ييسر قيامها بواجباتها على الوجه الأمثل” الميثاق الوطني للتربية والتكوين- المادة 15.
وتبقى الإشارة إلى أن إقناع الجماعة المحلية بجدوى العمل التشاركي رهين بمدى قدرة المدير على خلق تواصل جدي وفعال من خلال القيام بزيارات متكررة لطرح وتوضيح مشاكل المؤسسة، معتمدا في ذلك على اللباقة في الحديث والدبلوماسية في الإقناع، متجنبا إقحام الأمور السياسية ،كما يجب على المدير أن ينسج علاقات إنسانية مع أعضاء الجماعة، ويحرص على الحضور والمشاركة في نشاطات الجماعة، ودعوة الأعضاء لحضور التظاهرات التي تنظمها المدرسة، بالإضافة إلى تبادل الدعم لما فيه صالح المجتمع المحلي.
3-4-4- المنظمات غير الحكومية :
ينص الميثاق الوطني للتربية والتكوين في مادته 29 على ضرورة ” الاعتماد على المنظمات غير الحكومية ذات الخبرة التربوية، للإسهام في تعميم التعليم على أساس دفاتر تحملات دقيقة”.
والمنظمات غير الحكومية هيئات مستقلة أسست بغرض تقديم المساعدة للأفراد والجماعات والمؤسسات. وتأخذ هذه المساعدات شكل بناءات أو تجهيزات أو آليات أو تكوينات أو منح …
وعادة ما تقترح المؤسسات التربوية مشاريع على هذه المنظمات في إطار الشراكة وذلك قصد المساهمة في انجازها خاصة ما تعلق منها بتعميم التعليم، والرفع من جودته، وتشجيع تمدرس الفتاة القروية، وبناء دور الطالب والطالبة، والتربية غير النظامية ومحو الأمية، وتجهيز المؤسسات بالكتب والوسائط السمعية والبصرية… وتجدر الإشارة هنا إلى أن الشراكة مع المنظمات غير الحكومية يستدعي الجدية والنزاهة والشفافية من خلال متابعة سير المشاريع وإعداد تقارير واطلاع أعضاء المنظمة – الشريك على فحواها، بالإضافة إلى ضرورة الحفاظ على علاقة جيدة معهم.
4-4-4- جمعية قدماء التلاميذ :
غالبا ما يكون بعض قدماء التلاميذ والتلميذات في موقع يمكنهم من تقديم المساعدة للمؤسسة بشكل فعال، فقد يكون بينهم أطر عليا ومتوسطة، وقد يكون من بينهم فعاليات اقتصادية أو اجتماعية. لذلك يجب على المدير أن يكثف الجهود والاتصالات من أجل تأسيس هذه الجمعية إذا لم تكن موجودة، وتحسيسها بحاجات المؤسسة بهدف دفعها للمساهمة إما بكتب وأدوات مدرسية أو هبات مالية أو تجهيزات، أو المساهمة في أعمال البناء والترميم التي تحتاجها المدرسة.
ويعتمد المدير في إقناع وتحفيز أعضاء الجمعية على قدراته على تشخيص حالة المؤسسة واحتياجات المتعلمين والأطر، واقتراح مشاريع مدروسة، وتوضيح أهميتها دون محاولة فرضها.
5-4-4- الشخصيات المنحدرة من المنطقة :
إن أبناء المنطقة الذين أصبحوا شخصيات لهم نفوذ معنوي أو مادي في السياسة أو الاقتصاد أو الثقافة أو الرياضة أو الإدارة… غالبا ما يبقون مشدودين لمسقط رأسهم، وموقع حياتهم، فتجدهم مستعدين دائما للمساهمة في أي مبادرة من شأنها تنمية منطقتهم، وفي هذا أمثلة كثيرة. فالكثير من مشاريع التنمية عبر المملكة عرفت النور بفضل مساهمة الشخصيات من أبناء المنطقة، بل أن مدنا وقرى نمت وازدهرت بفضل أبنائها الذين رغم ما وصلوا إليه من مراتب لم ينسوا يوما قراهم ومداشرهم. وعليه فإن مدير المؤسسة مطالب بالانفتاح على هذه الشخصيات، واستدعائها في المناسبات والحفلات، واقتراحها للرئاسة الشرفية للتظاهرات التي تنظمها المؤسسة. وهذا من شأنه أن يحفز هذه الشخصيات للانخراط في تأهيل المؤسسة إيمانا منهم بأن المدرسة كانت ومازالت وستظل هي الموجه لدفة التنمية.
وهكذا نخلص إلى أن واقع النموذج التشاركي قد أصبح حقيقة مفروضة على المؤسسات التربوية، وأصبح المدير قياديا ومبادرا لا يبقى مكتوف الأيدي أما ما يعترضه من مشكلات بل يجتهد في البحث عن سبل تجاوزها من خلال طرق جميع الأبواب التي يمكنها أن تمد يد العون في إطار اتفاقيات شراكة، وإذا اكتفينا هنا بالإشارة إلى بعض الجهات، فهذا لا يعني أن يقتصر رؤساء المؤسسات عليها، بل يجتهدوا في الاتصال بكل الأطراف التي جاء ذكرها في المادة 23 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وذلك بغية ” مواصلة الجهد الجماعي من أجل تحقيق أهداف إصلاح التربية والتكوين، جاعلين المصلحة العليا للوطن في هذا الميدان الحيوي فوق كل اعتبار”. الميثاق الوطني للتربية والتكوين- المادة 23 .
5- الوظائف الرئيسية للإدارة العمومية:
من خلال كل هذه الأدوار التي يقوم بها المدير، والمسؤوليات الجمة التي يتحملها إنما يسعى إلى تدبير ناجع وفعال للموارد البشرية والمالية، وتنميتها وتنسيق استعمالها قصد تحقيق الأهداف المرسومة، والتدبير ينظر إلى المدرسة من زاوية الإنتاج والمردودية، وهي بالتالي وحدة إنتاجية يشكل المتعلمون مادتها الخام، والموارد البشرية والمادية وسائلها، وصناعة أشخاص متعلمين هدفها. ومن هذا المنطلق فتدبير المدرسة هو عملية شاملة لمجموعة من الوظائف الإدارية المرتبطة ببعضها البعض، فالنشاط الذي يمارسه رجل الإدارةيقوم على عدد من العمليات التي يمكن تجميعها في عناصر يتميز بعضها عن بعض من حيث طبيعتها وترتيبها الزمني. فالعمليات التي تسبق التنفيذ تشمل وظيفتين هما التخطيط والتنظيم، والعمليات التي تصاحب التنفيذ يمكن جمعها في وظيفة التوجيه، أما العمليات التي تلحق التنفيذ فإنها تتلخص في وظيفة الرقابة. وعلى ذلك القول أن وظائف الإدارة هي : التخطيط، التنظيم، التوجيه والرقابة.
التخطيط :
يعتبر التخطيط أساس سلامة العمل الإداري، وضمان حسن سيره، وجودة مردوديته. إن نجاح البرنامج والمشاريع رهين بتخطيط محكم، على اعتبار أن أي مشروع أو برنامج يحتاج إلى تفكير وقدرة على استشراف المستقبل مما يساعد على رسم السياسات ووضع الاستراتيجيات وتحديد الأهداف، وتقرير الإجراءات، وتقدير الإمكانيات البشرية والمادية … وهذه العمليات كلها هي ما يقصد به التخطيط.
ولكي يتمكن رجل الإدارة التربوية من الإناطة بمهامه بشكل فعال وناجح، عليه أن يقوم بالتخطيط لعمله على المدى القريب والمتوسط، دون أن يغفل إشراك الفاعلين التربويين وشركاء المؤسسة، والاستماع إلى آرائهم حول البرامج والمشاريع المزمع إنجازها، والتعرف على أهدافهم، لأن التعاون والتعاطف بإرادة ورضا لا يتحقق إلا إذا شعر الأفراد والجماعات أن في انجاز خطط المؤسسة وتحقيق أهدافها، تحقيقا لأهدافهم وإرضاء لطموحاتهم.
التنظيم :
إلى جانب وظيفة التخطيط، تعتبر وظيفة التنظيم مهمة جدا بالنسبة للمرحلة التي تسبق التنفيذ، ويشتمل التنظيم عمليات تقسيم العمل وتوزيع المهام والمسؤوليات بين الأفراد، وتصنيف العاملين حسب المواصفات والكفاءات والخبرات والتخصص، وتكوين لجان للمصاحبة تحظى بصلاحية التفكير والتخطيط فيما يخص المهام الموكولة إليها. ويبقى دور المدير في هذا كله دور الاستشارة والقيادة مما يضمن له تفرغا للإدارة الأهم،كما يضمن للعاملين معه احترام آرائهم وطموحاتهم.
إن التنظيم هو ذلك البنيان الذي تنتظم فيه كل شروط الإنجاز من موارد، وخطط، ومقدار تفويض السلطات من المستويات الإدارية الأعلى إلى المستويات الأدنى، وعلاقات… حيث يعمل الجميع وفق ظروف أعد لها بشكل يتناسق وينسجم مع الأهداف المراد تحقيقها.
التوجيه :
التوجيه مجموعة عمليات تلازم تنفيذ الأعمال بشكل مستمر. إذ لا يكفي أن نخطط وننظم لكي نطمئن على حسن سير الأعمال. فلا بد من توجيه المنفذين بما يضمن تحقيق الكفاية في عملهم. ولأجل ذلك تقوم القيادة، في ظل نظام محكم من الاتصالات العمودية والأفقية، بحفز الهمم وتذليل الصعوبات والعقبات، وتوفير جو من التفاؤل، وحل النزاعات التي قد تشكل عائقا أمام تقدم الإنجاز. وباختصار فإن وظيفة التوجيه تستدعي قيادة قادرة على خلق روح الفريق المتكامل المتحد الأهداف والطموحات.
الرقابة :
تعتبر وظيفة الرقابة أداة فاعلة وايجابية لتقويم الأشغال والانجازات والوقوف على مدى مطابقتها للخطط الموضوعة. وتشمل وظيفة الرقابة عمليات متابعة وتقييم المشاريع والبرامج مباشرة ومعاينة أو من خلال وسائط، وذلك من أجل الوقوف على ظروف سير العمل للإصلاح والتقويم والتطوير.
ويعود نجاح واستمرارية المشاريع في المؤسسات التربوية بشكل خاص إلى المتابعة الدقيقة والمتواصلة، على اعتبار أن تفقد سير الأعمال يضمن الوقوف على الاختلالات وإصلاحها قبل استفحالها مما قد يتسبب في هدر الجهد والوقت، وسوء تدبير الإمكانيات.
