الكلمة الافتتاحية
للسيد رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي
بمناسبة الندوة الدولية حول
تقييم البحث العلمي: الرهانات والمنهجيات والأدوات
الأربعاء 6 والخميس 7 نونبر 2017 بمقر المجلس
السيدات والسادة،
يطيب لي، في هذا اليوم، أن أفتتح أشغال الندوة الدولية حول تقييم البحث العلمي: الرهانات والمنهجيات والأدوات. كما يسعدني أن أعبر لكم عن خالص تشكراتي لقبولكم دعوتنا للمشاركة في هذه الندوة والمساهمة في التفكير حول تقييم البحث العلمي.
كما أود أن أشكر مدعوينا من خارج الوطن على تلبيتهم الدعوة وحضورهم معنا هذا اليوم.
إن تنظيم هذه الندوة الدولية يندرج في الرغبة القوية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، في فتح باب التفكير والنقاش حول التقييم ورهاناته ومنهجياته وممارساته لأن تقييم السياسات العمومية في مجال التربية والتكوين والبحث العلمي، من المهام الرئيسية المنوطة بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي من خلال الهيئة الوطنية لتقييم التربية والتكوين والبحث العلمي.
إن الهدف الأساسي، من هذه الندوة، هو تعميق التفكير حول التوجهات التي يجب أن نمنحها لتقييم البحث العلمي والمناهج التي يجب تبنيها، بالإضافة إلى الوقوف على الممارسات الجيدة في هذا المجال.
ونحن واعون كل الوعي بأهمية البحث العلمي في تنمية البلاد وفي مواكبة التحولات التي تحدث على المستوى الوطني والعالمي، ومقتنعون بالدور المحوري الذي يلعبه التقييم في تحسين المنظومة الجامعية وبنيات البحث وفي إنتاجها العلمي.
لقد وضع المجلس الأعلى للتربية والتكوين رؤية استراتيجية 2015-2030، توضح التوجهات الاستراتيجية لمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وتتلخص هذه الرؤية في مجموعة من التوصيات على بلدنا إنجازها في أفق 2030، و تهدف من بين ما تهدف إليه، تطوير البحث العلمي ببلادنا مع منح مكانة رئيسية لتقييمه بشكل دوري ومنتظم حتى نضمن إصلاحه وتطويره. وتدعو إحدى تلك التوصيات إلى "...وضع نظام للحكامة والتدبير المعقلن بمؤشرات مضبوطة لتتبع وتقييم البحث العلمي والتقني والابتكار."
يعتبر المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي مؤسسة دستورية استشارية مكلفة بإبداء الرأي والاقتراحات والتوصيات الاستراتيجية التي تهم مجالات التربية والتكوين والبحث العلمي. وتتمثل مهمته في إصدار أراء وإنجاز دراسات والقيام بتقييمات لكل أو لجزء من منظومة التربية والتكوين بالإضافة إلى تقييم السياسات العمومية في هذا المجال. كما ينفرد المجلس بتوفره على جهاز الهيئة الوطنية للتقييم المكلفة بتصور وإنجاز تلك التقييمات. وبذلك يكون المغرب متميزا بتوفره على هذا الهيئة المؤسساتية المتفردة والتي تستهدف أساسا منظومة التربية والتكوين في مجملها وبكل مكوناتها.
في هذا الإطار، تضطلع الهيئة بمهمة تقييم البحث العلمي إلى جانب أبعاد أخرى ترتبط بمنظومة التربية والتكوين، فهي تقوم بتقييمات شمولية أو قطاعية أو موضوعاتية لمنظومة التعليم العالي وتكوين الأطر بالإضافة إلى السياسات العمومية في مجال البحث. وتتجلى مهمتها كذلك في تقييم الفعالية البيداغوجية والمالية بالمقارنة مع الأهداف المحددة من طرف السلطات العمومية، بالإضافة لتقييم المردودية الداخلية والخارجية لمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.
وإذا كان على الهيئة الوطنية للتقييم أن تطور أدوات التقييم لأجل القيام بمهمتها على أحسن وجه، وبالتالي النهوض بمنظومة البحث، فإنه يتوجب عليها الاستفادة من التجارب الدولية، لكي تساهم في التفكير حول المعايير والمؤشرات الدولية المعتمدة في تقييم أنظمة البحث.
وقد تأكد أن تقييم البحث أصبح وسيلة ضرورية لضمان الحكامة الجيدة والمساعدة على اتخاد القرار في السياسات العمومية المتعلقة بالبحث العلمي والتقني، كما أصبح من جهة أخرى، مع مرور الزمن، حقلا معرفيا خاصا وجب التمكن منه ليكون في خدمة النهوض بالبحث.
فالمجلس الأعلى للتربية والتكوين، من خلال الهيئة الوطنية للتقييم، يعمل على وضع تصور لتقييم البحث العلمي مع التركيز على المناهج والأدوات الملائمة والناجعة لذلك ، بغرض تقديم التوصيات التي من شأنها أن ترفع من مستوى البحث الوطني وتزيد من فعاليته ومن تأثيره على النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية.
وانطلاقا إذن، من هذا الإطار المؤسساتي، جاء تنظيم هذه الندوة الدولية لتزويدنا بالمقاربات والأدوات المناسبة لممارسة التقييم، وهي مناسبة جيدة لمناقشة الطرق الناجعة لتقييم البحث.
نسعى أن تكون هذه الندوة فضاءا لتبادل الأفكار حول رهانات ومناهج وأدوات تقييم البحث العلمي، باعتبار أن موضوع التقييم يعرف تطورا مستمرا على مستوى المعارف وتعددا في المناهج. إننا نتوخى الاستفادة من التجارب الوطنية والدولية في هذا المجال مع التفكير في أهميته وفائدته ومداه وحدوده. كما تعد هذه الندوة أيضا، فرصة لربط علاقات التعاون مع الخبراء والباحثين والمؤسسات المتخصصة في تقييم البحث العلمي.
وغني عن القول إننا لا نقوم بالتقييم لأجل التقييم، بل نقوم بذلك لتمكين البحث العلمي من المساهمة في تطوير بلادنا في وقت نحن مدعوون فيه من طرف أعلى سلطة بالبلاد، للقيام بوقفة للتفكير في نموذجنا التنموي لأجل تكييفه مع حاجيات وتطلعات المواطنين. وسيساهم هذا التفكير دون شك في توفير تنمية عادلة ومستدامة ستعطي للمعرفة وللعلم وللتكنولوجيا وللبحث العلمي المكانة التي تستحقها.إن نموذجنا التنموي رهين بالعمل على تحويل اقتصادنا إلى اقتصاد للمعرفة، وإلى اقتصاد أخضر، وإلى اقتصاد مواطن وكذا إلى اقتصاد دامج (inclusif). وبالتالي فإن الرهان هو مواءمة البحث العلمي والابتكار مع جميع هذه الأبعاد، بغاية الوصول إلى الحلول الفعلية والتطورات الضرورية لهذا التحول في توافق تام مع أهداف الجهوية المتقدمة كتوجه استراتيجي لبلادنا.
كل ذلك يستدعي تتبع وتقييم البحث العلمي بمناهج مناسبة من أجل وضع التوجيهات الناجعة والملائمة لأنشطته، وترشيد موارده، وتبني سياسات منسجمة حتى يؤدي البحث العلمي دوره كاملا باعتباره رافعة أساسية للبلدان النامية كبلدنا.
إن نقاشاتكم وأفكاركم ومشاركاتكم واقتراحاتكم، أيها السيدات والسادة المشاركات والمشاركون، ستكون، دون أدنى شك، ذات أهمية كبيرة لنا، لوضع تصور ملائم لمشروع التقييم القطاعي للبحث العلمي والتقني ببلادنا.
أجدد شكري الخالص لكم جميعا، وأتمنى التوفيق والنجاح لأشغال هذه الندوة الدولية.
0 تعليقات