وإذا كانت كل هذه الوظائف تعتمد بشكل كبير على شخصية فذة وقيادة حكيمة متبصرة تؤمن بالعمل التشاركي انطلاقا من إيمانها بقدرة الآخر على الخلق والإبداع، فإن الاشتغال داخل الفريق يستدعي تواصلا جيدا يكسر الحواجز الفكرية والنفسية، ويقرب وجهات النظر، ويحول دون التصدعات والانشقاقات، وبالتالي يكون التواصل حجر الأساس في عمليات التخطيط والتنظيم والتوجيه والمراقبة.
-6تنظيم الاجتماعات وتدبيرها :
الاجتماعات وسيلة أساسية للتدبير والإشراف التربوي، فهي تتيح الفرصة للتفكير التعاوني والتشاوري وتبادل الأفكار ووضع الخطط والبرامج التي تصب في إطار الرفع من جودة الأداء التربوي. وإذا كانت بعض الاجتماعات تحقق نتائج ايجابية من خلال استثمار الأفكار والمعلومات والمقترحات التي تطرح للنقاش والتقييم لتخرج في صيغة إجراءات عملية ترمي إلى تحقيق أهداف المدرسة، فإننا نجد أحيانا أن بعض الاجتماعات لا تفضي إلى شيء وتكون مدعاة لهدر الوقت والجهد. وهذا راجع بالأساس إلى كيفية الإعداد وتسيير هذه الاجتماعات من هذا المنطلق يجب على مدير المؤسسة – عند كل اجتماع- مراعاة ما يلي :
مرحلة الإعداد :
– إعداد جدول أعمال الاجتماع وتوزيعه مسبقا على المرؤوسين من أجل منحهم الفرصة لمعرفة الموضوع أو المواضيع التي سيتم طرحها، والتحضير لها؛
– تحديد الزمان والمكان والالتزام بذلك؛
– تحضير بعض أوراق العمل الخاصة بالاجتماع كالمذكرات والمناشير واللوائح، والكتيبات وغيرها؛
– توفير مستلزمات الكتابة من ورق وأقلام وغيرها لكل عضو من المجتمعين، وفر بعض المرطبات أو الماء والمناديل لكل عضو من المجتمعين.
مرحلة التسيير :
– تكليف مقرر للاجتماع يقوم بتسجيل الأفكار والمقترحات والمداخلات؛
– إلقاء كلمة قصيرة للتذكير بأهمية الموضوع وغرض الاجتماع؛
– تحديد زمنا للتعبير عن وجهة نظر كل عضو في ذلك؛
– الحرص على توزيع الغلاف الزمني للاجتماع على النقط المدرجة في جدول الأعمال؛
– احترام النصاب القانوني لكل اجتماع، حتى لا تعرض للإلغاء؛
– الاستماع للآراء ووجهات النظر ومراعاة العدل في إعطاء الفرصة للحاضرين للتعبير عن آرائهم؛
– احترام الرأي المخالف، وعدم المقاطعة؛
– طلب رأي العضو الذي لا يشارك؛
– عدم الانشغال أثناء طرح الأعضاء لأفكارهم؛
– منع تداخل المناقشات وانصراف بعض الأعضاء إلى إقحام أمور شخصية، أو حساسيات حزبية أو نقابية أو عرقية، أو إشاعات؛
– تلخيص الآراء والأفكار من حين لآخر؛
– الحرص على أن تكون القرارات المتخذة مما يمكن تطبيقها وفق الإمكانات المتوفرة، وأن تلبي حاجيات المدرسة ومريديها.
مرحلة ما بعد الاجتماع :
– الاطلاع على محضر الاجتماع؛
– تعديل صياغة القرارات التي تم التوصل إليها في المجلس إذا اقتضى الأمر حتى تكون مختصرة وواضحة؛
– كتابة المحضر بخط واضح؛
– التأكد من توقيع جميع الأعضاء أسفل المحضر؛
– تشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ قرارات الاجتماع.
كما يفضل أن يقوم المدير بتقييم الاجتماع، وذلك بإعداد استمارة لا تتطلب تعبئتها وقتا طويلا، وتكون متضمنة لتقديرات عن ايجابيات الاجتماع وسلبياته بشكل عام، يقوم الأعضاء من خلالها بالتعبير بصدق وصراحة عن حيثيات الاجتماع والمواضيع التي طرحت فيه القرارات الأخيرة.
وسيكون هذا التقييم وسيلة للوقوف على مكامن الخلل في إعداد وإدارة الاجتماع والعمل على إصلاحها في الاجتماعات اللاحقة.
-7تنشيط المجموعات :
التنشيط هو مجموعة عمليات مترابطة تساهم في تدبير اللقاءات والاجتماعات بكيفية فعالة، وهو فعل ايجابي بحيث يضمن انخراط الأفراد والجماعات في المساهمة الايجابية التلقائية والتطوعية في تحقيق الأهداف المسطرة. ويقصد بالمجموعة عدد من الأفراد حضروا إلى مكان معين قصد تحقيق هدف معين.
وسعيا وراء تنشيط ناجع وفعال لعمل المجموعات في اللقاءات التي تعقد تحت رئاسته، فإن مدير المؤسسة مطالب باستثمار تقنيات التنشيط ضمانا لتحفيز الأعضاء للسير قدما نحو تحقيق الأهداف المبتغاة، ويمكن تصنيف هذه التقنيات إلى ثلاثة أنواع : تقنيات التوضيح، تقنيات التتبع والمراقبة، تقنيات التسهيل.
–تقنيات التوضيح :
وهي تقنيات تسعى لتوضيح وتحديد الهدف الذي تعمل المجموعة على تحقيقه، ومن بين هذه التقنيات هناك :
· إعادة الصياغة : تعتبر إعادة صياغة تدخلات المشاركين وأفكارهم وآراءهم تقنية ناجعة لتوضيح الغموض الذي قد يشوبها،مما يسهل على المتلقي فهمها وإمكانية التعقيب عليها. كما أن هذه التقنية تمكن المتدخل من الوعي بما قاله، فتكون فرصة للتدقيق في ما طرحه. بالإضافة إلى أن هذه التدخلات –بين الفينة والأخرى- لإعادة صياغة ما يقال، تحسس المشاركين بصعوبة عملية التواصل، فيكون ذلك حافزا لهم لانتباه أكثر لما يطرح من أفكار وآراء ومقترحات.
· الربط بين الأفكار والآراء : قد يضطر المنشط في بعض الأحيان إلى التدخل للربط بين الأفكار والآراء عندما يحس بانفلات في منحى النقاش. وتساهم هذه العملية في توحيد الكلمة، وتبادل حسن الإصغاء بين المتحاورين، وترسم حدود التدخلات وفق ما هو مسطر في جدول الأعمال.
· التلخيص : بعد مجموعة من التدخلات، يلخص المنشط الأفكار والآراء أو قد يطلب من المقرر سرد ما تم تسجيله من نقاط. وتكمن هذه التقنية من جرد الحصيلة وإعادة توجيه دفة النقاش إذا دعت الضرورة لذلك.
–تقنيات التتبع والمراقبة :
وهي مجموعة تقنيات تتوخى تنظيم النقاش وتدبير الوقت من خلال توزيع عادل للكلمة يضمن مشاركة الكل في صنع القرار. ومن بين هذه التقنيات تذكر :
· الحث على المشاركة : قد يلاحظ أن بعض الحاضرين يتكلمون قليلا أو لا يتكلمون بالمرة، وهنا لابد من حثهم على إبداء رأيهم بطرق لبقة ودونما أي إحراج أو إلحاح.
· توقيف الثرثارين : ومقابل ذلك سيكون دون شك فئة من الثرثارين الذين يستبدون بالكلمة ولا يتركون الفرصة للآخرين. وهنا لابد من التدخل من حين لآخر لدفعهم للتكلم أقل وذلك من خلال توضيح فكرتهم وتلخيصها أو حثهم على تلخيص ما جاء في تدخلهم.
· التنبيه إلى الوقت : إن تدبير الوقت مهم جدا بحيث أن تقسيم الحيز الزمني المخصص للقاء على النقط المدرجة في جدول الأعمال يساهم في تقدم النقاش بالسرعة الملائمة. وعليه فإن التذكير بالوقت في ارتباط مع المرحلة التي وصل إليها النقاش أمر ضروري كي لا تستأثر بعض النقاط بالاهتمام والوقت الكافيين في حين يتم المرور على أخرى بسرعة تحت ذريعة الالتزام بالجدولة الزمنية للقاء.
–تقنيات التسهيل :
وهي تقنيات تدخل في باب الحفاظ على التوازن الانفعالي للمشاركين، وتسهيل عملية الاتصال تجنبا لمظاهر التوتر والمشاحنات مما يعصف باللقاء جملة وتفصيلا. ومن بين هذه التقنيات نذكر:
· استقبال المشاركين: يعتبر استقبال المشاركين بما يليق بهم من حفاوة خطوة مهمة نحو تهيئ جو ملائم للقاء. إن مجرد حضورهم وتلبيتهم للدعوة سبب كاف لشكرهم والثناء عليهم والإعلاء من شأنهم. وإن الشكر والثناء والتقدير شحنة للمشاركين للانخراط الفاعل والفعال في إنجاح اللقاء.
· الترفيه : لا شك أن العياء والإرهاق يسببان التوتر عند البعض، والشرود واللامبالاة عند البعض الآخر. وعليه فإن من تقنيات التسهيل والحفاظ على نشاط المجموعة، فتح المجال من حين لآخر للمشاركين ليمزحوا فيما بينهم، أو منحهم فترة للاستراحة يتناولون فيا بعض المرطبات،، ويتجاذبون فيها أطراف الحديث عن مواضيع أخرى، مما يساهم في استعادة حيويتهم ونشاطهم، وتذويب خلافاتهم.
· موضعة التدخلات : من الطبيعي أن يحدث في اللقاءات مشادات كلامية، وجدال مشوب بالحدة وإقحام لأمور شخصية أو عرقية أو اجتماعية … في النقاش مما قد يغير من مسار اللقاء . وعليه فإن تدخل المنشط لتهدئة الأعصاب، وتجاوز الجو المشحون ينبني على إعادة موضعة التدخلات ووضعها في إطارها الفكري بعيدا عن كل حمولة عاطفية أو حساسيات عرقية أو سياسية أو نقابية.
وهكذا نخلص إلى أن المجموعة أنماط عديدة ومختلفة من الشخصيات وبالتالي فإنه يجب التعامل معها بالأساليب الملائمة تبعا لكل نمط من الشخصية من أجل تدبير أفضل للفريق وتلافي الانقسامات والنزاعات ما أمكنه.
8- مقاربة حل النزاعات :
الأخطاء من طبيعة البشر، والنزاعات واقع لازم الإنسان منذ أن أصبح يعيش داخل تنظيمات. والمؤسسة التربوية كتنظيم لا تخرج عن هذه القاعدة، وبالتالي فإن المدير لابد وأن يكتسب مهارات وتقنيات في تدبير المشكلات وحل النزاعات.
بعض أنواع النزاعات :
من بين النزاعات التي قد تحدث داخل فضاء المؤسسة التربوية، نذكر:
– النزاع بين الأستاذ والمدير والذي غالبا ما يكون سبب توزيع المستويات والحجرات، الغياب، التأخر، طريقة التدريس، الحراسة، السلوك …
-النزاع بين الأساتذة فيما بينهم حول توزيع المستويات والحجرات، السكن، والوسائل التعليمية، استعمال المرافق، العقليات، الانتماءات …)
-النزاع مع ا لآباء والأمهات حول تعلم الأطفال، العقاب، النتائج المدرسية…
-النزاع مع السلطات المحلية بسبب تدخل غير ملائم في شؤون المؤسسة أو الحياة الشخصية….
-النزاع مع المفتش حول طرق التدريس ، البرنامج، الإعداد القبلي، فضاء القسم….
-النزاع مع النيابة حول الترقية، الانتقال، التواصل الإداري…
بعض الأساليب المستعملة في حل النزاعات :
غالبا ما يتم تدبير النزاعات داخل المؤسسات التربوية من خلال أربع مقاربات وهي : التماشي، التسامح، الانتصار أو الهزيمة، التوفيق وحل المشكل.
التحاشي : غالبا ما ينزع أطراف النزاع إلى التحاشي وتجنب المواجهة إما اقتناعا منهم أن ليس هناك مشكلا، أو تجاهلا للخلافات وعدم الاكتراث لها. ولعل هذا الموقف يتولد عند البعض عن الرغبة في الحفاظ على العلاقات التي قد تتزحزح بسبب الدخول في نقاشات وجدالات، فيما البعض الآخر يتجنب الخوض في حل النزاعات خوفا من أن يتولد عن ذلك مشاكل أكثر خطورة.
التسامح : في الكثير من سيناريوهات حل النزاع، تأخذ الأطراف منحى التسامح، والتنازل، وعدم التشبث بالرأي وإظهار الطيبوبة ولو على حساب الأهداف الشخصية. وحجتهم أو دافعهم في اتخاذ هذا الموقف خشيتهم من أن تتأثر العلاقات الجيدة بين أطراف النزاع أو يتولد سوء تفاهم عام.
الانتصار أو الهزيمة : وعنوان هذا الأسلوب المواجهة والهجوم والتشبث بالرأي، ورفض الرأي الآخر. هذا الموقف غالبا ما يتخذه الطرف الذي لا يؤمن بالتوافق والتراضي، ولا يقبل القسمة على اثنين فإما أن يخرج منتصرا أو منهزما. وبما أنه لن يقبل الهزيمة، فإنه يعمل كل ما في وسعه لإثبات تفوقه، والخروج من المعركة منتصرا مهما كلف الثمن.
التوفيق: يعتبر هذا الأسلوب الأنجع والفعال في حل النزاعات، إذ يفتح المجال لكافة الأطراف لطرح أفكارهما وأهدافها، والتوصل بشأنها إلى صيغة يقبلها الجميع. كما أن هذا الأسلوب يضمن المحافظة على العلاقات، ويزيد من الاحترام والتقدير المتبادلين.
وإذا كانت الأساليب الثلاثة السابقة تنم عن تدبير سلبي للنزاع، سواء من خلال التنازل عن الأهداف الشخصية تحت ذريعة الخوف على زعزعة العلاقات، أو من خلال المواجهة التي لا تقبل القسمة على اثنين،فإن أسلوب التوفيق يعطي أهمية بالغة لحل المشكل انطلاقا من مبدأ الأخذ والعطاء، والحوار والتواصل، والدعم المتبادل، وإيمانا بأن هناك طرق كثيرة لتحقيق الأهداف حين تقبل الأطراف بالانخراط في مناقشة الخلافات المطروحة بصدر رحب.
ترتكز سيرورة حل النزاع على إستراتيجية مكونة من ست مراحل ابتداء من مرحلة وضع اليد عن المشكل أو المشكلات مصدر النزاع وانتهاء بمرحلة التوافق والتراضي والمحافظة على العلاقة الإنسانية بين الشخصين.
مراحل حل النزاع :
1- تشخيص النزاع وتحديد صنفه :
تعتبر هذه المرحلة أول خطوة على درب التوصل إلى حل، وهي عملية تحليلية وتشخيصية لطبيعة النزاع، وذلك من أجل تصنيفه. ويمكن تقسيم النزاعات إلى ثلاثة أصناف: نزاع المصالح، نزاع الأفكار والآراء، نزاع الاحتياجات. وبعد عملية التصنيف تأتي عملية التحليل.
2- تحليل النزاع :
خلال عملية التحليل يتم بسط الأوضاع، وطرح الأسئلة، وجمع المعطيات والمعلومات، وذلك بغية استجلاء الحقائق كاملة، ابتداء من جذور المشكل وانتهاء بأبعاده مرورا بالأشخاص المعنيين.
وعليه فإن هذه المرحلة تتطلب الاستماع لأطراف النزاع وإعطائهم الفرصة للتعبير عن مواقفهم بحرية ووضوح، مما قد يكسف عن بعض الأمور التي كانت سبب في النزاع والتي تكون مرتبطة بتصورات وتمثلات معينة، أو حمولات عقائدية أو فكرية أو عرفية أو سياسية أو نقابية…
3- تحديد احتياجات طرفي النزاع:
بعد المكاشفة التي تتم بين طرفي النزاع، قد تبدوا احتياجات كل طرف واضحة، فإذا كان بالإمكان إيجاد صيغة لتحديد هدف مشترك للطرفين، فإن ذلك سيعفي الوسيط من البحث عن حلول أخرى. وإذا تباينت الأهداف والاحتياجات بشكل كبير فإن ذلك سيتطلب المزيد من الجهد والوقت لإتاحة الفرصة للتراضي والتوافق. وفي هذا السياق يجب أن يفهم الطرفان ويقتنعان أن التفاوض يجب أن يرتكز على الحاجات وليس على المطالب والرغبات لأن هذه الأخيرة لا يمكن تحقيقها داخل إطار تنظيمي كالمؤسسة التربوية، لأنها قد تتعارض مع مطالب ورغبات الآخرين.
4-تقييم الوضعية :
من خلال تحديد احتياجات طرفي النزاع، يبدو للوسيط إن كان النزاع قابل للتدبير بشكل كلي أو يحتاج إلى تدبير مرحلي، من خلال تقسيمه إلى مشكلات صغيرة يتم التغلب عليها وحلها تباعا، مما قد يفضي إلى حل للنزاع. كما أنه يكون فكرة عن مدى حدة النزاع وتشعبه، والوقت اللازم لحله، والأطراف التي يمكنها القيام بالوساطة الايجابية والفعالة، والترتيب الكرونولوجي للإجراءات الواجب اتخاذها. إذن يجب وضع تخطيط جيد لسيرورة حل النزاع من خلال تقييم الوضعية.
5-البحث عن الحلول :
في هذه المرحلة يجب أن يدفع الوسيط في اتجاه التفاوض الايجابي والبناء بين طرفي النزاع على أساس أرضية متفق بشأنها، على اعتبار أن التفاوض وحدة كفيلة بالمساهمة في تقريب وجهات النظر و تعرف هذا الطرف على حاجيات وأهداف الطرف الثاني، مما يساهم في التوصل إلى الحلول المرضية.
6-الاتفاق والتراضي :
عندما تتكون لدى الطرفين رؤية موحدة حول ما ينبغي فعله، أو حول القرارات الواجب اتخاذها، يمكن أن نقيس من خلالها ثقل وصيانة هذا التوافق والتراضي. فمع الدخول في مرحلة تنفيذ القرارات المتفق بشأنها يتضح مدى قدرة طرفي النزاع على الالتزام بتعهداتهما، وعدم الاستسلام للرغبات النرجسية التي قد تعيد الأمور إلى الصفر.
ونخلص في النهاية إلى أن تدبير المشكلات والنزاعات يتطلب من القيادي حسن تدبير العلاقات الإنسانية داخل المؤسسة معتمدا على شخصيه في بعدها الأخلاقي والاجتماعي والإنساني، ومن خلال التزامه، بأخلاقيات المهنة، واتصافه بالهدوء والمرونة وقدرته على الإصغاء والاستماع، وتجنبه الانفعال والتحيز.
9 -التواصل الإداري :
التواصل معطى يفرض نفسه بقوة في سياق المهام والأدوار والمسؤوليات التي أنيطت برجل الإدارة التربوية، إنه القناة التي تنقل من خلالها المعلومات والأفكار والتوجيهات بهدف أحداث التفاعل والانسجام بين الأفراد والجماعات. كما أنه وسيلة للتنسيق بين مختلف أطراف العمل التربوي، وعملية حيوية في اتخاذ القرارات وما يتطلبه ذلك من توافر المعلومات الضرورية بالسرعة والدقة اللازمتين لتكون هذه القرارات صائبة.
من هذا المنطلق يبدو السؤال حول مفهوم التواصل سؤالا مشروعا تقتضيه مرحلة الإصلاح والتأسيس لإدارة تربوية حديثة.
والتواصل الإداري كما يعرفه عبد الحميد البدري هو: ” العملية التي يتم من خلالها نقل التوجيهات والمعلومات والأفكار وما شبهها من فرد إلى آخر أو من مجموعة إلى أخرى، وهي عملية يتم عن طريقها إحداث التفاعل بين الأفراد”. –الأساليب القيادية والإدارية في المؤسسات التعليمية-.
ولعل من محاسن هذا التعريف أنه يعري عن عيوب تلك النظرة الضيقة للفعل التواصلي، والتي اختزلته في عملية تبليغ المعلومات والأوامر والمستجدات إلى من يعينهم الأمن، ليعطيه بعدا تفاعليا بحيث يصبح التواصل فعلا جزئيا يحدث حركية وتفاعل بين الأفراد والجماعات مما يتيح فرصة النقاش وتبادل الرؤى والأفكار سعيا إلى تحقيق التوافق والتراضي.
والتواصل نوعان، تواصل رسمي، وتواصل غير رسمي. فأما النوع الأول، فهو الذي يتم من خلال قنوات ووسائط رسمية معروفة، حيث يتم تبليغ ما يراد تبليغه من خلال مذكرات ومراسلات ومناشير. كما يتم هذا النوع من التواصل في احترام تام للتسلسل الإداري.
وأما النوع الثاني، فيتم من خلال العلاقات الشخصية والاجتماعية للأفراد أكثر مما يتم على أساس تراتبية السلطة، ويتميز هذا النوع من التواصل بطابع التلقائية وبدون ضغوط رسمية أو إلزام خارجي، مما يساهم في توفر المعلومات وتدفق المستجدات التي قد لا تتوفر بالطرق الرسمية، بنفس السرعة ونفس الكمية.
إن للتواصل دور هام في قيادة المؤسسات التربوية لما له من حضور قوي على مستوى التبليغ والتشاور والتفاوض والإقناع واتخاذ القرارات. وسعيا وراء خلق تواصل جيد وفعال، يجب على رجل الإدارة التربوية أن يكون واعيا بأدبيات التواصل، مدركا لمعيقاته. ومن الأمور التي يجب عليه تجنبها هناك:
– الإجابة قبل الاستماع إلى وجهة نظر المخاطب؛
– إعداد الجواب ذهنيا عوض الانتباه إلى مضمون رسالة المحاور؛
– رفض الرسالة في مجملها نظرا لتضمينها لعيب بسيط؛
– التأثر بارتسامات سابقة عن المحاور وإسقاطها على ما يقوله ؛
– البحث عن الغلبة والتمييز على حساب الآخر؛
– التحدث بخشونة ودون لباقة؛
– الانقياد للغضب وروح الانتقام وقطع الاتصال.
وختاما يجب أن نقتنع كفاعلين تربويين أن التواصل الفعال هو أحد الشروط الضرورية لتدبير فعال. فكل العمليات الإدارية والتربوية، وكل الإجراءات الرامية إلى الإصلاح تمر عبر قناة التواصل لشرح الأهداف وحشد الدعم وحل المشكلات وفض النزاعات… كما أن التواصل في بعده التشاوري سيفتح المجال أمام تدبير تشاركي من خلال انتهاج أساليب الحوار والشفافية وما ينتج عنها من اتفاق وإجماع ورضا، والقطيعة مع أساليب الاستبداد بالرأي والقرار، وما يستتبع ذلك من إخفاقات وتذمر…
انسجاما مع المبادئ الأساسية التي اعتمدها الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وتماشيا مع غايات وأهداف المشروع المجتمعي الحداثي، الذي تلتزم المؤسسة التربوية بالانخراط في بنائه عبر انفتاحها على محيطها، وجعل فضائها ورشا مفتوحا للاندماج والتشارك والتواصل بين مختلف الفاعلين، فقد ظهرت بعض المفاهيم كالحياة المدرسية، مشروع المؤسسة، ومشروع الحوض المدرسي، واعتبرت من مقومات التجديد التربوي بالمؤسسات التربوية. فماذا نعني بهذه المفاهيم، وما هو دور كل عنصر في تفعيل أوراش الإصلاح وفي تبوئ المؤسسة التعليمية المكانة اللائقة كفضاء لإرساء القيم الأساسية للمشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي.
1- الحياة المدرسية :
منذ صدور الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ووزارة التربية الوطنية تولي اهتماما واسعا بضرورة تفعيل الحياة المدرسية، وذلك من خلال إصدار العديد من النصوص التنظيمية والمذكرات التي تؤثث للمدرسة المغربية الوطنية الجديدة والتي تسعى، كما خطط لها، أن تكون ” مفعمة بالحياة بفضل نهج تربوي نشيط، يجاوز التلقي السلبي والعمل الفردي إلى اعتماد التعلم الذاتي، والقدرة على الحوار والمشاركة في الاجتهاد الجماعي، ومفتوحة على محيطها بفضل نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع في قلب المدرسة، والخروج إليه منها بكل ما يعود بالنفع على الوطن” الميثاق الوطني –المادة 9.
فما المقصود إذن بالحياة المدرسية ؟ وما هي مرتكزاتها ؟ وغاياتها؟ وما هي حدود تفعيلها؟
1-1- مفهوم الحياة المدرسية :
” تعتبر الحياة المدرسية جزءا من الحياة العامة المتميزة بالسرعة والتدفق التي تستدعي التجاوب والتفاعل مع المتغيرات الاقتصادية والقيم الاجتماعية والتطورات المعرفية والتكنولوجية التي يعرفها المجتمع، حيث تصبح المدرسة مجالا خاصا للتنمية البشرية، والحياة المدرسية بهذا المعنى تعد الفرد للتكيف مع التحولات العامة والتعامل معها بايجابية، وتعلمه أساليب الحياة الجماعية، وتعمق الوظيفة الاجتماعية للتربية، مما يعكس الأهمية القصوى لإعداد النشء، أطفالا وشبابا لممارسة حياة قائمة على اكتساب مجموعة من القيم داخل فضاءات عامة مشتركة”. دليل الحياة المدرسية–وزارة التربية الوطنية والشباب -2003
ومن هذا المنظور يمكن تعريف الحياة الدرسية من زاويتين متكاملتين، فهي من جهة ” مناخا وظيفيا مندمجا في مكونات العمل المدرسي، يستوجب عناية خاصة ضمانا لتوفير مناخ سليم وايجابي، يساعد المتعلمين على التعلم، واكتساب قيم وسلوكات بناءة”، و من جهة أخرى ” حياة اعتيادية يومية للمتعلمين يعيشونها أفرادا وجماعات داخل نسق عام منظم، ويتمثل جوهر هذه الحياة المعيشية داخل الفضاءات المدرسية في الكيفية التي يحيون بها تجاربهم المدرسية، وإحساسهم الذاتي بواقع أجوائها النفسية والعاطفية”. نفس المرجع اعلاه.
2-1- مرتكزات الحياة المدرسية :
إن تفعيل الحياة المدرسية كتوجه يسعى إلى توفير المناخ والفضاء السليمين لممارسة المتعلمين لحقوقهم، واحترامهم لواجباتهم، واكتساب المعارف والكفايات والقيم الصالحة التي تؤهلهم لتحمل المسؤولية الوطنية، يجب أن ينطلق من المرتكزات الثابثة التي جاء بها الميثاق الوطني للتربية والتكوين وهي كالتالي :
– مبادئ العقيدة الإسلامية وقيمها الرامية إلى تكوين الفرد تكوينا يتصف بالاستقامة والصلاح ويتسم بالاعتدال والتسامح، ويتوق إلى طلب العلم والمعرفة، ويطمح إلى المزيد من الإبداع المطبوع بروح المبادرة الايجابية والإنتاجية النافع؛
– الالتحام بكيان المملكة المغربية العريق القائم على ثوابت ومقدسات يجليها الإيمان بالله، وحب الوطن، والتمسك بالملكية الدستورية؛
– المشاركة الايجابية في الشأن العام، والوعي بالواجبات والحقوق، والتشبع بروح الحوار، وقبول الاختلاف، وتبني الممارسة الديمقراطية في ظل دولة الحق والقانون؛
– الوفاء للأصالة والتطلع للمعاصرة، والتفاعل مع مقومات الهوية في انسجام وتكامل وترسيخ الآليات والأنظمة التي تكرس حقوق الإنسان وتدعم كرامته؛
-جعل المتعلم في قلب الاهتمام والتفكير والفعل، خلال العملية التربية التكوينية، حتى ينهض بوظائفه كاملة تجاه وطنه، وذلك بتحديد حقوق المتعلم وواجباته في علاقاته مع مختلف المتدخلين التربويين والإداريين بالمؤسسة.
كما أن الحياة المدرسية، وباعتبارها فلسفة تربوية تهدف إلى أن تكون سيرورة متجددة قادرة على مواكبة الحياة العامة في سياقها مع مستجدات العصر، ترتكز على مجموعة من الدعامات الأساسية والتكميلية ترتبط أساسا بالمجالات المعرفية، والقيم الإنسانية والأخلاقية والمشاركة الديمقراطية نذكر منها :
– دعم المعارف الأساسية وتطوير المستوى الثقافي، اللذين يعدان من الشروط اللازمة للاندماج الاجتماعي وتجنب كل أنواع الإقصاء والتهميش؛
– تشجيع القدرة على التحليل والتفكير والنقد اعتمادا على أسس وقواعد ديمقراطية حقيقية، والعمل على أن تكون حظوظ المتعلمين متساوية، ذلك أن نجاح الشباب في حياتهم التعليمية يؤسس هويتهم الاجتماعية والمهنية، وبالتالي فإن فشلهم يضاعف مخاطر التهميش والإقصاء، ويعمل على انفصام عرى الروابط الاجتماعية.
– تثبيت ودعم القيم المشتركة وإنماء درجات الوعي بالحقوق الشخصية والواجبات القائمة على المقومات الدينية والوطنية والأخلاقية؛
– العناية بالتنوع الثقافي باعتباره مؤشرا للتربية على القيم والتشبع بروح الحوار وقبول الاختلاف، وتبني الممارسة الديمقراطية،واحترام حقوق الإنسان وتدعيم كرامته؛
– تشجيع تعدد المقاربات في مجال اكتساب المعارف، ويعني هذا تدعيم نمو الفرد وتعزيز إيمانه بقدراته الذاتية، انطلاقا من توفير الأجواء النفسية الملائمة لإنماء قدراته الابتكارية، وتعزيز استقلاليته وبناء مشاريعه الشخصية وتدعيم مبدأ احترام الآخر، وتطوير معنى المسؤوليات الاجتماعية في سياق التعاون والتآزر؛
– إعطاء أهمية خاصة لتطوير البرامج التعليمية ومحتويات الكتب المدرسية وباقي الأدوات المادية والديداكتيكية، بما فيها التكنولوجيا الجديدة، بغية تكوين مواطن مندمج مع محيطه السوسيو- ثقافي.
3-1- غايات الحياة المدرسية :
تحدد غايات الحياة المدرسية انطلاقا من المرتكزات الثابثة والغايات الكبرى للميثاق الوطني للتربية والتكوين. وهكذا فإن المدرسة الوطنية الجديدة تسعى لتمكين روادها من :
– إعمال الفكر، والقدرة على الفهم والتحليل والنقاش الحر وإبداء الرأي واحترام الرأي الآخر؛
– التربية على الممارسة الديمقراطية وتكريس النهج الحداثي الديمقراطي؛
– النمو المتوازن عقليا ونفسيا ووجدانيا؛
– تنمية الكفايات والمهارات والقدرات لاكتساب المعارف وبناء المشاريع الشخصية؛
– تكريس المظاهر السلوكية الايجابية، والاعتناء بالنظافة ولياقة الهندام، وتجنب ارتداء أي لباس يتنافى والذوق العام، والتحلي بحسن السلوك أثناء التعامل مع كل الفاعلين في الحياة المدرسية؛
– جعل المدرسة فضاء خصبا يساعد على تفجير الطاقات الإبداعية واكتساب المواهب في مختلف المجالات؛
– الرغبة في الحياة المدرسية، والإقبال على المشاركة في مختلف أنشطتها اليومية بتلقائية؛
– الاستمتاع بحياة التلمذة، وبالحق في عيش مراحل الطفولة والمراهقة والسباب من خلال المشاركة الفاعلة في مختلف أنشطة الحياة المدرسية وتدبيرها؛
– الاعتناء بكل فضاءات المؤسسة وجعلها قطبا جذابا وفضاء مريحا.
– جعل الحياة المدرسية عامة، والعمل اليومي للتلميذ خاصة، مجالا للإقبال على متعة التحصيل الجاد؛
4-1- تفعيل الحياة المدرسية :
تحيل كلمة تفعيل إلى التحريك والدفع في اتجاه التغيير من خلال الخلق والإبداع داخل جو من النشاط والدينامية والتعاون الجماعي. وتفعيل دور الحياة المدرسية بهذا المفهوم هو الدفع في اتجاه إخراج المؤسسة التربوية من السكونية والرتابة والانغلاق إلى الحركية والتجديد والانفتاح.
وعليه، واعتبارا لدور الحياة المدرسية في تهيئ الفرد للتكيف مع مختلف التحولات العامة والخاصة، وتبعا لخصوصية الحياة المدرسية وما تتطلبه من توجيه وتنظيم متواصلين لتوفير مناخ تربوي سليم، فإن المذكرة الوزارية رقم 87 المؤرخة في 10 يوليوز 2003 قد حددت مجموعة من التدابير العملية قصد تفعيل أدوار الحياة المدرسية وهي كالتالي :
– قيام مجالس المؤسسة بأدوارها المنصوص عليها في المرسوم رقم 376 الصادر بتاريخ 17 يوليوز 2002 بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي.
– العمل بمشروع المؤسسة المتصل بالحياة اليومية لها، والهادف إلى دعم العمل التربوي في مختلف مساراته، سعيا إلى رفع مستوى التعليم وتحسين جودته وإلى تحقيق الترقي الذاتي للتلميذات والتلاميذ؛
– إشراك الفاعلين التربويين والاجتماعيين والاقتصاديين من تلاميذ وأساتذة وإداريين ومفتشين وجمعيات آباء وأولياء التلاميذ، وسلطات وجماعات محلية، وفاعلين اقتصاديين، وشركاء اجتماعيين وثقافيين ومبدعين، ومختلف فعاليات المجتمع المدني في بلورة مشروع المؤسسة وفي تنفيذه؛
– إخبار مختلف الشركاء الجهويين والإقليميين والمحليين ببرامج المؤسسة وإشراكهم في إعدادها وتتبع تنفيذها وتقويمها؛
– انتهاج المقاربة التشاركية التي تتجلى في تحسين وتوعية كل طرف بأدواره في تدبير الشأن التربوي محليا، وفي التعبئة الشاملة من أجل كسب رهان الإصلاح؛
– خلق الفرص الممكنة لتجسيد المشاركة على أرض الواقع والعمل على انفتاح المؤسسة على محيطها الاجتماعي والثقافي والاقتصادي؛
– انتهاج الشفافية في تدبير الموارد المالية تخليقا للحياة العامة وتنفيذا لميثاق حسن التدبير.
5-1- معيقات الحياة المدرسية:
يكاد يجمع المتتبعون للشأن التربوي على أهمية تفعيل الحياة المدرسية انطلاقا من الرغبة الملحة في تجاوز واقع مافتئ يفرز ظواهر مرضية تعمل على تدمير المجتمع وقطع روابط الألفة والتعايش والمحبة، وسعيا وراء تعميق الوظيفة التربوية والاجتماعية للمدرسة، من خلال إحلال بدائل تعليمية– تعلمية تساعد المتعلمين على اتخاذ مواقف ايجابية اتجاه أنفسهم واتجاه الآخر وإثارة الطموح لديهم، وتحسيسهم بالمسؤولية، وتشجيعهم على التعاون والتكافل والقبول بالآخر بعيد ا عن كل تعصب وانغلاق.
إلا أننا بالمقابل نقر بوجود مجموعة من العراقيل والمعيقات المتنوعة التي تحول دون ترجمة مضامين المذكرات والنشرات إلى واقع ملموس. وقد حدد الدكتور جميل حمداوي جملة من المعيقات وصنفها كالتالي :
· معيقات ديداكتيكية : وهي المعيقات ذات الصلة بالمناهج وطرق التدريس التي لازالت تركن إلى النمط التلقيني، في غياب تام للجانب التنشيطي. ولعل ما يعزز هذا الطرح الغياب الشبه التام للكفايات التنشيطية داخل الكتاب المدرسي، وحتى وإن وجدت، فهي إشارات عابرة لا تدخل في صميم الممارسة اليداكتيكية؛
· معيقات إدارية : في هذا السياق يرى الدكتور جميل حمداوي أن ضعف المبادرة لدى الفاعلين التربويين، وعدم وجود منشطين مختصين، وغياب التحفيز وانعدام وقت الفراغ، كلها عوامل تجعل من الفعل التنشيطي الاستثناء وليس القاعدة.
· معيقات مادية وبشرية : وهي معيقات مرتبطة بضعف الإمكانات المادية والبشرية المرصودة. فتفعيل الحياة المدرسية رهين بتوفر الدعم اللوجستي من جهة والكفاءات البشرية من جهة أخرى. إن افتقار المؤسسات لقاعات التشخيص المسرحي، وورشات الرسم والفنون التشكيلية الأخرى، والأندية الثقافية والفنية والرياضية، وغياب المنشطين المتخصصين، كلها عراقيل تقف أمام كل مبادرة لتأسيس مدرسة تنبض بالحياة.
· معيقات اجتماعية: يلاحظ أن الأنشطة ذات البعد الفني أو الثقافي أو الرياضي لا زالت لم تحض بالقبول والرضا من طرف عدد كبير من الأسر، وهكذا نجد العديد من الأمهات والآباء يرفضون انخراط أبنائهم وبناتهم في أي أنشطة ثقافة أو فنية أو رياضية ويعتبرونها مضيعة للوقت، بل وقد تؤثر سلبا على مسارهم الدراسي، وعلى سلوكهم وأخلاقهم، إذ يخشون من احتكاكهم بأشخاص منحرفين.
وهكذا نخلص إلى أن الحاجة إلى تفعيل أدوار الحياة المدرسية نابعة من رغبة ملحة في التغيير والتجديد، رغبة في القطيعة مع مدرسة منغلقة على نفسها وبالتالي لا تفرز إلا علاقات منغلقة وأجيالا لا تؤمن بالانفتاح على الآخر. إن مقاربة الحياة المدرسية “جاءت في سياق مليء بالتحديات، سياق يقتضي إعادة صياغة مفهوم التلمذة، ونقل هذا المفهوم من حقل عقلية الانصياع والامتثال، إلى حقل تكويني قائم على فلسفة المواطنة وحقوق الإنسان” . محمد مكسي – جريدة “التربوية”- العدد 3 – 5 مارس 2007
وعليه، فإن في الحياة المدرسية، كما في الحياة الاعتيادية، يتطلب إقرار قيم المواطنة والديمقراطية وحقوق الإنسان، إشراك الجميع في اتخاذ القرارات في المجال التربوي التعليمي، ومحاربة كل أشكال الإقصاء، وترسيخ الممارسة الديمقراطية داخل المؤسسة التربوية من خلال إعطاء الفرصة للمتعلمين لممارسة حقهم في المناقشة وإعمال الفكر على أساس الحوار المسؤول والبناء مما يتيح دعم مفهومهم وتعزيز إيمانهم بقدراتهم الذاتية واستقلاليتهم واحترام الآخرين، والإحساس بالمسؤولية.
2-مشروع المؤسسة :
مشروع المؤسسة آلية من آليات تفعيل الحياة المدرسية، ويعتبر من مقومات التجديد التربوي بالمؤسسات التربوية . وهو فلسفة تتوخى الرفع من مستوى التحصيل لدى المتعلمين، والسمو بجودة علاقة المؤسسة التربوية بمحيطها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، من خلال انخراط كل الفاعلين سواء من داخل الفضاء المدرسي أو من خارجه، في بلورة مشاريع منسجمة مع حاجيات المتعلمين والمؤسسة وتستجيب لانتظار المجتمع المحلي.
ومشروع المؤسسة كما تعرفه وزارة التربية الوطنية هو ” برنامج إرادي وخطة تطوعية مؤلفة من مجموعة من الأعمال المنسجمة التي تهدف إلى الحصول على أفضل النتائج في المؤسسات التعليمية، والرفع من مستوى التحصيل بها، والسمو بجودة علاقتها بالمحيط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي”.
1-2- مواصفات مشروع المؤسسة:
تنص المذكرة الوزارية رقم 73 بتاريخ 12 ابريل 1994. على مجموعة من المواصفات التي يجب أن تتوفر في مشروع المؤسسة ومنها :
– أن يتمحور حول موضوع له اتصال مباشر بالحياة اليومية للمؤسسة وأن يهدف إلى دعم العمل التربوي في مختلف مساراته؛
– أن راعي في إعداده طبيعة المؤسسة المعينة والتشخيص المسبق للقضايا ذات الأولوية؛
– أن يتسم بالواقعية، وإمكانية تطبيقه اعتمادا على الإمكانات الذاتية المتوفرة؛
– أن يساهم في إعداده التلاميذ والأطر التربوية والإدارية وشركاء المؤسسة؛
– أن تحدد أهداف المشروع، ومراحل انجازه، والسقف الزمني، والمكان والموارد البشرية والإمكانات المادية والمالية، ووسائل تقويمه قبليا ومرحليا ونهائيا.
وبما أن مشروع المؤسسة يندرج في إطار الأهداف العامة للنظام التربوي الوطني أهداف المشروع الأكاديمي الجهوي، فإنه يراعى في وضعه وتنفيذه وتتبعه وتقويمه المبادئ والتوجهات العامة والتشريعات والتنظيمات الجاري بها العمل.
2-2- مراحل انجاز المشروع :
يمكن حصر مراحل إنجاز المشروع في ثلاث مراحل : مرحة الإعداد والتحضير، مرحلة التنفيذ، وأخيرا مرحلة التقويم والتتبع. وكل مرحلة من هذه المراحل تشمل مجموعة من العمليات والإجراءات.
مرحلة الإعداد والتحضير :
تتضمن مرحلة الإعداد والتحضير مجموعة من العمليات والإجراءات، ولعل أولاها العمل على خلق مناخ مناسب للعمل، والتعبئة للمشروع من خلال التحسيس بأهميته وأهدافه ودواعيه. بعد ذلك يقوم الفريق بتشخيص لوضعية المؤسسة للوقوف على الإمكانات الذاتية، والمعيقات التنظيمية والعلائقية واللوجستيكية وكذا العلاقة بين المؤسسة ومحيطها التربوي والاجتماعي والاقتصادي والبيئي.
وعلى ضوء نتائج عملية التشخيص يقوم الفريق بانتقاء المشروع وصياغة أهدافه العامة والإجرائية، ووضع تصميم للعمليات وبرمجتها، واختيار الوسائل واقتناؤها وبناء عدة التقويم وأدواته.
ثم في الأخير صياغة وثيقة المشروع، وعرضها على الجهات المختصة للمصادقة عليها. وتجدر الإشارة أن المذكرة الوزارية رقم 27 الصادرة بتاريخ 24 فبراير 1995 تنص على ضرورة تقديم المشاريع للمصادقة عليها قبل متم شهر مارس من السنة الدراسية حيث تتم دراستها واتخاذ القرار بشأنها خلال شهر يونيو.
مرحلة التنفيذ :
بعد المصادقة على المشروع تبدأ مرحلة الانجاز وما تضمنه من عمليات وإجراءات تتعلق بتدبير وتسيير المشروع. وهكذا تبدأ هذه المرحلة بتوزيع الأدوار والمهام على فريق العمل، وتنظيم البنيات والخدمات ( الموارد، الوسائل، سكرتارية المشروع، فضاءاته، بنية الاتصال…). ومع أول حركة لعجلات المشروع تبدأ عملية التسيير وما تتضمنه من توجيه والتتبع والضبط والمساعدة، وتحفيز المشاركين، وتدريبهم على المهارات والخبرات التي هم في حاجة لها، والإبقاء على التواصل مع المحيط الخارجي.
التتبع والتقويم :
وأخيرا تأتي مرحلة التتبع والتقويم وتشمل متابعة العمل أولا بأول للوقوف على مدى مطابقته لأهداف المرسومة، حتى إذا ظهر انحراف عما هو مخطط له، أمكن تقويمه قبل أن يستفحل.
وهذا يقتضي بالطبع وضع عدة للتقويم تقاس عليها الأعمال المنجزة ،وتقرير أساليب التقويم، واتخاذ القرار للتحسين والتطوير.
وهكذا نخلص إلى أن مشروع المؤسسة آلية داعمة للتجديد التربوي، وقناة عملية تكرس لمدرسة الحياة، من خلال تربية النشء على المبادرة الفردية، والحرية، وتنمية الفكر التعاوني والتشاركي، وإقامة علاقات على أسس الاحترام المتبادل، والقبول بالاختلاف بعيدا عن كل تعصب وعنف.
ومن جهة أخرى لابد من الإقرار بأن مشروع المؤسسة يتطلب نفسا طويلا وجهودا جبارة، مما يستلزم وجود قيادي محنك يتقمص عدة أدوار في آن واحد بدءا بدور المبادر الذي يسعى إلى تجاوز كل المعيقات التي تشل سير العملية التعليمية-التعلمية من خلال اقتراح مشاريع – حلول، وانتهاء بدور ضابط الصراعات والأزمات، مرورا بأدوار الرابط والرائد والمفاوض والملاحظ والمتتبع لكل ما يجري حوله.
3- مشروع الحوض المدرسي :
يتكون الحوض المدرسي من ثانوية إعدادية و المؤسسات التعليمية الابتدائية التي تشكل روافدها.
وقد استحدث الحوض المدرسي في إطار مشاريع التعاون الثنائي – خصوصا مشروع دعم التعليم الأساسي APEF- توخيا لمقاربة قضايا التربية والتكوين على صعيد المؤسسات التعليمية المشكلة للحوض المدرسي.
ومشروع الحوض المدرسي هو مشروع تربوي تتم صياغته بناء على مختلف المشاريع البيداغوجية المقترحة بالمؤسسات التعليمية المكونة له.
ويعتمد في بناء مشروع الحوض المدرسي على الخطوات التالية :
– تحليل وضعية التربية والتكوين بالحوض المدرسي بناء على مؤشرات التمدرس المميزة له؛
– تحديد القضايا والإشكالات المميزة للحوض : احتفاظ، هدر، التحاق، انقطاع مبكر…
– تحديد أولويات التدخل ومجالاته؛
– تحديد الأهداف والنتائج المتوخاة (لسنة واحدة أو لثلاث سنوات)؛
– اقتراح عمليات التدخل؛
– أجرأة العمليات المقترحة إلى مهمات؛
– أجرأة المهمات المقترحة؛
– وضع الكرونوغرامات المتعلقة بمختلف العمليات والمهمات المقترحة؛
– التقويمات : شخصية، مرحلية، نهائية.
ومن بين خصائص مشروع الحوض المدرسي نذكر :
· الإنسجام :باعتباره مجموعة من مشاريع مبرمجة بالمؤسسات التعليمية المكونة له وذات الصلة بالمؤشرات نفسها، فإن مشروع الحوض المدرسي يتميز بالانسجام بنوعيه الداخلي والخارجي. الانسجام الداخلي بين العمليات المقترحة، ويتجلى في مخاطبتها وتعاملها مع المؤشرات المميزة للحوض. والانسجام الخارجي بين العمليات المقترحة ومقتضيات التربية والتكوين برمتها حسب التوجهات العامة للدولة في القطاع.
· التغطية : وتتجسد في تغطية العمليات المقترحة للأهداف والنتائج المنشودة من وراء التدخل بالحوض وكذا المؤشرات المستهدف تحسينها وتجويدها.
· التشارك : مشروع الحوض المدرسي مشروع تشاركي بامتياز ويهم كافة الفاعلين والشركاء العاملين بالمؤسسات التعليمية المكونة له. ويقتضي التشارك الانخراط الفعلي والفعال لهؤلاء جميعا، الشيء الذي يقتضي أن يتم الإشراك منذ عمليات التشخيص الأولى ضمانا لتحقيق الانخراط الفعلي للشركاء والفاعلين خلال التنفيذ.
· التقاسم : ويهم الاطلاع على مختلف العمليات وتتبع تنفيذها باستمرار اعتمادا على وسائل وأدوات خاصة مثل النشرات والتقارير والاجتماعات واللقاءات التنسيقية والإخبارية وغيرها، مما يضمن وضع المعلومات المتعلقة بعمليات المشروع رهن المعنيين بها. كما يقصد بالتقاسم أيضا التواصل والإخبار الذين يستلزم تنفيذ المشروع الاضطلاع بهما من لدن كافة القائمين عليه.
يعتبر إذن مفهوم الحوض المدرسي عنصرا جديدا يسعى إلى ضمان مبدأين أساسين في مقاربته لقضايا التربية والتكوين، مبدأ الاستمرارية، من خلال تمكين المتعلمين من سيرورة دراسية مستمرة من التعليم الأولي إلى التعليم الثانوي الإعدادي مرورا بالتعليم الابتدائي. ومبدأ الشمولية على اعتبار أنه يعتمد نظرة شمولية على صعيد الحوض ككل في كل مخطط أو إستراتيجية يهدفان إلى الارتقاء بجودة المنتوج التربوي.
خاتمة:
اعتبارا لأهمية الإدارة التربوية كعنصر فاعل و فعال داخل المنظومة التربوية،واقتناعا بدورها المتميز في أجرأة مضامين الإصلاح،وإيمانا بقدرتها على إشاعة ثقافة الإحساس بالمسؤولية واحترام أخلاقيات المهنة، يمكن أن نجزم القول بكل جرأة و شجاعة ان إسناد مناصب الإدارة التربوية ليس مكافأة على سنوات الكد و الجد داخل الفصل،و بالتالي جاء الوقت لاستراحة المحارب، بل يجب أن يكون الترشح لشغل هدا المنصب نابع من إرادة قوية في اقتحام عالم الإدارة بكل تحدياته وتسخير التجارب و الخبرات التي راكمها الأستاذ في تحقيق نجاح آخر سيكون له دون شك طعم آخر.
إن خلق مدرسة جديدة مفعمة بالحياة وقادرة على رفع التحديات الآنية و المستقبلية رهين بوجود إدارة حكيمة تمثل القدوة في المواظبة والاجتهاد و السلوك. وإذا كانت السلطات المكلفة بالتربية و التعليم قد أبانت على جديتها في إعطاء الإدارة التربوية ما يلزمها من عناية قصد تأهيلها، فان هذه الأخيرة مطالبة بإثبات قدرتها على تأهلها الذاتي.
أما أنت أخي المترشح ،إذا ما نجحت في شغل منصب في الإدارة التربوية قد يتيح لك هذا فرصة الحرية في الحضور و الانصراف متى تشاء،لكن عليك أن لا تنسى أن بحضورك ستضبط حضور أتباعك و باجتهادك وتفانيك ستضمن اجتهاد وإخلاص الآخرين. فضبط المواظبة وتحفيز الآخرين على البدل والعطاء ليس بالمعضلة الكبرى كما قد يفهم البعض لأن وصول الرئيس في الموعد يضمن وصول الآخرين، وبقاؤه إلى نهاية الحصة كفيل ببقائهم. كما أنه إذا لم يكن قدوة في الاجتهاد فلا ينتظر من الآخرين أن يبذلوا قصارى جهدهم، لأنه بكل بساطة هو القائد، والقائد هو الذي يخطط تفاصيل المعركة للباقين وهو الذي يسبقهم إلى ساحة الوغى.
تسليم المهام:
إن سير المؤسسات العمومية يجب أن لا يتأثر سلبا بتغيير المسؤولين عنها. فالمؤسسة قارة وثابتة، بينما الأشخاص يتغيرون وينتقلون. وينبغي أن يكون انتقالهم شخصيا قط، فلا يسوغ لهم نقل ممتلكات المؤسسة القديمة إلى المؤسسة التي انتقلوا إليها، لأن ذلك يتنافى من جهة مع القوانين الجاري بها العمل، ومن جهة أخرى يوقع المسؤول الجديد في مشاكل لعدم توفره على الوثائق والوسائل الضرورية.
عند تعيين موظف على رأس مؤسسة تعليمية، تسلم له كل ممتلكاتها ووثائقها، بطريقة رسمية تحيل المسؤولية من المسؤول السابق- إن كانت المؤسسة قديمة- إلى المسؤول الجديد، أو تنشئ مسؤولية جديدة عليه إن كانت المؤسسة محدثة.
وكيفما كان الحال، فإن عملية التسليم تتم بواسطة محضر ينبغي أن يوقع من لدن :
§ المسؤول القديم
§ المسؤول الجديد
§ ممثل الإدارة المشرفة
أما إذا كان الأمر يتعلق بمؤسسة محدثة، حيث لا وجود لمسؤول قديم، فتسلم المدير بحضور لجنة خاصة.
أولا – اعداد المحضر
ينبغي أن يشتمل محضر تسليم المهام على المعلومات التالية :
التاريخ، المؤسسة، البلدة، ممثل المصلحة المشرفة، اسم ورقم تأجير كل من المسؤول الجديد والقديم، أسماء باقي الحاضرين، وأرقام تأجيرهم ووظفائهم.
ب-الأطر العاملة بالمؤسسة، وملفاتها أو أوراقها الشخصية.
ج- التلاميذ : هيكل المؤسسة (الخريطة المدرسية)، لوائح التلاميذ بجميع الأقسام، وملفاتهم وأوراقهم الشخصية وسجلاتهم.
د-التجهيز العام : حالة البنايات، الأثاث المدرسي، تجهيز المكاتب، الوسائل الديداكتيكية، الخزانة المدرسية، السكنى، تجهيزات المطعم، أشياء مختلفة.
هـ- الوثائق الإدارية : المستندات، المذكرات، المناشير، السجلات، الدفاتر، الملفات، اللوائح، محاضر الاجتماعات، محاضر الامتحانات، مطبوعات متنوعة.
و- الوضعية التربوية: التنظيم التربوي، المناهج التعليمية، مطبوعات تربوية، مشاكل ومشاريع.
ز- الحالة المادية : الاعتمادات، الديون، المطعم وموارده، المستفيدون منه.
ح- الشؤون الاجتماعية : جمعية آباء وأولياء التلاميذ، جمعيات أخرى، أنشطة تعاونية…
ط- التصريحات والتحفظات من طرف المسؤول السابق والمسؤول الجديد.
ي- خاتمة : قد يشار فيما إلى الطابع الذي ساد عملية تسليم المهام، أو ارتسامات أعضاء اللجنة، أو غير ذلك.
ثانيا-إجراءات عملية :
تختلف إجراءات تسليم المهام حسبما إذا كانت المؤسسة جديدة- محدثة ستستعمل لأول مرة أو قديمة.
المؤسسة المحدثة ( الجديدة) :
o على الموظف المسندة إليه أن يزورها قصد التعرف على موقعها ومرافقها الأساسية، والمرحة الإنجازية التي وصلت إليها على مستوى البناء والتجهيز…
o الاتصال بالنيابة لتحديد موعد التسليم الرسمي.
o معاينة جميع ممتلكات المؤسسة والتعرف على حالتها ومدى تمام انجازها.
o إن توقيع محضر التسليم رهين بإتمام جميع الأشغال بالكم والكيف والنوع الموجود في دفتر التحملات، علما أن كلا من المقاول والمزود … لن يتم توصله بالمبالغ المالية المتبقية إلا بتوقيع محضر التسليم.
ب- المؤسسة القديمة :
1- التحضير :
يعد المسؤول القديم الوثائق التالية :
قوائم بالأطر التربوية والإدارية بالمؤسسة حسب تصنيفاتها وملفاتها . – لوائح بممتلكات الخزانة.- قوائم التلاميذ أو الطلبة حسب التصنيفات التي ينتمون إليها. – سجلات الصادرات والواردات. – جداول الحصص واستعمالات الزمان. – دفاتر ومستندات وسجلات الاقتصاد، مثل مراجعة سجل الممتلكات والتجهيزات، وصولات الأداءات والحساب الجاري للمؤسسة، ديونها، ودائعها …- ملفات الأنشطة الاجتماعية والأعمال الموازية. – الخ …
2- التسليم :
– زيارة المؤسسة من لدن لجنة تتألف من المسؤول الحالي (القديم)، والمسؤول الجديد، وممثل الإدارة المشرفة بجميع مرافقها وتجهيزاتها والاطلاع على حالتها، لوصفها والتعليق عليها في المحضر.
وضع خط فاصل بارز في السجلات والقوائم والجداول والملفات القابلة للإضافة، وتأريخها ، وتوقيعها من لدن جميع الأطراف والأشخاص الحاضرين.
إعداد المحضر من لدن أحد المسؤولين أو تكليف شخص آخر بذلك، ثم توقيعه كذلك.
يمكن للمسؤول الجديد أن يسير في توقيعه إلى أنه يوقع مع التحفظات.
يعد المحضر في خمس نسخ على الأقل توزع على الجهات التالية : الوزارة، الأكاديمية، النيابة، المدير القديم، المدير الجديد.
3- المراجعة :
يعتبر محضر تسليم المهام مبدئيا بمثابة اعتراف وإشهاد بكل ما يتضمنه من إحصائيات وأرقام وملاحظات وإشارات. رغم ذلك فإنه أمام المسؤول الجديد فرصة ثلاثة أشهر وقد تصل إلى ستة أشهر، عند الاقتضاء، للقيام بالإحصائيات اللازمة والتأكد من المعطيات والأرقام الواردة في المحضر، وبالتالي إعداد جداول ووثائق مقارنة، التي يمكن على إثرها القيام ببحث لجنة مختصة.
عن” التشريع الإداري و التسيير التربوي”
للأستاذ ين:ادريس قاسمي و محمد المير
تقنيات المقابلة :
تقديم :
تعتبر المقابلة بالنسبة للمشغل الفرصة الأخيرة والحاسمة قبل الاختيار النهائي. والمقابلة أنواع وأشكال متنوعة، إلا أن المقابلة التي يتم من خلالها انتقاء الأطر التي تستند إليها مناصب الإدارة التربوية، لا تخرج عن شكل المقابلة الكلاسيكية أي المترشح في مواجهة لجنة من ثلاث إلى خمسة أعضاء. قد يتحدث واحد منهم والآخرون ملاحظون، وقد يتناوبون على الكلمة حسب المحاور التي سيختبر فيها المترشح.
ومما لاشك فيه أن المقابلة تثير الكثير من المخاوف لدى المترشحين. وهذا التخوف نابع من جهة، من كون المقابلات شيء جديد لم يتم اعتمادها في انتقاء أطر الإدارة التربوية إلا في السنوات الأخيرة وبالتالي فالمترشح ليست له أدنى فكرة عن الأشخاص الذين سيقابلهم، ولا عن الظروف الذاتية والموضوعية المحيطة بالمقابلة، وليست له أكيد تجارب سابقة لأنه كما يعلم الجميع، باستثناء الاختيارات الشفوية في الكليات، فالمقابلات الشخصية وجها لوجه، لم تكن يوما آلية من آليات التقييم في مدارسنا، بل أن البرامج الدراسية ليس فيها ما يذكر عن تقنيات المقابلة.
أهمية المقابلة :
يقول بيير سميت : “أن جمع معلومات إضافية عن المرشحين هو أمر يستحق العناء وذلك للتأكد من أن عملية الاختيار قد اكتملت وبأنها تتسم بالموضوعية إلى أبعد حد ممكن، وفي كثير من الأحيان يبقى كل هذا البحث والتنقيب غير كاف ولا بد من إجراء مقابلة”.
تعتبر المقابلة من ؟أهم مراحل تدبير الموارد البشرية في منظمة من المنظمات، بحيث يتم اعتمادها من منطلق ضرورة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب. وهناك بالضرورة إجراءات تسبق المقابلة وأخرى تليها. فمن أهم الإجراءات التي تسبقها هناك ما يسمى ب ” التوصيف الوظيفي”. وهي مرحلة يتم خلالها تحليل الوظيفة ومعرفة المهام والمسؤوليات المكونة لها، واستنتاج مواصفات من سيشغلها. إذن، فتوصيف الوظيفة وتحديد معالمها، أساس لوضع نظام تقييم سليم ومعايير موضوعية لانتقاء وتعيين الأشخاص في الوظائف.و على هذا الأساس فاللجنة التي سيعهد لها بمهمة انتقاء الأشخاص المناسبين ستنطلق من مرجعية واضحة ومعايير دقيقة قبل الاختيار النهائي.
كيف تستعد للمقابلة؟:
أخي المترشح :
أنت لا شك في وضع لا يسمح لكل بمعرفة ظروف المقابلة، ولا الأشخاص الذين سيكونون في مواجهتك، ولا كيف ستكون ردود أفعالهم، ولا أنواع الأسئلة التي يمكن أن تطرح عليك. ربما ترجح أنه من الأحسن عدم الاكتراث بكل هذه الجزئيات، والذهاب إلى المقابلة “هكذا”، أي أن تكون طبيعيا وتتصرف حسب ما تمليه عليك الظروف يومها.
إذا تم استدعاؤك للمقابلة، فهذا في حد ذاته شيء ايجابي، وخطوة نحو الظفر بالمنصب، ولكن الجولة لم تحسم بعد، فهناك مترشحون آخرون لهم نفس الطموح، ولازالوا داخل دائرة المنافسة. فكيف ستبرز تفوقك وتميزك؟
ماذا ينتظر مني أعضاء اللجنة؟ :
يجب أن تعرف أن المقابلة بالنسبة للجنة فرصة لاستكمال البحث حول المترشح، إذ لا تكفي المعلومات المدونة في نهج السيرة لإصدار القرار النهائي، فالمقابلة تفسح المجال للجنة للتعرف أكثر عن الشخصية في كل أبعادها، الحس-حركية والمعرفية والوجدانية والإنسانية والأخلاقية.
فاللجنة تريد أن تجد فيك شخصا مسؤولا، ومدركا لجسامة المسؤولية، وشخصا مسلحا بكل ما يستلزمه الاضطلاع بمهام الإدارة التربوية من معارف، ومؤهلات وخبرات، وبكل ما يتطلبه دوره القيادي من سمات أخلاقية وإنسانية، وبكل ما يستدعيه التدبير والتسيير الناجحين من قدرة على الخلق والابتكار، ومواجهة الصعوبات، واتخاذ القرارات بالحكمة والسرعة اللازمتين.
كيف أكون متميزا أثناء المقابلة؟ :
ينصحك الخبراء بجمع كل المعطيات حول المنصب الذي تترشح لشغله- انظر البطاقة التوجيهية للترشيح لشغل مناصب الإدارة التربوية- كن مستعدا لتقديم أجوبة دقيقة وواضحة حول كل المحاور المدرجة في البطاقة التوجيهية.
كن هادئا وواثقا من نفسك، لبقا في تدخلاتك، فهذه كلها صفات محمودة في القيادي.
ما هي الأخطاء التي يجب تفاديها ؟:
قد يخوض أحد أعضاء اللجنة في مناقشة أمور معينة قد لا تروق لك، فلا تتصرف برعونة ولا تفقد أعصابك فتحكم عليك اللجنة حكما قاسيا. تعامل مع كل الأسئلة بحكمة العقلاء، وكن ودودا، مبتسما حتى في أصعب المواقف. واعلم أنهم، لا يختبرون فقط معارفك وقدراتك، بل يختبرون كذلك أدق تفاصيل شخصيتك.
تجنب سرد تفاصيل حياتك الشخصية أو اكراهاتك العائلية.
تجنب أن تكون سلبيا اتجاه عملك السابق أو رؤسائك السابقين، واستحضار الصراعات وخيبات الامل، والانتقادات.
لا تتقدم بمظهر غير لائق يوحي بإهمالك أو لباس قد لا تكون مرتاحا فيه.
تجنب ترك الأمور المتعلقة بالاستعداد إلى آخر لحظة، مما قد ينتج عنه نسيان بعض الوثائق…
تجنب إعطاء أجوبة غامضة، أو التحدث بطريقة احترازية….
لا تقاطع تدخلات أعضاء اللجنة،
لا تلفت انتباه اللجنة لنقط ضعفك.
لا تجلس حتى يؤذن لك.
لا تترهل ولا تتململ فوق الكرسي.
لا تحلف
كيف أهيئ نفسي للمقابلة؟ :
إجراءات قبل المقابلة:
§ قبل موعد المقابلة بأسبوع، خطط لرحلتك إذا كانت المسافة طويلة، تأكد من الوقت الذي تستغرقه الرحلة، والوسيلة الأكثر سلامة وراحة، أعط نفسك متسعا من الوقت للوصول.
§ فكر مليا بالملابس التي سترتديها. لست في حاجة لشراء ملابس جديدة، فالملابس النظيفة المرتبة ستفي بالغرض.
§ هيئ كل الوثائق التي يمكن أن تطلبها منك اللجنة، ولتكن نسخا نظيفة، وتدرب على الإجابة على الأسئلة التي قد تطرح عليك، سجل براهينك وحججك لكي تكون محضرة ذهنيا أثناء إجابتكم.
§ ليلة المقابلة عليك النوم باكرا، فالنوم الكافي مفيد للذاكرة، وصبيحة يوم المقابلة قم ببعض التمارين الخفيفة ولو داخل غرفتك، قصد تخفيف الضغط النفسي.
§ قبل الدخول إلى القاعة التي ستجرى فيها المقابلة، ستظهر عليك بعض الأعراض الجانبية، كسرعة خفقان القلب، واضطراب المعدة، وارتجاف الأطراف، لا تنزعج فتلك ردات فعل فيزيولوجية عادة ما تقع في الاختبارات والتحديات، لا تهتم ولا تدعها تؤثر عليك، بل حاول تجاوز ذلك بالحديث مع بعض المترشحين الآخرين في قاعة الانتظار.
اجرءات اثناء المقابلة :
§ عند دخولك، ابد واثقا وقبل جلوسك سلم على أعضاء اللجنة، وعرفهم بنفسك. ولا تجلس حتى يأذنوا لك بذلك.
§ عند الإجابة تجنب نعم ولا، ولتكن الإجابة أكثر شمولا مشفوعة بأمثلة، وكن صادقا في حديثك عن معارفك ومهاراتك وانجازاتك، وإذا لم تفهم السؤال فلا تتردد في الاستفسار. تكلم بوضوح وتلقائية.
§ أنصت جيدا ولا تقاطع، لا تنس أن أعضاء اللجنة يحبون الأشخاص الذين ينصتون، ويوجزون ما يجب ايجازه، والأشخاص الذين يأتون للمقابلة مستعدين، ويبدون واثقين ونشيطين.
بعض الأسئلة التي تطرح أثناء المقابلات :
E من أنت؟ تحدث عن نفسك.
E لماذا أنت هنا؟
E لماذا تريد ترك عملك السابق؟
E لماذا اخترت الإدارة التربوية؟
E ماذا تعرف عن هذه المهمة؟
E ما المطلوب في الإداري الناجح؟
E ما هي القيمة المضافة التي ستأتي بها للمؤسسة؟
E ما هي مؤهلاتك؟
E ما هي هواياتك؟
E كيف يمكنك مجارات الناس من حولك؟
E ما هي الصعوبات التي واجهتك مؤخرا؟ وكيف تجاوزتها؟
E متى كانت آخر مرة فقدت فيها أعصابك؟
E ماهي التجارب التي كان لها الأثر على شخصيتك؟
E ما رأيك في التسلسل الإداري؟
E ماذا كنت تحب في عملك السابق؟ ماذا كنت تكره فيه؟
E ما هو تقييمك لشخصك؟
E ما هي الأشياء التي تجعلك أكثر فخرا في مسارك المهني؟
E ما هي نقط قوتك؟ ونقط ضعفك؟
E إلا ترى أنك صغير السن للقيام بهذه المهمة؟
E إلا ترى أنك متقدم في السن للقيام بهذه المهمة؟
E إلا تخشى أن تندم يوما على هذا الاختيار؟
E ما عنوان الكتاب أو الكتب التي قرأتها مؤخرا؟
E لماذا تعتبرها جيدة؟
E ما هي فلسفتك القيادية؟ أو أسلوبك في القيادة؟
E من الشخص الذي تحترمه في مؤسستكم أكثر من غيره؟
E ما هي أهدافك وخططك على المدى البعيد؟
E ما الأمور التي كانت تزعجك في عملك السابق؟
E ما مستويات الإحساس بالمسؤولية والأمانة في مؤسستكم؟
E هل لديك عيوب تخفيها عنا؟
خاتمة:
المهم في المقابلة – كما يقول الخبراء- أن تستمع جيدا، وتترك لنفسك وقتا للتفكير قبل الإجابة، ولتكن إجاباتك مباشرة وصادقة وواضحة، تكلم بصوت واضح، وكن واثق بنفسك، ودودا في معاملتك، مهذبا في حركاتك وسكناتك.
ولو اقتديت بهذا كله ستكون إنشاء الله من المتفوقين، إن لم يكن هناك من هو أجدر منك.
الفهرست
المحور الأول : الإطار النظري للإدارة التربوية.
1-الإدارة التربوية :
1-1-مفهوم الإدارة :
2-1-مفهوم الإدارة التربوية :
2- مفهوم الإدارة التربوية :
2-1-مفهوم التنظيم :
2-2-نظريات التنظيم :
2-1-2- النظرية الكلاسيكية :
2-2-2- نظرية العلاقات الإنسانية : ( المدرسة السلوكية)
2.2.3- نظرية النظم :
3- النظرية في الإدارة التربوية:
3.1 – مفهوم النظرية :
3.2 – مفهوم النظرية الإدارية :
3.3- نماذج من النظريات الإدارية المعاصرة :
3.3.1- نظرية x (النمط الإداري السلطوي) :
3.3.2- نظرية Y (النمط الإداري التشاركي)
3.3.3- نظرية Z : النمط الإداري الياباني.
3.3.5 – نظرية النظم :
4- أنواع القيادات الإدارية :
4.1- القيادة القائمة على السلطة الرسمية : (القيادة الدكتاتورية)
4.2- القيادة القائمة على العلاقات الإنسانية: (القيادة الديمقراطية)
4.3- القيادة القائمة على الوظيفة : ( القيادة الآلية).
6- مواصفات القيادة الناجحة :
6- معاير انتقاء القيادات :
6.1- الطريقة القديمة والتقليدية :
6.2- الانتخاب :
المحور الثاني:مظاهر الإصلاح في الإدارة التربوية
1- الواقع والمنطلقات :
2 –الإطار المؤسساتي للإدارة العمومية :
3- سياقات الارتقاء بالإدارة التربوية :
3.1- رهانات الإدارة التربوية :
3- خطة الارتقاء بالإدارة التربوية :
3.1- تحسين الوضع القائم :
3.2- تأهل وتأهيل الإدارة التربوية :
3.3- تثمين الإدارة التربوية :
3.4- إرساء وإعمال مشروع المؤسسة :
3.6- إرساء وإعمال مشروع الحوض المدرسي :
3.7- اللامركزية واللاتمركز في التسيير والتدبير :
المحور الثالث: -الإدارة التربوية : المهام والأدوار والوظائف :
1- تركيبة الإدارة التربوية :
2- مهام الإدارة التربوية :
3 – الأدوار الجديدة لمدير المؤسسة التربوية :
1-3- المدير كمدبر :
2-3- المدير كمشرف تربوي :
3-3- المدير كمنشط اجتماعي :
4-المؤسسة التربوية والشراكة :
1-4- مفهوم الشراكة :
2-4- مزايا الشراكة :
3-4- الشراكة والمدرسة :
4-4- شركاء المدرسة :
1-4-4- جمعية الآباء :
2-4-4- الجماعة المحلية :
4-4-4- جمعية قدماء التلاميذ :
5-4-4- الشخصيات المنحدرة من المنطقة :
5- الوظائف الرئيسية للإدارة العمومية:
6- تنظيم الاجتماعات
7- تنشيط المجموعات
8- مقاربة حل النزاعات
9-التواصل الإداري
المحور الرابع: مظاهر التجديد التربوي في المؤسسة التعليمية 1- الحياة المدرسية :
1-1- مفهوم الحياة المدرسية :
2-1- مرتكزات الحياة المدرسية :
3-1- غايات الحياة المدرسية :
4-1- تفعيل الحياة المدرسية :
5-1- معيقات الحياة المدرسية:
2-مشروع المؤسسة :
1-2- مواصفات مشروع المؤسسة:
2-2- مراحل انجاز المشروع :
3- مشروع الحوض المدرسي :
خاتمة:
ملحق
تسليم المهام:
تقنيات المقابلة :
0 تعليقات